الدرس 293: الزكاة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 19 ربيع الأول 1438هـ | عدد الزيارات: 1638 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، والأصل في فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب: فمنه قوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) النور: 56، وقوله عز وجل (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) التوبة: 103، وقوله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) التوبة: 34،35

فكل مال زكوي لم تؤد زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة

وأما السنة فالأحاديث الواردة في فرضيتها كثيرة: منها ما ورد في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم، رمضان

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال: أخبرهم وفي لفظ: أعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم رواه البخاري ومسلم

وثبت عن رسول الله قال (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله) متفق على صحته

وأما الإجماع فإن الأمة مجمعة على فرضيتها

ثانيا: الأنصاب ومقدار ما يخرج

تجب الزكاة في بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والنقدين، وعروض التجارة

أما بهيمة الأنعام فهي الإبل والبقر والغنم، ولا تجب إلا في السائمة منها، وهي التي ترعى في أكثر الحول، فالإبل لا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً، فتجب فيها شاة، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض، وهي التي لها سنة، فإن عدمها أجزأه ابن لبون، وهو الذي له سنتان، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حقة، وهي التي لها ثلاث سنين، وفي إحدى وستين جذعة، وهي التي لها أربع سنين، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان، إلى عشرين ومئة، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، فإذا بلغت مئتين اتفق الفرضان؛ فإن شاء أخرج أربع حقاق، وإن شاء خمس بنات لبون، وليس فيما بين الفريضتين شيء، ومن وجب عليه سن فعدمها أخرج السن التي تليها من أسفل ومعها شاتان أو عشرون درهما، وإن شاء أخرج السن التي تليها من أعلى منها وأخذ شاتين أو عشرين درهما من الساعي والأصل في ذلك ما ثبت عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب، لما وجهه إلى البحرين عاملا عليها " بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئل فوقها فلا يعطِ، في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة، إذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة، طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت يعني ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومئة ففيها حقتان، طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة. الحديث رواه البخاري، ورواه مالك وغيره من حفاظ الإسلام واعتمدوه وعدوه من قواعد الإسلام وقالوا: إنه أصل عظيم

وأخرج الدارقطني عن عبيد بن صخر قال: (عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله أهل اليمن أنه ليس في الأوقاص شيء)، وفي السنن نحوه من حديث ابن عباس، والوقص ما بين الفريضتين، كما بين خمس وعشر من الإبل يستعمل فيما لا زكاة فيه كأربع

وأما البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين، فيجب فيها تبيع، أو تبيعة وهي التي لها سنة، وفي أربعين مسنة وهي التي لها سنتان، وفي الستين تبيعان أو تبيعتان، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، والأصل في ذلك حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة) رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه النسائي وابن حبان والحاكم

زاد أبو داود (وليس في العوامل صدقة) صححه الدارقطني، والمعنى ليس في التي يسقى عليها ويحرث عليها وتستعمل في الأثقال زكاة، وظاهر الحديث سواء كانت سائمة أو معلوفة

وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين، فتجب فيها شاة إلى عشرين ومئة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان، إلى مئتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه، في كل مئة شاة: شاة، ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع ولا يؤخذ تيس ولا هرمة ولا ذات عوار: وهي المعيبة ولا الربى وهي التي تربي ولدها، ولا الحامل ولا كرائم المال إلا أن يشاء ربه، والأصل في ذلك ما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في كتاب الصدقات الذي كتبه له أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها (هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ...)، وذكر الإبل، قال (... وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة شاة، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة: شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق) رواه البخاري

ولأبي داود وغيره من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا نعطى الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، ولكن من أوسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خياره، ولم يأمركم بشراره) وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير

وتؤخذ مريضة من مراض إجماعاً، وكذا معيبة من معيبات؛ لأن الزكاة مواساة ودلت الأحاديث أنها تخرج من أوساط المال، لا من خياره، ولا من شراره

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد

1438/3/19 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي