ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

عيد الأضحى 5

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 16 ذو الحجة 1438هـ | عدد الزيارات: 1814 القسم: خطب العيدين

الحمد لله كثيرا، والله أكبر كبيرا، الله أكبر خلق الخلق وأحصاهم عددا،﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [ مريم 95] ، الله أكبر عزَّ سلطانُ ربنا، وعمَّ إحسانُ مولانا، الله أكبر عدد ما هللَّ المهللون، وكبَّرَ المكبرون، الله أكبر عدد ما أهلَّ الحجاج والمعتمرون. الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

وأشهدُ أن لا إله إلا الله انفرد بالخلق والتدبير، وكلُّ شيءٍ عنده بأجلٍ مقدر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضلُ من تعبَّدَ لله وصلى وزكَّى وحجَّ واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد؛ أيها الناس؛ اتقوا الله تعالى واعرفوا نعمته عليكم بهذا العيد السعيد، وهو يوم الحج الأكبر، أجزل الله فيه للحجاج والمقيمين الأجر العظيم، عيدٌ امتلأت القلوبُ به فرحا وسرورا، وازدانت به الأرض بهجةً ونورًا، فلله الحمد رب العالمين. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد.

في مثل هذا اليوم وقف النبيُّ ،صلى الله عليه وسلم، في جماهير المسلمين بمنى يخطبهم، ويقرر تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة؛ فعَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم– أَنَّهُ قَالَ: ... إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا أَوْ ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبَلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلِغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ" ثُمَّ قَالَ "أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟" رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

قال ابن عباس رضي الله عنهما "فوالذي نفسي بيده إنها الوصية إلى أمته ".

لقد أكَّدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم العظيم في حَجة الوداع، تحريم: الدم والمال والعرض، ثم بَيَّنَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أن هذا التحريم للدماء والأموال والأعراض تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة،

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.

في هذه الساعة يرمي الحجاج جمرة العقبة مكبرين الله ومعظمين، ثم ينصرفون إلى ذبح هداياهم إلى الله متقربين، فهنيئا لهم ذلك، وتقبل الله منا ومنهم.

أما بقية المسلمين في الأمصار، فقد شرع الله لهم أن تؤدى صلاة العيد في هذه الساعة لتقيم ذكره، ثم تنصرف إلى ذبح الأضاحي، مقتدين برسولنا صلى الله عليه وسلم، واعلموا أن بذل المال في الأضاحي أفضل من الصدقة به.

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.

ومن السنة أن يذبح الإنسان أضحيته بنفسه إن أمكن، وإلا فليحضر ذبحها

أيها الإخوة؛ لقد سما هذا الدين بالتعامل مع الحيوان، فتأملوا رعاكم الله هذه الآداب للذكاة:

أضجعوا ذبيحتكم عند ذبحها على أحد جنبيها إن كانت غنما أو بقرا برفق ورحمة، فإن الراحمين يرحمهم الرحمن؛ ولا تلووا يدها على عنقها عند الذبح، فإن ذلك يؤلمها بلا حاجة، وأطلقوا القوائم ليكون أريح لها وأشد في تفريغ الدم منها، وأحسنوا إليها في الذبح، فعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" رواه مسلم

اذبحوا برفق، وأمروا السكين عليها بقوة وسرعة، ولا تعذبوها، ولا تحدوا السكين وهي تنظر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفرة، وأن توارى عن البهائم، ولا تذبحوها والأخرى تنظر إليها؛ لأن ذلك يرهبها، ولا تسلخوها، أو تكسروا عنقها قبل أن تموت فإن ذلك يؤلمها دون الحاجة إليه، وهو محرم عليكم، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تعجل الأنفس قبل أن تزهق

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.

وأيام الذبح أربعة يوم العيد بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده، والذبح في أول يوم أفضل من الذي يليه، وهكذا البقية، ويجوز الذبح في الليل لكن النهار أفضل، وكلوا منها، وانووا بذلك امتثال أمر ربكم، ليحصل لكم الأجر في أكلكم، فالسنة أن يكون أول ما يطعم المسلم يوم النحر من أضحيته، واهدوا منها، وتصدقوا على الفقراء، ومن كان قريبا أو جارا فهو أولى من غيره، واختاروا للصدقة من أطيب الأضحية، " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " آل عمران 92 ، وعليكم بالفقراء المتعففين

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد

هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الله أكبر،الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على البشير النذير محمد صلى الله عليه وسلم

أيها الأحبة؛ العيد مظهرٌ من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره المعظمة التي تنطوي على حِكم عظيمة، ومعانٍ جليلة، وأسرارٍ بديعة؛ فالعيد في معناه الديني شكرٌ لله على تمام العبادة، لا يقولها المؤمن بلسانه فحسب، ولكنها تعتلجُ في سرائرِه رضاً واطمئناناً، وتنبلج في علانيته فرحاً وابتهاجاً

والعيد في معناه الزمني قطعةٌ من الزمن خُصصَت لنسيان الهموم، واستجمام القوى الجاهدة في الحياة

والعيد في معناه الاجتماعي يومُ الأطفالِ يفيضُ عليهم بالفرحِ والمرح، ويومُ الفقراء يلقاهم باليسرِ والسعة، ويومُ الأرحامِ يجمعها على البرِ والصلة، ويومُ المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويومُ الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب، ويومُ النفوس الكريمة تتناسى أضغانها، فتجتمع بعد افتراق، وتتصافى بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض

وفي هذا كله تجديدٌ للرابطة الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب، والوفاء، والإخاء

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.

أيها الأحبة؛ يشُرع في هذه الأيام المباركة التجمل، والتطيب، والتوسعة على العيال، وإلطاف الضيوف، والمرح، واللهو المباح، قالت عائشة "إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا في يوم عيد فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت" رواه الشيخان

فهذه الأمور المباحة داخلة في الطاعات إذا حسنت النية؛ فمن محاسن الإسلام أن المباحات إذا حَسنت فيها النيةُ، وأُريد بها تحقُقُ حكمةِ الله، أو شُكر نعمته انقلبت قرباتٍ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه "وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلُهَا فِي فِيّ امْرَأَتِكَ"رواه البخاري ومسلم

العيد في معناه الإسلامي جمال، وجلال، وتمام، وكمال، وربط واتصال، وبشاشة تخالط القلوب، وبسط وانشراح، وهجر للهموم

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.

أيها الإخوة اعلموا أن الله –تعالى قد شرع لكم أن تذكروه في هذه الأيام عموما، وأدبار الصلوات خصوصا، وهو ما يسمى بالتكبير المقيد، وقد بدأ وقته للمقيمين من بعد صلاة فجر يوم عرفة، ومن بعد صلاة الظهر للحجاج، وينتهي بصلاة العصر آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر

وصفته، بعد أن يسلم، ويستغفر أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، ويكررها ما شاء الله له، ثم يتم الأذكار التي بعد الصلاة . وأيام التشريق كلها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل لا يجوز صومها، وقد كان السلف رحمهم الله يداومون عليه في هذه الأيام العظيمة استجابة لأمر الله، حيث قال {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله:{إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [لأحزاب 56]

اللهم أعز الإٍسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم احفظ بلاد الحرمين من عبث العابثين وحسد الحاسدين، واحفظ لنا ولاة أمرنا، واغفر لجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين . { سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله رب العالمين } [الصافات 180-182]

1438/12/16 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة