الدرس 188: أحكام الولائم

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 11 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 2341 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

إقامة الوليمة في عقد النكاح أمر مشروع وجاءت الأحاديث المتكاثرة بالحث عليها وأن ذلك معدود من إعلان النكاح فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه، وثبت فيهما أيضا أنه عليه الصلاة والسلام قال لعبد الرحمن بن عوف لما تزوج "أولم ولو بشاة" والمشروع في ذلك ألا تصل الوليمة والأطعمة والأشربة المعدة إلى حد البذخ والسرف والتبذير فإن ذلك مذموم شرعا وفاعله من إخوان الشياطين قال تعالى "وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" فالمطلوب هو التوسط فلا إسراف ولا تقتير وإذا ترتب على كثرة الأطعمة وتنوعها رميها في صناديق النفايات وعدم الاستفادة منها فلا شك أن هذا أعظم إثما وأشد خطرا وفاعل ذلك معرض نفسه لعقاب الله ونقمته فعلى المسلم الحذر من ذلك وأن يكون مقتصدا في ولائمه ومناسباته وجميع أموره

و يحرم على المسلم أن يكثر من الأكل على وجه يضره لأن ذلك من الإسراف والإسراف حرام قال الله تعالى "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" الأعراف آية 31

س: ما حكم قبول الهدية والأكل من موارد محرمة ؟

ج: إن عرفت أن ما أعطي لك هدية أو قدم لك طعاما لتأكل منه حرام بعينه فلا تأكل منه ولا تقبله هدية وكذا الحكم إن كان كل كسبهم حراما وإن لم يتميز ما كسبوه من حلال عما كسبوه من حرام ففي قبول الهدية منه أو تناوله طعاما في ضيافة ونحوها خلاف بين العلماء فقيل حرام مطلقا وقيل إن زاد ما فيه من الحرام عن الثلث فحرام الأكل منه وقبول هديته وقيل إن كان الحرام أكثر من الحلال حرم تناوله أكلا وقبوله هدية وقيل ليس بحرام مطلقا فيقبل الهدية ممن كسبه ويأكل منه إن قدمه له طعاما وهذا هو الظاهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل من يهودية شاة مشوية وأكل منها ولعموم قوله تعالى "وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ" سورة المائدة آية 5 ومن المعروف أن اليهود والنصارى يأكلون الربا ولا يتحرون الكسب الحلال بل يكسبون الحرام والحلال وقد أذن الله في أكل طعامهم وأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى جماعة من حديث سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن زر بن عبد الله عن ابن مسعود أن رجلا سأله فقال: لي جار يأكل الربا ولا يزال يدعوني فقال: مهنؤه لك وإثمه عليه، ولو تنزه المسلم عن مخالطتهم والإكثار من التهادي والتزاور فيما بينه وبينهم واقتصر على ما تدعو إليه المصلحة أو الحاجة لكان خيرا له

س: عن حكم الأكل من الدكان ؟
ج: يجوز إذا أذن لك صاحب الدكان وإلا فلا يجوز

س: هل يجوز إعطاء تذكرة الأكل من مطعم الجامعة لغير الطلاب ؟

ج: إذا كان الأمر كما ذكرت فهذا كذب ومساعدة على أكل المال بالباطل فهو حرام فلا يجوز أكل مال الغير بالكذب سواء كان مسلما أو ذميا وأما إذا كان حربيا فماله حلال للمسلمين

س: ما حكم الأكل عند من ماله من الحيلة ؟

ج: إذا كان نفس الطعام الذي يقدمه كسبه من حرام أو كان كل كسبه حراما حرم عليك الأكل من ذلك وإن كان ماله خليطا من حلال وحرام جاز أن تأكل منه على الصحيح من أقوال العلماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود وفي أموالهم شيء من الربا

س: إمامنا يأكل طعام لحم في ذبيحة كل ضريح ؟

ج: الذبائح التي تذبح على أضرحة الصالحين لا يجوز الأكل منها والإمام الذي يأكل منها يرشد ببيان عدم جواز الأكل فإن أكل بعد البيان فلا تصل خلفه لأن الذبح من العبادات ولا يجوز إلا لله وحده ولا يجوز التقرب بالذبائح للصالحين ولا غيرهم من المخلوقين لقول الله تعالى "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ" والنسك هو الذبح وقوله تعالى "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" وقول النبي صلى الله عليه وسلم "لعن الله من ذبح لغير الله" خرجه مسلم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب رضى الله عنه

س: أنا شاب مسلم بدون عمل عائلتي تصرف في المأكل والمشرب من مصدر حرام هل تجوز صلاتي ؟

ج: لا يجوز لك أن تأكل أو أن تلبس أو أن تنفق مما بذل لك من الكسب الحرام ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب لكن لا تأثير لذلك على صلاتك بل هي صحيحة

س: والدي يعمل في مطعم وصاحبه بخيل ويأتي لنا بلحم بدون علمه ؟

ج: لا يجوز لك أن تأكل من هذا الطعام الذي يأخذه والدك من المطعم خفية بدون علم صاحب المطعم فلا يجوز لك أن تأكل مما سرقه والدك من المطعم لقول النبي صلى الله عليه وسلم "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" رواه مسلم في صحيحه

س: ورث مبلغا من المال وقبل انتهائه بقليل علم أن جزءا منه كان تأمين على الحياة لم يستكمل أقساطها ومات صاحبها فدفعت شركة التأمين المبلغ للورثة ؟

ج: يكفي للخروج من الإثم إخراج الزائد وتوزيعه على الفقراء تخلصا من المال الحرام

العمل في مطعم يوزع فيه الخمور لا يجوز لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان والله سبحانه يقول "وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" وعليه التوبة إلى الله سبحانه وترك هذا العمل الذي فيه الإعانة على ما حرم الله كشرب الخمر

وأما حجه مما جمع من المال فلا حرج عليه في ذلك إن شاء الله بعد التوبة من عمله لكونه جاهلا بالحكم الشرعي

س: هل من الشرع أن اسأل إذا دعيت إلى طعام عن مصدر المال الذي جئ به هذا الطعام ؟

ج: ليس السؤال عن ذلك من هدي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ولا من هدي خلفائه وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ولأن السؤال عن ذلك قد يورث فجوة أو ضغينة أو قطيعة ونوصيك بعدم التشدد في مثل هذه الأمور لما ينشأ عنه من الحرج

الاتكاء على إحدى اليدين في المسجد وغير المسجد مباح وإنما ينهى عنه وقت الأكل

أكل المنتجات والمزروعات مما يعمله المشركون وأهل الكتاب لا حرج فيه ما لم يكن من ذبائحهم فإنه لا يحل إلا ما ذبحه أهل الكتاب على الطريقة الشرعية وأما سائر الكفار فلا يجوز أكل ذبائحهم

ويشترط في غير أهل الكتاب أن لا يتولوا الذبح بأنفسهم ولكن لا يجوز استقدام العمالة الكافرة إلى بلاد المسلمين ولا سيما إلى جزيرة العرب حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجهم منها وهناك من العمالة المسلمة من فيهم الكفاية بإذن الله

وحكم الأكل مع الكافر إذا كان الطعام حلالا جاز الأكل معه ولا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لكونه ضيفا ولقصد دعوته إلى الإسلام ونحو ذلك مع بقاء بغضه في الله حتى يسلم

وبالله التوفيق

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-4-11 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر