الدرس 135 باب قول الله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف " باب قول الله تعالى : فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ "(البقرة22)

أراد بهذا الباب تحذير الناس من اتخاذ الأنداد ، وهو جمع (ند) وهو المثل والنظير ؛ وسمى الله من اتخذ إلهاً أندادا؛ لأنهم عبدوه مع الله كالقبور والأشجار والكواكب وغيرها ، كلها تسمى أندادا إذا دعاه أواستغاث به أو طلب منه شيئا أو اعتقد نفعه أو ضره.

قوله "وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" أي تعلمون أنه الخلاق الرزاق وهو الإله الحق.

قول المصنف :" وقال ابن عباس في الآية : الأنداد هو الشرك "، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله، وحياتك يا فلان، وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان لا تجعل فيها فلانا، هذا كله به شرك"، رواه ابن أبي حاتم "

ذكر ابن أبي حاتم الرازي في تفسيره الرواية بهذا اللفظ " حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك ابن مخلد: حدثني أبو عمر، حدثني أبو عاصم، أنبأ شبيب بن بشر، ثنا عكرمة، عن ابن عباس في قوله: فلا تجعلوا لله أندادا قال: الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء، في ظلمة الليل. وهو أن يقول: والله، وحياتك يا فلانة، وحياتي. ويقول: لولا كلبه هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص. وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان. لا تجعل فيها فلان، فإن هذا كله به شرك." (ص1/62)

قول ابن عباس : "الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء، في ظلمة الليل"

قوله :"دبيب" أي: أثر دبيب النمل، "على صفاة": هي الصخرة الملساء "سوداء": ليست بيضاء؛ مبالغةً في عدم الرؤيا "في ظلمة الليل": وهذا أبلغ ما يكون في الخفاء.

وقوله: "والله وحياتك يا فلانة": فيها نوعان من الشرك:
الأول: الحلف بغير الله.
الثاني: الإشراك مع الله بقوله: والله وحياتك يافلانة.
فضمُّها إلى الله بالواو المقتضية للتسوية؛ فيه نوعٌ من الشرك.
والقسم بغير الله إن اعتقد الحالف أن المقسم به بمنزلة الله في العظمة فهو شرك أكبر، وإلا فهو شرك أصغر.
وقوله: "وحياتي": فيه حلف بغير الله؛ فهو شرك.
وقوله: "لولا كلبه هذا لأتانا اللصوص": الكلب ينتفع به للصيد وحراسة الماشية، والحرث
فقوله: "لولا كلبه هذا لأتانا اللصوص" يكون فيه شرك إذا نظر إلى السبب دون المسبِّب، وهو الله عز وجل أما الاعتماد على السبب الشرعي، أو الحسي المعلوم فإنه لا بأس به بشرط أن لا يعتقد أن السبب مؤثر بنفسه وأن لا يتناسى المنعم بذلك.
وقوله: "لولا البط في الدار لأتى اللصوص": البط طائر معروف، وإذا دخل اللص البيت وفيه بط، فإنه يصرخ، فينتبه أهل البيت ثم يجتنبه اللصوص

"وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت" فيه شرك؛ لأنه أشرك غير الله مع الله بالواو، فإن اعتقد أنه يساوي الله عز وجل في التدبير والمشيئة فهو شرك أكبر.

قوله:لولا الله وفلان، هذا كله به شرك .

وقوله " وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلفَ بغيرِ اللهِ فقد كفرَ أو أشركَ"، رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم

الحديث صححه الألباني في إرواء الغليل عن ابن عمر رضي الله عنهما .

قوله "فقد كفرَ أو أشركَ" الشك يحتمل أنه من ابن عمر أو أحد الرواة ،والحلف بغير الله شرك أكبر؛ إن اعتقد أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في التعظيم والعظمة، وإلا فهو شرك أصغر. والحلف لا يليق إلا بالله.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/23 هـ