الدرس 93 ‌‌ الجزء الثالث نصيحة مهمة عامة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 22 شعبان 1445هـ | عدد الزيارات: 98 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فهذه نصيحة أردت منها التنبيه على بعض الأمور المنكرة التي وقع فيها كثير من الناس جهلا منهم وتلاعبا من الشيطان بأفكارهم وعقولهم واتباعا للهوى من بعض من فعلها.
ومن تلك الأمور ما بلغني أن بعض الناس يدعو إلى عبادة نفسه ويدعي أمورا توهم العامة أن له تصرفا في الكون وأنه يصلح أن يدعى للنفع والضر، وهذا من هؤلاء الضالين تشبه بفرعون وأشباهه من المجرمين الكافرين والله سبحانه هو المستحق للعبادة ولا يستحقها سواه لكمال قدرته وعلمه وغناه عن خلقه. والعبادة لله وحده هي الغاية التي من أجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب وخلق من أجلها الثقلان وقام سوق الجهاد، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات 56)

فعلم أن عبادة غير الله أو عبادة غيره معه من الأنبياء والأولياء والأصنام والأشجار والأحجار شرك بالله عز وجل ينافي توحيده الذي من أجله خلق الله الثقلين وأرسل الرسل وأنزل الكتب لبيانها والدعوة إليها وهذا هو معنى لا إله إلا الله. فإن معناها لا معبود حق إلا الله. فهي تنفي العبادة عن غير الله وتثبتها لله وحده، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (الحج 92) وهذا هو أصل الدين وأساس الملة ولا تصح العبادات إلا بعد صحة هذا الأصل ومن أجل هذا الأمر العظيم أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لبيان التوحيد والدعوة إليه والتحذير من صرف العبادة لغير الله سبحانه كما قال عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل 36) الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وفي الصحيحين «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الذنب أعظم؟ قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك) »

فالله خلق الثقلين لهذا الأمر العظيم وهو توحيده وإفراده بالعبادة ونبذ الشركاء والنظراء والأنداد سبحانه لا إله غيره ولا رب سواه، ومن دعا إلى عبادة نفسه أو زعم أنه يستحق العبادة فإنه كافر يجب أن يدعى إلى التوبة فإن تاب وإلا وجب على ولي الأمر قتله لقول النبي: «من بدل دينه فاقتلوه » رواه البخاري.

ومن الضلال المبين والجهل العظيم تصديق الكهان والعرافين والرمالين والمنجمين والمشعوذين والدجالين بالأخبار عن المغيبات فإن هذا منكر وشعبة من شعب الكفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة » رواه مسلم في صحيحه،

فالواجب على المسلمين الحذر من سؤال الكهنة والعرافين وسائر المشعوذين والمشتغلين بالأخبار عن المغيبات والمتلاعبين بعقول الجهلة والتلبيس على المسلمين. فالأمور الغيبية لا يعلمها إلا الذي يعلم ما تكن الصدور ويعلم الخفايا حتى أنبيائه ورسله وملائكته لا يعلمون شيئا من المغيبات إلا ما أخبرهم به سبحانه قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (النمل 65)

فمن اعتقد أنه يعلم الغيب أو أحدا من المخلوقين فقد أعظم على الله الفرية وأبعد النجعة وضل ضلالا بعيدا وكفر بالله سبحانه، فالأمور المغيبة مما أستأثر الله بعلمه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان 34) ، قال ابن عباس: هذه الخمسة لا يعلمها إلا الله تعالى. ولا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل. فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه فقد كفر بالقرآن لأنه خالفه. ثم إن الأنبياء يعلمون كثيرا من الغيب بتعريف الله تعالى إياهم.

ومن الأمور المنكرة والاعتقاد الفاسد والضلال المبين ما يعتقده بعض المغفلين والجهال في بعض المخرفين والمشركين الضالين المضلين أنهم يشفون المرضى ويدفعون عنهم الضر ويجلبون النفع، نعوذ بالله من العمى والضلال. وهذا ينافي الإيمان بالله وأنه النافع الضار الرازق المحيي المميت المدبر القادر تعالى الله وتقدس عما يقوله الضالون المفترون، قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} (يونس 107) فمن اعتقد أن أحدا ينفعه أو يضره أو يشفيه من دون الله فقد كفر بالله وبكتابه وبملائكته ورسله،

ومن الأمور المنكرة أن بعض من يدعي أنه من بني هاشم يقولون إنه لا يكافئهم أحد فهم لا يزوجون غيرهم ولا يتزوجون من غيرهم، وهذا خطأ عظيم وجهل كبير وظلم للمرأة وتشريع لم يشرعه الله ورسوله قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات 13)

رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه وأعاذنا وإياكم وسائر المسلمين من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
21 شعبان 1445هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر