الدرس 294: زكاة الخارج من الأرض

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 25 ربيع الأول 1438هـ | عدد الزيارات: 1601 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الخارج من الأرض يشمل الحبوب والمعدن، والركاز

الحبوب والثمار

تجب الزكاة في الحبوب كلها وفي كل ثمر يكال ويدخر، ويعتبر لوجوبها في الحبوب والثمار شرطان

أحدهما: أن تبلغ نصاباً قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم

الثاني: أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة ويجب العشر فيما سقي بغير مؤونة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه

قلت: السيوح: الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض

ونصف العشر فيما سقي بكلفة؛ كالمكائن، فإن كان يسقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر الأكثر، فإن جهل المقدار وجب العشر، وإذا اشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة، ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين، فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة، سواء خرصت أو لم تخرص، ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا، وينبغي أن يبعث الإمام ساعيا إذا بدا صلاح الثمر، فيخرصه عليهم ليتصرفوا فيه، فإن كان أنواعاً خرص كل نوع وحده، وإن كان نوعاً واحدا خرص كل شجرة وحدها، وله خرص الجميع دفعة واحدة، ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث، أو الربع، فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بعد ذلك ولا يحسب عليه، ولا تجب الزكاة في الخضروات، والأصل في ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) البقرة: 267، وقال تعالى (وَءاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الأنعام: 141، قال ابن عباس وغيره حقه الزكاة المفروضة

وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) متفق عليه ولمسلم (ليس فيما دون خمسة أوساق من ثمر ولا حب صدقة) وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر) رواه البخاري

قلت: عثرياً: الزرع الذي لا يسقيه إلا ماء المطر

والنضح: السقي من ماء بئر أو نهر ببعير أو بقرة يسمى ناضحا

ولمسلم من حديث جابر (وفيما سقي بالسانية نصف العشر) وعن عتاب بن أسيد رضي الله عنه قال (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً) رواه الخمسة

وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع) رواه أبو داود

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس في الخضروات صدقة) رواه الترمذي

وأما النقدان فالذهب والفضة

ولا تجب الزكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا، فيجب فيه نصف مثقال، ولا يجب في الفضة حتى تبلغ مئتي درهم، ومقدارها بالمثاقيل مئة وأربعون مثقالا فيجب فيها خمسة دراهم

والأصل في ذلك قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) التوبة: 34-35

وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) متفق عليه وعن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهما وليس في تسعين ومئة شيء فإذا بلغت مئتين ففيهما خمسة دراهم) رواه أحمد

وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا كانت لك مئتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار) رواه أبو داود

قلت: لمعرفة النصاب: اضرب 85 في سعر الجرام في السوق فإذا كان سعر جرام الذهب في السوق اليوم مثلاً 100 ريال سيكون النصاب 8500 ريال

أما الفضة: اضرب 595 في سعر جرام الفضة، فإذا كان سعره اليوم 4 ريال سيكون نصاب الفضة 2380 ريال

أما الريال السعودي فنأخذ بأقل النقدين لصالح الفقير وهو الفضة فإذا كان لديك 2380 ريال سعودي وحال عليها الحول ففيها زكاة وهو ربع العشر، اقسم المبلغ على 40 ويكون هو مقدار الزكاة

ويجب في الركاز الخمس؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه (وفي الركاز الخمس) متفق عليه. والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية عليه علامتهم

وأما عروض التجارة فما أعد لبيع وشراء من صنوف الأموال، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة، وملكها بفعله بنية التجارة بها، وتقوم عند الحول بما هو أحظ للفقراء والمساكين من ذهب أو فضة

قلت: الأحظ للفقراء والمساكين هو الأقل سعراً ليبلغ نصاباً وهوالفضة، إذ سعرها من أربع إلى خمس ريالات سعودية منذ زمن، أما الذهب فسعره مرتفع فنقوم المبلغ بسعر الفضة كما أوضحت ذلك سابقاً

والأصل في ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) البقرة: 267، يعني بالتجارة، قاله مجاهد وغيره. وقال البيضاوي وغيره أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الزكاة المفروضة

وقوله تعالى (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) المعرج: 24، والتجارة داخلة في عموم الأموال ففيها حق مقدر بينه صلى الله عليه وسلم وهو ربع العشر، ومال التجارة أهم الأموال، فكانت أولى بالدخول في الآية من سائر الأموال

وعن سَمُرة بن جندب رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع) رواه أبو داود

وقال عمر لحماس: (أد زكاة مالك، فقال: ما لي إلا جعاب وأدم. فقال: قومها وأد زكاتها) أخرجه البخاري ومسلم

وللبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) قال النووي وغيره هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها

ثالثاً: وجوب الزكاة

لا تجب إلا بشروط خمسة: الإسلام، والحرية، وملك نصاب، وتمام الملك، ومضي الحول، إلا في الخارج من الأرض فكما سبق ذكره، وكذلك نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إذا بلغ نصاباً، وإن لم يكن نصاباً فحوله يبتديء من حين يتم نصاباً

رابعاً: المصارف

مصارف الزكاة ثمانية أصناف، ذكرها الله تعالى بقوله (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة: 60

الزكاة ركن من أركان الإسلام، فمن تركها جحداً لوجوبها يبين له حكمها، فإن أصر كفر، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، أما إن كان تركها بخلاً وهو يؤمن بوجوبها فهو عاص معصية كبيرة وفاسق بذلك ولكن لا يكفر، يغسل ويصلى عليه إذا مات على هذه الحال، وأمره إلى الله يوم القيامة

والحكمة من شرط أن يحول الحول في الزكاة الرفق بأصحاب الأموال ورحمتهم والإحسان إليهم؛ لأن الزكاة لو وجبت عليهم في أقل من الحول لربما شق عليهم ذلك، ولم يقابل من الزكاة ما يحصل في الأموال من الربح

ويبدأ حول الزكاة بالنسبة لمال المتوفى من يوم وفاته، أما الثلث الذي أوصى به المتوفى فلا زكاة فيه

والدين لا يمنع الزكاة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يرسل عماله لقبض الزكاة وخراصه لخرص الثمار، ولم يقل لهم انظروا هل أهلها مدينون أم لا

من كان له على مليء دين يبلغ النصاب أو يكمل بلوغ نصاب عنده فتجب فيه الزكاة، ويزكيه إذا قبضه لما مضى عليه، سواء كان ذلك سنة أو أكثر وإن زكاه قبل قبضه فحسن، وإن كان على غير مليء فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة، وإن مضى عليه أكثر من سنة، وهذا رواية عن الإمام أحمد ، وهو قول مالك ، وأفتى به الشيخ عبد الرحمن بن حسن وقال وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/3/25 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي