الراحة النفسية

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 21 شوال 1437هـ | عدد الزيارات: 1695 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي ينير قلب من شاء إلى الإيمان، ويشرحه للإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله .

أما بعد:

عباد الله:

أوصيكم بتقوى الله فمن اتقاه جعل له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجاً، ومن كل بلاء عافية

إن الدنيا دار لا تخلو من الشدة، ولا يسلم فيها الإنسان من الهموم. قال -صلى الله عليه وسلم-: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. رواه مسلم

إن المتأمل لبعض أهل هذا العصر يجد بعض الشكوى من الكآبة بسبب الهموم المتنوعة، حتى وصل الأمر عند القليل منهم إلى الانتحار -والعياذ بالله- لذا فالحاجة ماسَّة لمعرفة وسائل الراحة النفسية، وأولُ تلك الوسائل :

- تحقيقُ الإيمان بالله المتضمنُ محبته ومحبة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإفراد الله -جل وعلا- بالخوف والرجاء.. مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. النحل: 97

فانطرحْ بين يديه -سبحانه- واعتمدْ عليه وثقْ به، واطمعْ في فضله ..وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. الطلاق: 3؛ أي كافيه كفايةً تامةً في جميع أموره.

الوسيلة الثانية:

- التحلي بالصبر، قال -صلى الله عليه وسلم-: عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له"رواه مسلم، فاصبرْ صبر المؤمن الموقنِ بما أخبر به المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ما يصيب المسلمَ من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكةِ يُشاكها إلا كفر الله بها خطاياه.رواه البخاري، ولمسلم:ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب، ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كُفِّر به من سيئاته

الوسيلة الثالثة:

- أن يجعل العبدُ همَّه الأكبرَ الآخرةَ، صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من كانت الآخرةُ همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقرَه بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له.رواه الترمذي وصححه الألباني.

الوسيلة الرابعة:

- المحافظة على الصلوات المفروضة، والإكثار من نوافلها بتدبر وخشوع، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي.. قال -جل وعلا-:وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ.البقرة:45. ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه يقول: " حُبِّبَ إلي منَ الدُّنيا ، النساءُ ، والطِّيبُ ، وجُعِلَ قرةُ عيني في الصلاةِ " صحيح الترمذي للألباني

الوسيلة الخامسة:

الإكثارُ من ذكر الله -جل وعلا:" أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ." الرعد: 28، ، ومن الأذكار أذكار الصباح والمساء، والاستغفار؛ ومن ذلك أيضاً الصلاة والتسليم على النبي الكريم.. اللهم صلِّ وسلم عليه ، ومن أفضل الأذكار تلاوة القرآن بتدبر.. يقول -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ.هود:57

الوسيلة السادسة:

- النظرُ إلى النعم التي لا تحصى مما أنعم الله بها عليك، قال -صلى الله عليه وسلم-:" انظروا إلى من هو أسفلُ منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فإنه أجدرُ ألا تزدروا نعمة الله عليكم" متفق عليه

الوسيلة السابعة:

- أن يعيش المسلم متفائلاً،قال صلى الله عليه وسلم:"لا يَفرَك مؤمنٌ مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضِيَ منها آخر". رواه مسلم

الوسيلة الثامنة:

- أن يستشير المسلم ذوي الرأي من أهل العلم والفضل؛ فقد قال خباب بن الأَرَت -رضي الله عنه-: شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مُتوسِّدٌ بردةً له -وهو في ظل الكعبة- فقلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعوا الله لنا؟... الحديث رواه البخاري

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعنا بما فيهما من الهدى والفرقان، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الأنبياء والمرسلين.. اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى آلهِ وصحبه أجمعين.

أما بعد: أمة الإسلام:

إذا وقعت بكم ضراء فأسدوا لغيركم إحسانا، يعقب ذلك لكم فرحاً وسرورا؛ فالله -جل وعلا- يقول: " وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ." البقرة: 195

وعليكم بالصدقة، فهي تزيل الهم، وهي سبب للشفاء؛ فمن تصدق بنية الشفاء وجد ذلك عياناً وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: داووا مرضاكم بالصدقة.حسنه الألباني.

أخي في الله:

ليكنْ شعارُك في هذه الحياة عند التعامل "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ".فصلت: 34 فكن ذا قلب لا يحمل الحقد، وكن ذا صدر بريء من التشفي تسعد وتغنم. ألا وإن الله أمرنا بأمر عظيم ألا وهو.. الصلاة والسلام على النبي الخليل.

اللهم صلِّ وسلِّمْ على خليلك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين وعن الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحَزن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن ضلع الدين وقهر الرجال. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين. اللهم أصلح أحوال المسلمين وفرج همومهم واكشف كرباتهم واحقن دماءهم ومن أرادهم بسوء فأشغله في نفسه، ووفق أئمتهم لخدمة الإسلام والمسلمين، اللهم وفق وليَّ أمرنا ووليَّ عهده لما تحب وترضى واحفظ جُنْدَنا في الحد الجنوبي، واحفظ ديارَنا من كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.

عباد الله: اذكروا الله ذكراً كثيرا، وسبِّحوه بُكْرَةً وأصيلًا.

1437-10-21 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 4 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي