حق المسلم على إخوانه

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 12 رجب 1436هـ | عدد الزيارات: 1696 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله واهِب العطايا، ودافع البلايا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حث على المُواساة في حال الكوارِث والمجاعاتِ، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه أشرفُ الخلق والبرايا، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِهِ الذين ارتفَعوا عن الدنايا، وأخلَصُوا المقاصِد والنوايا، صلاةً تبقَى وسلامًا يترَى إلى يوم الدين

أما بعد

أيها المسلمون اتقوا المولى؛ فبالتقوى تندفِعُ البلوَى، "وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"الزمر:61

إن المسلم يُواسِي أخاه في بلوَاه، ومن شِيَم الكرام أنهم إذا سمِعوا صارِخةَ قومٍ أو صوتَ استِغاثةٍ أنجَدُوا ألا وقد حلَّ ببعض أهل الإسلام من البلاء الشديد، والجُوع العظيم، والكوارِث المُدمِّرة، والحروب الذَّميمة، التي بلغَت منهم مبلغًا أليمًا، ونزلَت بهم كُربتُها، وأحاطَت بهم شِدَّتُها، ولازَمَتهم مِحنتُها

يا أهل الشَّفقة والإحسان! يا أهل التقوى والإيمان تصدَّقُوا بما قلَّ وبما جلَّ،"إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ"يوسف:88.يا أهل النَّجدة والغوث أنقِذوا إخوانَكم من مهاوِي الذلِّ والانكِسار؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال "المُسلم أخو المسلم لا يظلِمُه ولا يُسلِمُه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مُسلمٍ كُربةً فرَّج الله عنه كُربةً من كُرُبات يوم القيامة، ومن ستَرَ مُسلمًا ستَرَه الله يوم القيامة" متفق عليه

أيها المؤمن أخاك أخاك، اكشِف عنه كربًا، اقضِ عنه دَينًا، اطرُد عنه جُوعًا، خفِّف عنه ألمًا، قدِّم له نفعًا يقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- "والمُواساة في العُسرة وترميقُ المُهجَة من الجائِع واجبٌ على الكِفايَة بالإجماع"فهل قامَ المسلمون بهذا الواجبِ الكِفائيِّ؟!ويقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- "وعلى قدر الإيمان تكون هذه المُواساة، فكلما ضعُف الإيمان ضعُفَت المُواساة، وكلما قوِيَ قوِيَت"فهل كانت المُواساة على قدر الكارِثةِ والمأساة؟!يا أهل الثَّراء اصنَعوا المعروف، وأدرِكوا الملهوف، وأسعِفوا المكلوم، وواسُوا المظلوم، وأغِيثُوا المهضُوم، وارحَموا المكرُوب، وأعطُوا المنكُوب فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن الله -عزّ وجل- يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرِضتُ فلم تعُدني قال يا ربِّ كيف أعودُك وأنت ربُّ العالمين؟! قال أما علِمتَ أن عبدِي فُلانًا مرِضَ فلم تعُده، أما علِمتَ أنك لو عُدتَّه لوجَدتَّني عندَه؟! يا ابن آدم استطعَمتُك فلم تُطعِمني قال يا ربِّ وكيف أُطعِمُك وأنت ربُّ العالمين؟! قال أما علِمتَ أنه استطعَمك عبدي فُلانٌ فلم تُطعِمه، أما علِمتَ أنك لو أطعَمتَه لوجدتَّ ذلك عندي؟! يا ابن آدم استسقيتُك فلم تسقِني قال يا ربِّ وكيف أسقِيكَ وأنت ربُّ العالمين؟! قال استسقَاكَ عبدِي فلانٌ فلم تسْقِه، أما إنك لو أسقيتَه وجدتَّ ذلك عندي؟!" أخرجه مسلم

اللهم كُن للضعفاء والفقراء وأهل البلاء اللهم أغنِهم بعطائِك عن سُؤال عبادِك، اللهم اكفِهم بالنَّوال عن ذُلِّ التعرُّض والسُّؤال، أنت الرحيم الكريم الكبير المُتعال

الخطبة الثانية

الحمد لله العزيز القوي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير الغني، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه صاحبُ القدر العليِّ والقلب الزكِيِّ، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِهِ ذوِي الفضل السَّنِيِّ والصدقِ الجلِيِّ

أما بعد

أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فقد فازَ المُتَّقِي، وخسِر المُسرِفُ الشقِيِّ،"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"آل عمران:102

حاذِرُوا زوال النعمة التي تتقلَّبُون فيها، احذَروا تجاوُز الحدِّ، احذَروا الطُّغيان فما بعد الكُفران والطُّغيان إلا الزوالُ والحِرمان كُونوا ممن شكرَ واعتبَر، ولا تكونوا ممن طغَى وجحَدَ

أيها المسلمون: صُونوا النعمةَ من العبَث والإسراف والتبذير، واشكرُوا نعمة الله تعالى بالمُداومَة على طاعته، والحَذَر من معصيته، والإحسان إلى ذَوِي الحاجَةِ والفاقَة

وصلُّوا وسلِّموا على محمد الهادي؛ فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًااللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبعة أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بمنِّك وجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين اللهم أعزَّ الإسلام وانصر المسلمين، وأذِلَّ الشرك والمُشركين، ودمِّر أعداء الدين

وصلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1436-7-11 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 7 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي