الدرس 75

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد
هذه أحاديث لا يجوز الاستشهاد بها ولا الاستئناس بذكرها :

1 - " الصمت أرفع العبادة ".
ضعيف.
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " معلقا عن عبد الله ابن محمد بن موسى البازيار: حدثنا أشعث بن شداد السجستاني: حدثنا يحيى بن يحيى: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا.

قال المناوي تعليقا على قول السيوطي في "الجامع": رواه الديلمي في "مسند الفردوس" عن أبي هريرة: "وفيه يحيى بن يحيى الغساني، قال الذهبي: جرحه ابن حبان "

2 - " عاقبوا أرقاءكم على قدر عقولهم ".
باطل.
رواه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " وتمام في " الفوائد " وابن عساكر في " التاريخ " من طريق الدارقطني وغيره عن سليمان بن عبد الرحمن: أخبرنا عبد الملك ابن مهران عن عبيد بن نجيح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا.
قال الدارقطني: " تفرد به عبيد بن نجيح عن هشام، وتفرد به سليمان عن عبد الملك عنه ". وعبد الملك بن مهران قال فيه العقيلي في " الضعفاء " : " صاحب مناكير، غلب على حديثه الوهم، لا يقيم شيئا من الحديث ".

3- " عجبت لطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، ولضاحك ملء فيه ولا يدري أأرضى الله أم أسخطه ".
ضعيف جدا.
رواه تمام في " الفوائد " وابن عدي عن يحيى بن علي الأسلمي عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود يرفعه، وقال: " أحاديث ليست بمستقيمة، ولا يتابع عليها ".

4- " من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة ".
موضوع.
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد: حدثنا عبد الرحمن بن داود حدثنا: عثمان بن خرزاذ: حدثنا عمرو بن محمد بن الحسن المكتب: حدثنا محمد بن عمرو بن عبيد الأنصاري عن أنس بن سيرين عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول: فذكره مرفوعا.
أورده في ترجمة عبد الرحمن بن داود هذا وهو أبي محمد الفارسي وقال فيه: " كان من الفقهاء كثير الحديث "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولم أجده عند غيره. وشيخه محمد بن أحمد بن محمد هو إما أبو بكر المعدل فهو ثقة أمين كما قال أبو نعيم في ترجمته ، وإما أبو عثمان بن أبي هريرة قال في ترجمته : " أحد العباد والأخيار، سمع الكثير صاحب أصول وكتب كثيرة ". والأقرب الأول. والله أعلم.
وبعد كتابة ما تقدم رأيت ابن عراق قال في " تنزيه الشريعة " بعد أن ساق الحديث عن أبي نعيم: " وفيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم، قال الحافظ العراقي: وهو آفته ". وهذا متهم كما قال الذهبي وتبعه الحافظ ابن حجر في " اللسان ".

5- " من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ".
ضعيف.
رواه الطبراني في " الأوسط " عن أبي معاوية: حدثنا محمد بن إسحاق عن جميل بن أبي ميمونة عن عطاء ابن يزيد الليثي عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " لم يروه عن عطاء إلا جميل، ولا عنه إلا ابن إسحاق تفرد به أبو معاوية ". ومن هذا الوجه رواه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" وزاد: "ومن خرج غازيا في سبيل الله فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة ".
وهكذا أورده المنذري في " الترغيب " وقال: " رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق، وبقية رواته ثقات ".

يعني أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. فهذه علة، وفيه علة أخرى، فقال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني وحده: " وفيه جميل بن أبي ميمونة، وقد ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في (الثقات) ".
وتساهلُ ابن حبان في التوثيق معروف، فالرجل مجهول الحال، والله أعلم.

6- " لا هم إلا هم الدين، ولا وجع إلا وجع العين ".
موضوع.
رواه ابن حبان في " الضعفاء" والطبراني في "الأوسط" وفي "الصغير" وعنه القضاعي وابن عدي قالا حدثنا محمد بن يونس البصري العصفري: حدثنا قرين بن سهل بن قرين: حدثني أبي: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا.
وقال الطبراني: " لم يروه عن ابن المنكدر إلا ابن أبي ذئب، تفرد به سهل ". وقال ابن حبان: " يروي عن ابن أبي ذئب وغيره من الثقات ما ليس من حديثهم ". ولذا قال الذهبي: " غمزه ابن حبان وابن عدي، وكذبه الأزدي ". وذكر له ابن عدي ثلاثة أحاديث هذا أحدها وقال: " منكر باطل إسناده ومتنه ". ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات ".

‌‌7 - " قال الله تعالى: من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا غيري ".
ضعيف جدا.
عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" للبيهقي في "الشعب" عن أنس. ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء، وكأنه لم يقف على سنده، وقد وجدته في الجزء الرابع من "التجريد" لابن عساكر، رواه من طريق البيهقي عن الحاكم بسنده عن علي بن يزداد الجرجاني - وكان قد أتى عليه مائة وخمس وعشرون سنة - قال: سمعت عصام بن الليث الليثي السدوسي - من بني فزارة في البادية - قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا.

وهذا إسناد ضعيف، علي بن يزداد الجرجاني قال الذهبي في ترجمة شيخه عصام بن الليث: " لا يعرفان ". وساق له في " اللسان " هذا الحديث من طريق الحاكم ثم قال: " أخرجه أبو سعد ابن السمعاني في " الأنساب " وقال: " هذا إسناد مظلم لا أصل له "

8- " الجمال صواب القول بالحق، والكمال حسن العفاف بالصدق ".
ضعيف جدا.
رواه أبو نعيم في " فضائل الخلفاء الأربعة " والسلفي في " أحاديث وحكايات " وابن النجار والديلمي وابن عساكر عن عمر بن إبراهيم عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: جاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب بياض، فلما نظر تبسم، قال العباس: يا رسول الله ما الجمال؟ قال: فذكره.

وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته أيوب بن سيار فإنه ليس بثقة كما قال النسائي وغيره، وقال ابن حبان : " يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل ". والراوي عنه عمر بن إبراهيم وهو الكردي الهاشمي مثله في الضعف.

9- ‌‌"من أغاث ملهوفا كتب الله له ثلاثة وسبعين مغفرة واحدة منها صلاح أمره كله، واثنتان وسبعون درجات له يوم القيامة ".
موضوع.
رواه العقيلي في "الضعفاء" وكذا ابن حبان وأبو نعيم في "الأخبار" عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي قال: حدثنا زياد بن أبي حسان عن أنس مرفوعا.
قال العقيلي: " لا يعرف إلا به ". يعني زيادا هذا. وقال ابن حبان: " كان شعبة شديد الحمل عليه، وكان ممن يروي أحاديث مناكير، وأوهاما كثيرة ". وقال البخاري: " كان شعبة يتكلم فيه ".

10- ‌ " من فرج عن مؤمن لهفان غفر الله له ثلاثا وسبعين مغفرة، واحدة يصلح بها أمر دنياه وآخرته، وثنتين وسبعين يوفيها الله تعالى يوم القيامة ".
موضوع.
رواه أبو نعيم في " الحلية " من طريق إسماعيل بن أبان الأزدي (الأصل الأو دي وهو تصحيف) قال: حدثنا حماد بن عثمان القرشي - مولى الحسن بن علي - قال: حدثني يزيد بن أبي زياد البصري عن فرقد عن شميط - مولى ثوبان - عن ثوبان مرفوعا، وقال: " غريب من حديث فرقد، لم نكتبه إلا من هذا الوجه " وهو مظلم، فإن فرقدا هذا وهو ابن يعقوب السبخي قال البخاري: " في حديثه مناكير ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". ويزيد بن أبي زياد البصري لم أعرفه، وفي طبقته بهذا الاسم والنسب ثلاثة أحدهم شامي، وهو ضعيف جدا، والآخران كوفيان، أحدهما من رجال " التهذيب " وهو ضعيف. والآخر من رجال " الميزان " ولا تقوم به حجة.

والله المستعان.

21 - 1 - 1442هـ