الدرس 92 الجزء الثانلث الإسلام قول وعمل وعقيدة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 22 شعبان 1445هـ | عدد الزيارات: 80 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا وإمامنا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (يوسف 108) الآية.

أوضح سبحانه في هذه الآية الكريمة أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم على الحقيقة والكمال هم الدعاة إلى سبيله على بصيرة، وسبيله هو الإسلام الذي أنكرت على أهله الدعوة إليه. وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل 125) أمر سبحانه في هذه الآية نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى الإسلام وأن يجادل عليه بالتي هي أحسن، وأنت تعلم وهكذا غيرك من القراء أن كل دين وكل مذهب يهمل ولا يدعى إليه ولا تنشر محاسنه بل يغفل عنه وينسى، مصيره إلى الذهاب والزوال، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على رغبة أهله عنه وقلة اكتراثهم به
وقال عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران 110) وقال جل ذكره: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران 104) وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت 33) .

تأملوا أيها القراء هذه الآيات كيف حكم الرب جل وعلا للدعاة إلى الله بالفلاح وأنهم خير الأمم وأنهم لا أحد أحسن قولا منهم.

ثم نتأمل جميعا هل رضي الله سبحانه من أهل الإسلام بمجرد اللفظ أو التسمي بالأسماء الإسلامية أو الانتساب إلى دولة إسلامية، أم طالب المسلمين بالإيمان والعمل اللذين يترتب عليهما الفلاح والخير والسعادة في الدنيا والآخرة؟ ، إن الأمر في غاية الوضوح بل هو أوضح من الشمس في الظهير ولكن الأمر كما قال الله عز وجل: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج 46) .

وأما قول أحد الكتاب (إن الإسلام يتضمن كل هذه الأركان لكنه يتضمنها كقواعد يقوم عليها نظام كامل للحياة، الحياة كلها بكل ما فيها من نشاط وبكل ما فيها من قيم وتصورات، إن الإسلام في صميمه نظام حياة نظام يقوم على تصور خاص للحياة بكل ما فيها من قيم وعلى أساس هذا التصور الصحيح يقوم نظام الحكم ونظام الاقتصاد ونظام التربية ونظام الأخلاق) إلخ. .
فالجواب أن يقال لهذا الكاتب: إذا كان الإسلام دينا يتضمن هذه الأسس ويصلح أن ينظم الحياة في جميع شئونها فكيف تنكر على أهله الدعوة إليه ونشر محاسنه وتقول إن الناس مسلمون ولو باللفظ إذا كان يكفي من الإسلام مجرد اللفظ لم تتحقق هذه المقاصد وهذه الأسس والتي أشرت إليها أخيرا؟ إنه لأمر عجيب وتناقض غريب أو تلبيس وخداع ولماذا لم تذكر أنه دين يترتب عليه صلاح أمر الدنيا والآخرة ويسعد أهله في الدنيا والآخرة وإنما قصرته على هذه الحياة فقط؟ أتظن أن هذا الدين إنما جاء لإصلاح الدنيا فقط وليس له تعلق بالآخرة أم ماذا؟؟ إن المقام واضح لا يحتاج إلى تفصيل وكل من له أدنى علم بالإسلام يعلم أنه نظام صالح شامل لكل ما فيه سعادة البشرية في هذه الدنيا وفي الآخرة، وإنما يجيء الخلل لبعض أهله بسبب جهلهم به أو عدم تطبيقهم لأحكامه، والواقع قديما وحديثا شاهد بذلك لكل من تأمل أحوال المسلمين في صدر الإسلام وفي ما بعد ذلك. فاتق الله أيها الكاتب وحاسب نفسك وتب إلى ربك وارجع عن أخطائك فالرجوع إلى الحق فضيلة. بل واجب لا بد منه وهو خير لك في الدنيا والآخرة من التمادي في الباطل.

وأسأل الله لي ولسائر المسلمين التوفيق لما يرضيه والهداية إلى سبيله إنه خير مسئول وهو المستعان ولا حول ولا قوة إلا به وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم

21 شعبان 1445هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر