الدرس 89 ‌‌الإسلام هو دين الله ليس له دين سواه

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 17 شعبان 1445هـ | عدد الزيارات: 144 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

إن الصراع بين الإسلام وبين الأديان الباطلة كاليهودية والنصرانية والبوذية وغيرها لم يزل قائما من حين بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فالإسلام يذم اليهود والنصارى ويعيبهم بأعمالهم القبيحة ويصرح بكفرهم تحذيرا للمسلمين منهم كما قال سبحانه: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} (المائد 64) الآية. وقوله عز وجل: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} (آل عمران: 181) الآية، والآيات بعدها، والآيات في ذم اليهود والنصارى والتحذير مما هم عليه من الباطل كثيرة. وقال في حق المشركين كالبوذيين وغيرهم: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (البقرة 221)

والآيات في هذا المعنى كثيرة، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » . متفق عليه، (قلت: ورد في صحيح البخاري باب الصلاة ، وصحيح مسلم باب المساجد ومواضع الصلاة) وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها «إن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله » . (قلت: ورد في صحيح البخاري الجنائز ، وصحيح مسلم باب المساجد ومواضع الصلاة)والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

واليهود كانوا على شريعة التوراة وبعد ما توفي موسى عليه الصلاة والسلام غيروا وبدلوا وحرفوا وانقسموا على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهم أتباع موسى عليه الصلاة والسلام، ولما بعث الله عيسى عليه الصلاة والسلام بشريعة التوراة وأنزل الله عليه الإنجيل وأحل الله لهم بعض ما حرم عليهم وبين لهم بعض ما اختلفوا فيه كفر به اليهود وكذبوه وقالوا إنه ولد بغي، فكذبهم الله بذلك وكفرهم وأنزل فيهم قوله سبحانه {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} (النساء 155) إلى أن قال سبحانه {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} (النساء 156) {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} (النساء 157) الآية.

وهكذا النصارى بعد ما رفع عيسى عليه الصلاة والسلام إلى السماء اختلفوا في ذلك على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي آمنت بموسى وعيسى وبجميع الأنبياء والرسل الماضين، ولما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم كفر به اليهود والنصارى جميعا وكذبوه إلا قليلا منهم فصاروا بذلك كفارا لتكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم وإنكارهم رسالته، وذمهم الله وعابهم على ذلك وتوعدهم سبحانه بالعذاب والنار، وكفر سبحانه اليهود أيضا لقولهم العزير ابن الله كما كفر النصارى لقولهم إن الله هو المسيح ابن مريم وبقولهم إن الله ثالث ثلاثة وبقولهم المسيح ابن الله. فوجب على أهل الإسلام أن يكفروا من كفرهم الله ورسوله وأن يبينوا باطلهم وأن يحذروا المسلمين من مكائدهم لأن دين اليهودية ودين النصرانية أصبحا دينين باطلين لا يجوز التمسك بهما ولا البقاء عليهما؛ لأن الله نسخهما ببعث محمد صلى الله عليه وسلم وإيجابه على جميع الثقلين اتباعه والتمسك بشريعته

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة » . متفق على صحته.(قلت ورد في صحيح البخاري باب التيمم ، وصحيح مسلم باب المساجد ومواضع الصلاة) وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كانوا من أهل النار » . (قلت: ورد في صحيح مسلم باب الإيمان)والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وما كان في شريعة التوراة والإنجيل من حق فقد جاءت به شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو بما هو أفضل منه وأكمل، فالإسلام هو دين الرسل جميعا، فالإسلام في عهد نوح عليه الصلاة والسلام هو الإيمان بالله وتوحيده وإخلاص العبادة له وتصديق نوح عليه الصلاة والسلام واتباع ما جاء به، وهكذا في عهد هود وصالح وإبراهيم الخليل ومن جاء بعدهم من الرسل هو توحيد الله والإخلاص له مع إيمان الأمة برسولها الذي أرسله إليها واتباع ما جاء به. وهكذا في عهد موسى ومن جاء بعده إلى عهد عيسى عليه الصلاة والسلام، فلما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم صار الإسلام الذي يرضاه الله هو ما بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم من الإيمان به وتوحيده وإخلاص العبادة له والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه من الكتاب والسنة والإيمان بمن قبله من الأنبياء والرسل، فكل من اتبعه وصدق ما جاء به فهو من المسلمين ومن حاد عن ذلك بعدما بلغته الدعوة فهو من الكافرين.

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا والكاتب وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه والنصح له ولعباده، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ومن القول عليه أو على رسوله بغير علم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

١٦ شعبان ١٤٤٥ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس244 ج 5 حكم نقل حجارة مسجد إلى البيت والتبرك بها - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس243 ج 5 الطريقة التيجانية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 242 ج 5 زيارة المسجد النبوي سُنَّة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 241 ج5  المؤمن والخوف من الموت - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس240 ج 5 التوبة  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 239 ج 5 فضل حفظ القرآن - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر