ضرورة الأمن

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 1 ربيع الأول 1438هـ | عدد الزيارات: 1584 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين ،والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم .

أما بعدُ ، عباد الله ؛

اتقوا الله تعالى واعلموا أن الأمن ضرورة للمجتمع ، والأمن ضد الخوف والقلق والانزعاج والترقب وهو ضرورة لكل مجتمع لأن به تتم المصالح وبفقده تضيع المصالح، وتحصل الفوضى ويتسلط الظلمة على الناس ويحصل السلب والنهب وتسفك الدماء وتنتهك الأعراض إلى غير ذلك من مظاهر فقد الأمن للمجتمع فلا يأمن الإنسان على نفسه وهو في بيته ولا على أهله ولا على ماله فلا يأمن على نفسه وهو في الشارع ولا وهو في المسجد ولا وهو في مكتبه ولا يأمن في أي مكان إذا زالت نعمة الأمن عن المجتمع ، وهناك من يحاولون إزاحة الأمن عن المجتمعات لأجل أن تكون الدنيا فوضى ولا سيما في بلاد المسلمين والأمن يتحقق بأمور:

الأمر الأول: بتوحيد الله تعالى وعبادته وطاعته والعمل الصالح قال تعالى "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ" النور(55)

الأمر الثاني: باجتماع الكلمة وطاعة ولي الأمر قال صلى الله عليه وسلم لما طلب منه أصحابه النصيحة والوصية قال :" أوصيكم بتقوى اللهِ والسمعِ والطاعةِ وإن عبدًا حبشيًّا فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ " صححه الألباني. ، ولا تستقيم الولاية والجماعة إلا بطاعة ولاة الأمور أما الخروج عليهم ومحاولة خلع ولايتهم ومحاولة إفساد الأمر فإن هذا هو الهلاك العظيم وإن زُين وزخرف أنه طلب للحرية وأنه طلب لتحقيق المصالح والإصلاح فكل هذا كذب وتدجيل ، فإن المصلحة إنما هي باجتماع الكلمة وطاعة ولي الأمر ولو كان عنده تقصير ، أما إذا خُلعت الولاية وعمت الفوضى فمن الذي يضبط الأمور، بدون ولي الأمر، فلذلك لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم غطوه ثم ذهبوا إلى سقيفة بني ساعده يختارون لهم وليًا لأمرهم فقدموا هذا على تجهيز الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بايعوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، عند ذلك توجهوا يجهزون الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قبره عليه الصلاة والسلام لعلمهم أنها لا تمضي ساعة بدون ولي أمر ، لئلا ينفرط الأمر ويصعب العلاج بعد ذلك ، فولي الأمر به يحسم الله جل وعلا الخلاف ، بولاية الأمر تقام الحدود والتعزيرات ، وتحكم الشريعة، ويردع الظلمة وتؤمن السبل والأسفار وتقوم التجارات وطلب المكاسب كل هذا نتيجة لتحقق قيام الأمر والسمع والطاعة لولي أمر المسلمين، ولهذا لما دعا الخليل إبراهيم عليه السلام لأهل مكة قال "رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ" البقرة (126) ، فقدم طلب الأمن على طلب الرزق لأن الأمن ضرورة، ولا يتلذذ الناس بالرزق مع وجود الخوف، وهذا ما يريده الأعداء الذين يحاولون زعزعة اجتماع المسلمين وتفكيك تجمعاتهم على ولاة أمورهم، فأعداء الإسلام يحاولون إزالته بشتى الوسائل إما بإزالة تجمع المسلمين واجتماع كلمتهم وإما بتفريقهم إلى أحزاب وجماعات باسم الدين كل جماعة تعادي الأخرى ، "كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" الروم (32) وإما بالعلمانية التي هي فصل الدين عن الدولة يقولون الدين في المساجد فقط وأما خارج المسجد فلا سلطة للدين لا في الأسر ولا في الشوارع ولا في المعاملات ولا في الدماء ولا في أي قضية ليس للإسلام دَخل في هذا إنما هذا تحكمه الأنظمة البشرية والقوانين كما يقولون هذا منهج العلمانيين وهو ركيزة ركزها الكفار في أبناء المسلمين

الأمر الثالث: إن الأمن لا يستقر إلا بالشكر لله على نعمة الأمن أما الذين يحرضون على الإخلال بالأمن فهم يكفرون النعمة ، قال تعالى آمراً قريش "فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ" قريش (3-4)

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم .

أما بعد، عباد الله ؛

هناك وسائل تحث على الفتن وتشجع عليها، فيغتر بها الجاهل أو صاحب الهوى وهذا يتمثل في الفضائيات والمواقع المشبوهة والقنوات الضالة المنحرفة التي تحرش بين المسلمين وبين الولاة والرعايا تحرش لتفكك المسلمين فيستمع إليها وينظر إليها من لا يعرف ما وراءها ، فاحذروا منها يا عباد الله وحذروا منها فإنها وسائل فتنة ودمار على المسلمين، نسأل الله عز وجل أن يكفي المسلمين شرهم ، وأخبر صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان بحدوث الفتن وانفلات الولاية، قال له حذيفة : ما تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك قال: " تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ، قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ ؟ قالَ فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ" رواه البخاري ومسلم .

واعلموا عباد الله أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذَّ شذَّ إلى النَّار

هذا ، وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" الأحزاب (56)

اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ ، وعليٍّ ، وعَن الصحابة أجمعين ، وعن التابِعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، واجعل هذا البلد آمنا مستقراً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه وردَّ كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره ، إنك على كل شيء قدير، اللهم آمَّنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، اللهم أصلح بطانتهم وأبعد عنهم بطانة السوء، اللهم اكفنا شر دعاة الضلال الذين استفحل أمرهم في هذا الزمان ، اللهم اكفنا شرهم بما شئت اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في الحد الجنوبي على الرافضة المشركين ، ربَّنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

"سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين" الصافات (180-182)

1438-03-1 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 8 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي