أحوال العباد بعد رمضان

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 4 ربيع الثاني 1441هـ | عدد الزيارات: 875 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يُضلل فلا هادي له وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم دين.

أما بعد أمة الإسلام.

اتقوا الله وراقبوه واعلموا أن تقوى الله أجلُ أسباب النصر والتمكين والتوفيق الإلهي ولا عز من عز إلا بما وقر في القلوب من تعظيم الله وإجلاله وتقواه "‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" (الطلاق 2-3)

أمة الإسلام

ها نحن قد فارقنا عن قريب أياما من أعظم أيام الله المشهُودة وشهرا هو خيرُ شهور السنة وقد كانت قلوبنا في أول الشهر تخفق فرحا بدخوله ثم في سرعة وميضة انقضت أيامُه ولياليه المباركة بما حملناها من أعمال خُتم عليها فلا تُفتحُ صفحتها إلا بين يدي العليم الخبير يوم العرض الأكبر عليه سبحانه فمن وجد خيرا فهنيئا له القبول والرضا والدخول من باب الريان الى جنات النعيم حيث يُوفى الصائمون الصابرون أجرهم بغير حساب ومن وجد غير ذلك فلا يلُومن إلا نفسَه ولا يُعاتبُ إلا ذاتَه فالله تعالى قد بلغه الشهر المُبارك وفتح له فيه أبواب رحمته وفضله ولكنه أبى واستحب العمى على الهُدى لقوله صلى الله عليه وسلم: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى رواه البخاري

أمة الإسلام

إن من أهم الأمور عند المُسلم بعد انتهائه من العبادات أن يتقبلها الله منه فتراه يعملُ ويتقربُ إلى الله بصدق وإخلاص لا رياء ولا سُمعة ولا حُبا في ثناء بل يخافُ ألا يتقبل الله منه لأن الله طيب لا يقبلُ إلا طيبا والله سبحانه وتعالى يقول(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين)المائدة 27 أي الذين اتقوا الله في ذلك وعملُوا بإخلاص وفق السنة مع الخوف من عدم القبول ولذا كان وصف عباد الله (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُون)المؤمنون60 وقد "سألتُ - عائشة رضي الله عنها - رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن هذِهِ الآيةِ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قالت عائشةُ : أَهُمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ ويسرِقونَ قالَ لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ ، ولَكِنَّهمُ الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ ويتصدَّقونَ ، وَهُم يخافونَ أن لا تُقبَلَ منهُم أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ " أخرجه الترمذي وصححه الألباني .

عباد الله :

المُسلم الصادق يمشي في دُروب الحياة سائرا إلى الله على الرجاء والأمل والخوف والحذر فيعملُ الصالحات ويرجُو من الله القبول ويأملُ في رحمة أرحم الراحمين بكرمه وهو مع ذلك يخشى عذاب الله وسخطه ويخافُ من تقلُب الأحوال وفُجاءة النقم وزوال النعم وأن يحُول الله بينه وبين قلبه فلا يقبلُ منه أعماله.

فقبولُ الأعمال عند الله ورضاه عنها وإثابتُه عليها هو أمنية الصالحين"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ *وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " (الأنفال 24-25)

أمة الإسلام ؛

إن من أخطر الآفات التي تعترضُ المُسلم في سيره إلى الله أن يُصاب بداء الفُتور والكسل وقد نعى الله سبحانه على قوم أنهم لا يأتون الصلاة إلا وهم كُسالى ولا يُنفقون إلا وهم كارهون فكيف بمن تفتُرُ همتُه عن العبادة!

وحذرنا سبحانه وتعالى من حالة أولئك الذين يُشيدُون بُنيان أعمالهم ويتقربُون إلى الله ثم ينقطعون وينقُضون بُنيانهم"وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " (92النحل)

وفي الصحيحين أن النبي-ﷺ قال لعبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما – يا عبد الله لا تكُن مثل فُلان كان يقُوم من الليل فترك قيام الليل

وأخرج الإمام أحمد عن النبي-ﷺ أنه قال: إن لكل عمل شرة - أي: اجتهاد ونشاط- ولكل شرة فترة فمن كانت فترتُه إلى سُنتي فقد أفلح ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك صححه الألباني

بارك الله لنا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لنا ولسائر المُسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمدُ لله العلي الأعلى الذي أنزل الكتاب على عبده ولم يجعل له عوجا والصلاةُ والسلامُ على المبعُوث بالرحمة والهدى وعلى الصحابة الكرام أولي الفضل والمكارم والنُهى والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الشهورُ والسُنون إلى يوم القيامة.

أما بعد أمة الإسلام.

إن السعيد المُوفق من يكُون فُتورُه مُؤقتا وهو في أثناء ذلك مُقيمُ على الطاعة يُسدد ويُقارب حتى يعود مرة أخرى إلى الطاعات بانشراح صدر وقوة وثبات هذا هو الصادقُ مع الله الذي علم الله إخلاصه فوفقه ولم تزل قدمُه في وقت فُتوره ولم تتغير علاقتُه بربه

أمة الإسلام

إن المُسلم حقا من تكونُ تقوى الله شعاره طيلة عُمره فإذا انقضت مواسمُ الخير لم تجده بعدها غافلا لاهيا

هذا وصلوا وسلموا على سيد البشرية وهاديها وسراجها المُنير فإن الله عز وجل – قد أمرنا بالصلاة والسلام عليه حيث قال في مُحكم تنزيله(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)الأحزاب56 -وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا رواه مسلم

اللهم صل وسلم وبارك على خليل الله محمد وعلى آله وأزواجه وذرياته الطيبين الطاهرين وسائر صحابته الكرام الأبرار الأطهار والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم من أراد ديننا وبلادنا وأمننا بسُوء وكيد ومكر فاقتُلهم بددا وأحصهم عددا ولا تُغادر منهم أحدا بقوتك يا عزيز يا قويُ.

اللهم وفق ولي أمرنا لما تُحبُه وترضاه وأعنه وسدده وأيده اللهم انصر جنودنا على الحوثيين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المُسلمين اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وأصلح أعمالنا برحمتك يا أرحم الراحمين

وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

1437-10-11هــــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي