الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛
قوله:" وتصح الرجعة ".
يصح أن يراجع الإنسان مطلقته التي له الرجعة عليها وهو محرم إذ تصح الرجعة.
مثال ذلك: رجل أحرم بعمرة أو حج وكان قد طلق زوجته طلاقاً رجعياً فأراد أن يراجعها فلا حرج وتصح الرجعة وتباح أيضاً وهذا هو المذهب فهنا فرق بين ابتداء النكاح وبين استدامة النكاح لأن الرجعة لا تسم عقداً وإنما هي رجوع ولأن الاستدامة أقوى من الابتداء أرأيتم الطيب يجوز للمحرم عند عقد الإحرام أن يتطيب فيحرم والطيب في مفارقه لكن لو أراد أن يبتدئ الطيب فلا يجوز لأن الاستدامة أقوى من الابتداء
وهنا حصل لنا فرعان على هذه القاعدة في محظورات الإحرام
الفرع الأول: الطيب يستديمه ولا يبتدئه
الفرع الثاني: النكاح يستديمه ولا يبتدئه.
قوله:"وإن جامع المحرم قبل التحلل الأول ... ".
ومن محظورات الإحرام الجماع وهو أشدها إثماً وأعظمها أثراً في النسك.
ويحصل الجماع بإيلاج الحشفة في قبل أو دبر وهو محرم بنص القرآن قال تعالى :" فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق . (لبقرة آية 197)، فسره ابن عباس رضي الله عنهما بالجماع.
والجماع له حالان:
الحال الأول: أن يكون قبل التحلل الأول.
الحال الثاني: أن يكون بعد التحلل الأول.
والتحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة مع الحلق أو التقصير فإذا حلق أو قصر مع الرمي فقد حل التحلل الأول.
والتحلل الثاني يكون إضافة إلى الرمي والحلق أو التقصير الطواف والسعي إن كان متمتعاً أو كان مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم فصار التحلل الأول يحصل بالرمي والحلق أو التقصير، والثاني بالرمي والحلق أو التقصير والطواف والسعي.
وأما ذبح الهدي فلا علاقة له بالتحلل فيمكن أن تتحلل التحلل كله وأنت لم تذبح الهدي.
قوله:"وإن جامع المحرم قبل التحلل الأول فسد نسكهما ويمضيان فيه ويقضيانه ثاني عام".
وإن جامع المحرم قبل التحلل الأول فسد نسكهما ويمضيان فيه ويقضيانه ثاني عام مع الإثم والفدية وهي بدنه فصار الجماع قبل التحلل الأول يترتب عليه خمسة أمور.
أولاً: الإثم
ثانياً: فساد النسك.
ثالثاً: وجوب المضي فيه.
رابعاً: وجوب القضاء.
خامساً: الفدية وهي بدنه تذبح في القضاء.
مثال ذلك: رجل جامع زوجته ليلة مزدلفة في الحج عالماً عامداً لا عذر له نقول ترتب على جماعك خمسة أمور.
أولاً: الإثم فعليك التوبة.
ثانياً: فساد النسك فلا يعتبر هذا النسك صحيحاً
ثالثاً: وجوب المضي فيه فيجب أن تكمله لقوله تعالى :" وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ " (البقرة: 196)
رابعاً: وجوب القضاء من العام القادم بدون تأخير.
خامساً: فدية وهي بدنه.
فأما الإثم فظاهر لأنه عصى الله عز وجل لقوله "فلا رفث" (البقرة: 197) ، وأما فساد النسك فلقضاء الصحابة رضي الله عنهم في ذلك
قال ابن المنذر في الإجماع (ص 144) :" وأجمعوا على أن من جامع عامداً في حجه قبل وقوفه بعرفة أن عليه حجاً قابل"
(مسألة): من جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني فعليه وعلى زوجه إن كانت مطاوعة شاة أو سبع بدنه أو سبع بقرة ومن عجز منهما صام عشرة أيام نص على ذلك الشيخ ابن باز رحمه الله.
وتحرم مباشرة النساء على المحرم ولا تجب فيها البدنه بل فيها ما في بقية المحظورات.
قوله:"وإحرام المرأة كالرجل إلا في اللباس وتجتنب "البرقع" والقفازين وتغطية وجهها ويباح لها التحلي".
وإحرام المرأة كالرجل إلا ما استثني أي أنه يحرم عليها ما يحرم على الرجل ويلزمها من الفدية ما يلزم الرجل إلا في اللباس فليست كالرجل لأن الرجل لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرانس ولا العمائم ولا الخفاف والمرأة تلبس ذلك ولا إثم عليها ولكن عمامتها الخمار.
إذ لا يحرم عليها من اللباس إلا نوع واحد وهو القفازات فإنهما لباس اليدين مع تجنب النقاب والنقاب تستعمله المرأة فتغطي وجهها وتفتح فتحة بقدر العين لتنظر من خلالها.
فالنقاب حرام على المحرمة ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : "... ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ". صحيح البخاري.
إذًا المرأة المحرمة تجتنب لبس القفازين في اليدين وتجتنب أيضاً النقاب وهي محرمة وهو المسمى اليوم بالبرقع.
أما الرجل فقال الفقهاء إن تغطية المحرم وجهه لا بأس به ويحتاجه المحرم كثيراً فقد ينام مثلاً ويضع على وجهه منديلاً أو نحوه عن الذباب أو ما أشبه ذلك.
ويباح للمحرمة التحلي بالحلي المباح لا كل حلي فالحلي التي على صورة حيوان حرام عليها وعلى غيرها فالإحرام لا يمنع المرأة عن التحلي لكن يجب أن تستر الحلي عن الرجال.
وبالله التوفيق
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين