حقوق كبار السن

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 8 جمادى الآخرة 1443هـ | عدد الزيارات: 676 القسم: خطب الجمعة

إنَّ الحَمدَ للهِ نحمد ونستعينُه ونستهديه ونستغفرُه، ونتوب إليه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفُسِنا،وسيئات أعمالنا من يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحده لا شريك له وأشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورَسولُه، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب:70 – 71)

عباد الله: إن من الأخلاق العظيمة والآداب الرفيعة التي دعا إليها ديننا الحنيف معرفةَ قدر كبار السن، ومراعاة حقوقهم والتأدب معهم، ومعرفة ما لهم من حقوق وواجبات.ومعرفة منازل الناس وأقدارهم وحقوقهم، ومن عُدم هذه المعرفة فإنه سيعدم القيام بحقوق هؤلاء وتأدية واجباتهم. وتعاهد مشكلاتهم، والسعي في إزالة المكدرات والهموم والأحزان عن حياتهم، إن هذا من أعظم أسباب التيسير والبركة، وانصراف الفتن والمحن والبلايا والرزايا عن العبد، وسبب للخيرات والبركات المتتاليات عليه في دنياه وعقباه، لقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ابغوني الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزَقونَ وتُنصَرونَ بضُعفائِكُم" صحيح أبي داود للألباني.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليسَ منَّا من لَم يَرحَمْ صغيرَنا ، ويعرِفْ حَقَّ كَبيرِنا "صحيح الترغيب للألباني . وتأملوا قوله -عليه الصلاة والسلام-: " ويعرِفْ حَقَّ كَبيرِنا "، فإن هذا أساس عظيم لا بد منه في القيام بحقوق هؤلاء وتأدية واجباتهم، ومعرفة مكانتهم وقدرهم وعظيم حقهم، ومعرفة مراقبة الله -جل وعلا- واطِّلاعه على العباد وأعمالهم، إن هذه المعرفة إذا وصلت إلى القلب فإن القلب يتحرك بالقيام بالحقوق وتأدية الواجبات، فمن كان لا يعرف حقوق كبار السن فإنه ليس على هدي النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ولا على طريقته -صلوات الله وسلامه عليه.

أيها الإخوة :

لقد تعددت الأحاديثُ الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن البركة مع كبار السن، وأن المؤمن لا يزاد في عمره إلا كان خيرًا له، إضافة إلى أن المسن المؤمن له مكانة خاصة، تتمثل في شفاعته لأهل بيته والتجاوز عن سيئاته؛ فلقد روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتمنى أحدُكم الموتَ، ولا يدعو به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمنَ عمرُه إلا خيرًا" صحيح مسلم.

وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألَا أُنَبِّئُكم بخِيارِكم؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: خِيارُكم أطوَلكم أعمارًا، وأحسَنُكم أخْلاقًا."أخرجه أحمد وصححه لغيره شعيب الأرناؤوط.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "البركة مع أكابركم" صحيح الجامع للألباني.

هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين وبعد؛

عباد الله :اتقوا الله ، واعلموا أن كثيرًا من كبار السن يحتاجون إلى رعاية خاصة، وعناية بدنية ونفسية واجتماعية، وكما يدين المرء يُدان، فمن كان عارفًا بحقوق هؤلاء، مؤديًا لواجباتهم، فإن الله -عز وجل- يقيض له في كبره من يقوم بحقوقه وواجباته، وعلى العكس من ذلك من يضيّع حقوق هؤلاء، ويهمل واجباتهم، أو يسيء إليهم، فإن الله يقيض له في كبره من يعامله بذلك، يقول يحي بن سعيد المدني -رحمه الله-: بلغنا "أن من أهان ذا شيبة لم يمت حتى يقيض الله -عز وجل- له من يهينه في كبره"، وهذا من قبيل "كما تدين تدان"، فالواجب معرفة حقوق كبار السن والعناية بهم، ولا سيما إذا كان كبيرُ السن أبًا أو جدًّا أو خالاً أو عمًّا أو جارًا أو قريبًا؛ فإن ذلك قد اجتمعت فيه حقوق عديدة، حقوق كبر السن، وحقوق الأبوة أو العمومة أو الجوار، أو نحو ذلك، والواجب على المسلم أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يحسن مع عباد الله، وأن ينزلهم منازلهم، وأن يعطي كل ذي حق حقه.

ولقد أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين اهتماماً بالغاً برعاية كبار السن حيث جرى إطلاق الكثير من المبادرات لرفع مستوى الخدمات المقدمة لكبار السن في المجتمع عامة.

هذا، وصلوا وسلموا على إمام المرسلين نبينا محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر ، وعثمان ، وعليٍّ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك .

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وأعنه على البر والتقوى، وسدده في أقواله وأعماله وارزقه البطانة الصالحة ، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

1443/5/8 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 2 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي