الدرس87 باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 15 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 1553 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ؛

قول المصنف:" وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه ، قالوا يا رسول الله: اليَهودُ والنَّصارى؟ قالَ:فمَن" أخرجاه .

ورد الحديث في الصحيحين واللفظ للبخاري " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قالَ: فَمَنْ."

قوله في الحديث "لتتبعُنَّ"التقدير والله لتتبعن.

قوله "سنن من كان قبلكم" ، السَّننُ: هي الطَّريقةُ والأفعالُ .

قوله " لتتبعن سنن من كان قبلكم"، هذا الحديث للتحذير .

والحاصل أنك لا تكاد تجد معصية في هذه الأمة إلا وجدت لها أصلا في الأمم السابقة ولا تجد معصية في الأمم السابقة إلا وجدت لها وارثاً في هذه الأمة .

والله المستعان.

قوله :" شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ،" أي أنَّكم تَتَّبعون َطريقةَ النَّصارى واليهودِ في أفعالِهم وحياتِهم متابعةً دقيقةً شديدةً، تَاركينَ سُنَّتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

قوله " حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ " الجحر بالضم هو السَّرَبُ الذي يكون في الأرض ، ومنه جحر الضب ؛ لأنه يحفر جحرا من أعسر الجحور ، ومع هذا لو دخله اليهود والنصارى لكان في الأمة من يفعل ذلك تقليداً لهم . وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فالتقليد والتشبه بالكفار قائم على قدم وساق لأتفه الأشياء وأحقرها لا لشيء إلا لأنهم يفعلونه ، والمقلد يرى أنهم أهل العقول والتقدم والحضارة فيقلدهم من أجل ذلك ، وهذا الحديث خبر بمعنى النهي ، أي لا تتشبهوا بهم ولا تقلدوهم ، فقد جاء النهي عن التشبه بهم في قوله صلى الله عليه وسلم :"لا تَشَبِّهوا باليهودِ و النَّصارى " صححه الألباني في صحيح الجامع عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وقوله:" من تَشَبَّه بقومٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " ، صححه الألباني في صحيح الجامع عن عبد الله بن عمر ، والشاهد من هذا الحديث واضح أنه يكون في هذه الأمة من يتشبه باليهود والنصارى في كل شيء.

قولهم :"قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى ؟ "أي: أتعني اليهودَ والنصارى؟ ، فالجملة إنشائية ؛ لأنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم فهي استفهامية والاستفهام من باب الإنشاء ، واليهود : اتباع موسى عليه الصلاة والسلام ، وسموا يهودا نسبة إلى يهوذا من أحفاد إسحاق.

والنصارى : هم اتباع عيسى عليه الصلاة والسلام وسموا بذلك نسبة إلى بلدة تسمى الناصرة .

قوله "قال فَمَنْ " (من) هنا اسم استفهام ، المراد به التقرير، أي فمن أعني غير هؤلاء . فالصحابة رضي الله عنهم لما حدثهم صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث كأنهم حصل في أنفسهم بعض الغرابة ، فلما سألوا قرر الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم اليهود والنصارى .

وصلَّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434/3/14هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة