الدرس 201 الإجارة 5

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 6 شوال 1441هـ | عدد الزيارات: 921 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

يقول المؤلف رحمه الله "وإن استأجرها لعمل كدابة لركوب إلى موضع معين أو بقر لحرث أو دياس زرع أو من يدله على طريق اشترط معرفة ذلك وضبطه بمالا يختلف ".

أي يستأجر عينا ليعمل بها كسيارة يسافر بها إلى المدينة المنورة وكمولد لتوليد الكهرباء لمدة معينة وكمحرك لاستخراج الماء لمدة معينة أو استئجار بقر لحرث الأرض أودياس الزرع لاستخراج الحبوب من بر أو شعير أو أرز ، ومازال هذا في بلاد الهند و إفريقيا لكنه في البلاد المتقدمة يستخلص الحب بالآليات الحديثة

ولو استأجر من يدله على طريق فلا بد من معرفة هذا الطريق ، وقد وقع هذا للنبي صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة فاستأجر عبد الله ابن أريقط ، أخرجه البخاري عن عائشه رضي الله عنها ، و كان من مشركي مكة لكنه في الدلالة ماهر خرِّيتاً فدلَّهم على الطريق ،وعليه فيجوز أن تستأجر من يدلك الطريق ولو كان كافرا،ولابد في هذا من ضبطه بما لا يختلف ، إذْ تحدد له الطريق الذي تريده حتى لا يذهب بك مع طريق آخر ربما يكون أبعد لمصالح له في ذلك من زيارة صديق وما أشبه ذلك.

قوله: "ولا تصح على عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القربة " أي أن كل عمل لا يقع إلا قربة فإنه لا يصح أن يؤخذ عليه أجرة لقول الله تعالى" من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب" الشورى 20

فما كان لايقع إلا قربة فإنه لا يصح أن تؤخذ الأجرة عليه مثال ذلك : قيل لرجل صل بنا صلاة العشاء فقال أصلي بكم مقابل عشرين ريالا فهذا لا يصح لأن الصلاة لا تقع إلا قربة

أما ما يأخذه الإمام أو المؤذن من مكافأة من الدولة فهذا جائز لأنه من بيت المال فله منه ما يليق به وإذا كانت العبادة ذات نفع متعد وأراد الإنسان النفع المتعد جاز أن يأخذ على ذلك المال مثل الرقية الشرعية له أن يشترط قبل القراءة كما فعل الصحابة إذ قرأ أحدهما على لديغ بالفاتحة فقام كأنما نشط من عقال وأخذ الصحابة القطيع من الغنم واستشاروا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال :خذوا واضربو لي معكم بسهم فإن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

قوله "وعلى المؤجر كل ما يتمكن به من النفع كزمام الجمل ورحله وحزامه والشد عليه ، وشد الأحمال والمحامل والرفع والحط ولزوم البعير ومفاتيح الداروعمارتها"

إنسان أجَّر لشخص بعيراً ليحج به فعليه كل ما يتمكن به المستأجر من النفع كزمام الجمل وهو الحبل الذي تقاد به الناقة أو الجمل ورحله وهو ما يقعد عليه الراكب ، وحزامه وهو ما يشد به الرحل والشد عليه أي يشد هذا الرحل والحزام جيدا ، وشد الأحمال والمحامل الأحمال يعني الحمل الذي يكون على البعير كالأكياس والأواني ،والمحامل وهي التي تكون على جنب الرحل يركب عليها الناس، والرفع والحط يعني يرفع المحامل وينزلها عند الاحتياج إليها ولزوم البعير أي أن يكون ملازما لها لئلا تشرد وهذا فيما إذا كان المؤجر مع الرحل أما إذا أجر البعير وحدها وقال خذ هذا البعيرسافرعليها وارجع بها فهذه الاشياء لاتلزم المؤجر لأنه غير مصاحب لها.

وقوله "ومفاتيح الدار"مفاتيح الدارعلى المؤجر فإذا ضاعت من المستأجر دون تعد ولا تفريط وجب على المؤجر أن يصنع له بدلها و يعطيها إياه

وقوله" وعمارتها " لو أن الدار تهدم منها شيء لا يتمكن به المستأجر من استيفاء المنفعة فإن على المؤجر عمارتها وأما مازاد على ذلك فانه لا يلزمه إلا بشرط كالشكل الداخلي ، فهذا لايلزم المؤجر إلا إذا شرط عليه أما الأشياء الثابتة فإنها على المؤجرإلا بتعد أو تفريط من المستأجر فيلزم ذلك المستأجر.

أما المتنقلة فهي على المستأجر مثل الدفايات

قوله :"فاما تفريغ البالوعة والكنيف فيلزم المستأجر إذا تسلمها فارغة" البالوعة تسمَّى عندنا (البيارة) وهي الحفرة التي يصب فيها الماء الفاضل من غسيل ونحوه وسميت بالوعة لأنها تبلع الماء وأما الكنيف فهو مجمع العذرة و كانوا فيما سبق يحفرون حفرة لتكون فيها العذرة والبيت الذي فيه هذه الحفرة يسمى الكنيف لأن صاحبه يكتنف أي يستتر عن الغير وفي الوقت الحالي الكنيف والبالوعة يكونان في حفرة واحدة للأحياء التي لم تصلها خدمات الصرف الصحي.

قوله "وهي عقد لازم " أي عقد الإجارة لا يمكن فسخه إلا لسبب لأنها نوع من البيع قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار مالم يتفرقا" رواه البخاري عن ابن عمر رضى الله عنهما

ثم ذكر أنهما إذا تفرقا ولم يترك أحدها البيع فقد وجب البيع.

يقول المؤلف رحمه الله "الإجارة عقد لازم فإن آجره شيئا ومنعه كل المدة أو بعضها فلا شيء له " أي لا شيء للمؤجر ،مثال ذلك أجره مزرعة لمدة سنة وجاء المستأجر يطلب استلامها فمنعه ومضت السنة فلا شيء للمؤجر. حتى لو سلمها له بعد ستة أشهر فلا شيء له لأن الإجارة وقعت على صفة معينة وهي سنة كاملة و لم يسلم المزرعة للمستأجر على هذه الصفة فلم يستحق الأجرة ثم إنه ظالم معتد لقول الله تعالى" إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق " الشورى 42 وأيضا المؤجرهو الذي منع ولم يمكن المستأجر فلما منع أسقط حقه بنفسه فلا حق له إلا إذا كان هناك عذر شرعي كأن يكون هناك جنود استحلوا المزرعة غصبا ولم يسلموها لصاحبها إلا بعد ستة أشهر فله نصف الأجرة.

قوله "وإن بدأ الآخر أي المستأجر قبل انقضائها فعليه يعنى امتنع من سكناها فعليه الأجرة كاملة ، مثال ذلك : رجل استأجر بيتاً ولم يسكن فيه إلا بعد ستة أشهر فيلزمه دفع الأجرة كاملة ، لأن المؤجر بذل العين المؤجرة ولكن التاخير من المستأجر

قوله " قبل انقضائها " أي قبل انقضاء المدة (فعليه) أي عليه الأجرة مثال ذلك:رجل استأجرسيارة لمدة سنة وقبل نهايتها بشهر سلمها للمؤجر فيلزمه دفع الأجرة لمدة سنة كامله لأن المؤجر يقول أنا لا أمنعك استيفاء المنفعة.

والخلاصة أن الإجارة عقد لازم إن فسخت من قبل المؤجر فلا شيء له ، وإن فسخت من قبل المستأجر فعليه الأجرة كاملة وإن فسخت باختيارهما فعلى المستأجر مدة سكناها ، لأنهما اتفقا على ذلك

وبالله التوفيق

1441/10/5 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر