لا تسبوا كورونا

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 13 شوال 1441هـ | عدد الزيارات: 914 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي خلق لِيُعبد، وعلَّم مِن جَهل وأرشد ، وبيَّن أنَّ التنافس بين خلقه في عبادته يشتد وأنه مبتليهم ليميز الخبيث من الطيب ، وأنَّ ميزان العمل عنده هو في تحقيق الإخلاص له وفي اتباع الرسول المجتبى .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد عباد الله

اتقوا الله واعلموا أنه مِن المُقرَّرِ عند أهل العلم أنَّ الله تعالى لا يخلق شراً محضاً بل في كل ما يخلقه الباري لابد مِن وجود الخير، فالمرض شرٌ من وجه ، وخيرٌ من أوجه أُخر فعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما يُصيبُ المؤمن مِن وصب ، ولا نصب ، ولا سقم ، ولا حَزَنٍ ، حتى الهم يُهَمًُه إلا كُفِّر به من سيئاته " رواه مسلم .
وقد أخبر الله تعالى في كتابه أنه سيبتلي عباده بالخير والشر ليعلم الصادقين من الكاذبين ، و يعلم الذين ءآمنوا منكم ويعلم المنافقين، قال تعالى "الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" العنكبوت (1 - 3) ، فالمؤمنون حالهم كما وصف نبيهم حين قال: "عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كله له خير؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له" رواه مسلم عن صهيب بن سنان
عباد الله

احذروا مما اعتاده بعض الجهال من سبِّ ما يُقدِّرُه الله على عباده من أمراض وأوبئة قد تأتي بشر من وجه، ويكون فيها خيرٌ كثيرٌ من وجوه شتى كوباء الكورونا كما قال الله تعالى "فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" النساء (19)
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: "مالك يا أم السائب أو يا أم المسيب تُزفزِفِين ، أي ترتعدين ؟ قالت: الحمى لا بارك الله فيها ، فقال: " لا تسبي الحمى فإنها تُذهب خطايا بني آدم ، كما يُذهب الكيرُ خبث الحديد" رواه مسلم.
أيها المؤمنون :

لماذا تقع المصائب ؟ الجواب في قوله تعالى
"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" الروم (41)
وقوله تعالى "وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" الأعراف (168)
وقوله تعالى "وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" السجدة (21)
إذاً كل ذلك لأنهم ابتعدوا عن ربهم، لذا فالله يبتليهم بهذه المصائب والبلايا ليرجعوا إلى الله ويتوبوا إليه فيقبل توبتهم ويمحو حوبتهم من قبل أن يطلبوا الرجوع فلا رجوع ، قال تعالى : "حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ" المؤمنون 99 - 100

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .

هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله الغني الكبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد عباد الله
اتقوا الله واعلموا أنه قد أرشد إلى ما يزيل الكروب، ويغير الأحوال فقال سبحانه "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" الرعد 11

واعلموا أن من شروط قبول الدعاء أن يكون خالصا لله موافقا للكتاب والسنة وتذكروا دعوة ذي النون ، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوةُ ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت : لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شي ء قطُّ إلا استجاب الله له " رواه الترمذي وصححه الألباني .

فألظوا بهذا الدعاء، وتحروا ساعات الإجابة ومنها الساعة الأخيرة من يوم الجمعة أي قبل أذان المغرب بساعة ،ومن الأدب في الدعاء أن يبدأ بالثناء على الله ثم الصلاة على رسوله ثم الشروع في الدعاء على ألا يكون إثما ولا قطيعة رحم ، وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة .

ادعوا الله أن يرفع عنكم هذا الوباء ، مع الالتزام بفعل الأسباب التي حددتها لكم جهة الاختصاص من إجراءات احترازية لسلامتكم بجهود هذه الدولة المباركة

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم بذلك في محكم كتابه بقوله "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" الأحزاب 56 ، وقال صلى الله عليه وسلم "من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا" رواه مسلم

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين ، اللهم احفظ لنا ولاة أمرنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل بلاء وفتنة وسدد ولاة أمرنا واجعل عملهم في رضاك .

اللهم أزل الغمة وارفع الوباء عنا وعن سائر بلاد المسلمين .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

12 - 10 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي