الدرس188:باب الوكالة 6

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 29 شعبان 1440هـ | عدد الزيارات: 1081 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

أحمد الله و أشكره وأصلي وأسلم على خليل الله محمد

قوله:أو قال بع بكذا مؤجلا فباع به حالاً أو اشتر بكذا حالاً فاشترى به مؤجلاً ولا ضرر فيهما صح و إلا فلا.

هاتان مسئلتان:.

الأولى : بع بكذا مؤجلا فباع به حالاً: قال يا زيد خذ هذه السيارة بعها بخمسين ألف ريال مؤجلة إلى عشرين شهراً فذهب الوكيل وباعها بخمسين ألف نقداً وجاء بالخمسين فقال له الموكل أنا قلت لك بعها بخمسين مؤجلة إلى عشرين شهراً قال الوكيل هذا أفضل لك يقول المؤلف يصح بشرط ألا يكون هناك ضرر فإذا كان هناك ضرر فالبيع غير صحيح.

وصورة الضرر أن يكون هذا الموكل يريد السفر وليس راجعا إلى البلد إلا بعد عشرين شهراً ويخشى على ماله من الضياع فلا يصح البيع بالقبض في الحال مثال آخر أن يكون هذا الموكل في بلد ولاته ظلمة يسطون على الناس ويأخذون أموالهم فهذا فيه ضرر على الموكل إذا باع بالنقد فلا يُلزم بقبض الثمن .

المسألة الثانية :قال الموكل للوكيل اشتر بكذا حالاً فاشترى به مؤجلاً مثاله:

قال يا زيد هذه مئة ألف ريال اشتر بها لي قطعة أرض

فذهب زيد و اشترى قطعة الأرض بمئة ألف ريال مؤجلة إلى سنة فيصح الشراء إلا إذا تضرر المشتري بأنه رجل أخرق إذا صار المال بيده اشترى به كماليات للبيت لا ضرورة لشرائها

فهذا ضرر عليه فلا يصح الشراء بالمؤجل حفاظاً على ماله النقد فلا يلزم بالشراء المؤجل

قول المؤلف رحمه الله : وإن اشترى ما يعلم عيبه لزمه إن لم يرض موكله فإن جهل رده

قوله: وإن اشترى : الفاعل هنا الوكيل.

قوله:مايعلم عيبه لزمه إن لم يرض موكله وذلك أن الموكل إنما وكله في شراء شيء سليم وهو الأصل.

مثاله وكله في شراء خيل فاشترى خيلاً معيبة بثمن المثل ليس فيها زيادة ولا نقص في الثمن فتلزم الوكيل ويضمن للموكل القيمة إلا أن يرضى الموكل فيصح الشراء.

وإن رفض الموكل الشراء فتلزم الوكيل ولا يحق له إعادة الدابة على البائع إلا إذا كان اشترط على البائع قبول الدابة بعيبها من قبل الموكل و إلا فلا

قوله : فإن جهل رده : الفاعل يعود على الوكيل أي إن جهل العيب ولم يدر به رده.

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لا أرش وإنه يقال لمن اشترى المبيع المعيب إما أن ترد و إما تأخذه معيبا ولا ارش إلا برضا البائع و البائع يقول للمشتري خذ السلعة بعيبها و إلا ردها وخذ دراهمك لا تلزمني أن أخصم من الثمن فهذا لا يلزمني وهذا قول صحيح.

قوله : ووكيل البيع :أي الذي وُكل في بيع

قوله :يسلمه:أي يسلم المبيع لأن هذا من مقتضى العقد .

مثاله أعطيت رجلا كتاباً يبيعه لك فباعه وسلمه إلى المشتري مع أن الموكل لم يقل بعه وسلمه إياه وإنما أمره بالبيع و الصحيح أن التسليم من مقتضى العقد لأنه إذا تم البيع ملك المشتري السلعة ووجب تسليمها إياه والذي عليه عمل الناس أن الوكيل وكيل في البيع و قبض الثمن.

قوله:بغير قرينة :أي إذا وجدت القرينة فإنه يقبض الثمن وجوباً و القرينة نوعان:شرعية و عُرفية.

فالقرينة الشرعية :هي ما إذا كان البيع يشترط فيه التقابض فإنه لابد أن يقبض الثمن

مثاله:-أعطاه حلياً من الفضة وقال بعه فهنا لا يمكن أن يبيع الفضة بدراهم دون القبض بل لابد من القبض وهذه القرينة قرينة شرعية

والقرينة العرفية لها صورتان:

الأولى مثل أن يبيعه على رجل غريب لا يُعرف فإذا لم يقبض الثمن منه فإنه سوف يضيع فهنا القرينة تدل على أنه لابد أن يقبضه.

والثانية مثل ما لو باعه على من عُرف بالمماطلة فهنا يقبض الثمن لأنه من مصلحة الموكل.

قوله: ويسلم وكيل المشتري الثمن : أي إذا أعطاه الدنانير وقال اشترلي بها سلعة فاشترى السلعة فيجب أن يسلم الثمن حتى وإن لم يقل الموكل للوكيل سلمه للبائع لأن هذا من مقتضى العقد كما أن وكيل البيع يُسلم المبيع و وكيل الشراء يسلم الثمن و العرف يقتضى استلام الثمن من الوكيل في البيع و استلام السلعة من الوكيل في الشراء.

قوله : فلو أخره بلا عذر وتلف ضمنه:أي لو أخر الوكيل تسليم الثمن بلا عذر ضمنه إذا تلف .

مثاله:أعطيت عمرو خمسين ريالاً يشتري بها بضاعة و اشترى البضاعة في أول النهار وقال للبائع آتي لك بالثمن في آخر النهار فبين الشراء و آخر النهار تلفت البضاعة فيضمن المشتري لأنه مفرط إذ أن الواجب عليه أن يسلم الثمن مباشرة هذا ما ذهب إليه المؤلف و الصواب أن الحكم يدور مع علته والناس إذا اشترى منهم الإنسان بضاعة في أول النهار و أتى بالثمن في آخره لا يعدونه مفرطاً لأن هذا مما جرت به العادة و الخلاصة إذا أخر تسليم الثمن تأخيراً يُعد به مفرطا فهو ضامن و إلا فلا.

ولو أخره بإذن البائع وتلف فالضمان على البائع فإذا تلف الثمن بدون تعد ولا تفريط من الوكيل فضمانه على البائع لأن الوكيل أبقاه بإذن مستحقه وهو البائع.

قوله : وإن وكله في بيع فاسد فباع صحيحاً أو وكله في كل قليل وكثير أو شراء ما شاء أو عينا بما شاء ولم يعين لم يصح

تضمن كلام المؤلف أربع مسائل

المسألة الأولى:إذا وكله في بيع فاسد فباع بيعاً صحيحاً مثل أن يوكله في بيع فرس شارد فالتوكيل لا يصح لأن البيع حينئد فاسد فلو حدد الفرس فباعه بدون توكيل جديد لم يصح لأن أصل الوكالة فاسد إذ أن الموكل لا يملك بيع الفرس الشارد حتى يحضر فإن علق الوكالة بحضوره فقال متى حضر الفرس فأنت وكيل في بيعه صحت الوكالة لأنها تصح معلقة.

المسألة الثانية: أو وكله في كل قليل وكثير إذا وكله في كل قليل وكثير على أنه يشمل جميع الأجناس وجميع الأنواع وجميع الأفراد فهذا لا يصح .

قال اذهب إلى السوق و أنت وكيلي في كل شيء في كل قليل و كثير فوجد سيارات وإبلا وخيلا وبقراً و غنما و حميرا فاشتراها فهذا لا يصح لأن هذا يعظم به الضرر وبه جهالة عظيمة هذه هي العلة فالوكالة غير صحيحة وليس للوكيل أن يتصرف .

أما لو عين نوعاً وقال مثلاً اشترلي بُرا قليلا كان أو كثيرا ولو أتيت لي بكل ما في السوق فهنا الخطر قليل فيصح لأن الموكل أراد أن يشتري جميع ما في السوق لأجل أن يوزعه على الفقراء في وقت الحاجة.

المسألة الثالثة : أو شراء ما شاء : قال اشتر ما شئت أنت وكيل عني فلا يصح هذا إذ لو ذهب و اشترى له سيارة قيمتها مليون ريال فهذا فيه خطر ولا يصح.

أما لو عين النوع وقال أنا وكلتك لتشتري لي فرساً فيشمل الصغير و الكبير و السمين و الهزيل فهذا الخطر فيه قليل و يتسامح فيه لأنه مما جرت به العادة لكن لو قال اشتر ما شئت بدون أن يذكر نوعاً فهذا خطره عظيم ولا تصح الوكالة فيه.

المسألة الرابعة : أوعيناً بما شاء ولم يعين لم يصح" كلام المؤلف فيه نظر.

مثاله:قال اشترلي الساعة الفلانية موديل كذا و صفتها كذا فقال له بكم قال بما تشاء يقول المؤلف هذا لا يصح لأنه ربما لا تساوي الا عشرة ويقول للبائع أخذتها بأربعين فإذا جاء بها إلى الموكل قال خذ هذه الساعة بأربعين فقال الموكل هذه لا تساوي إلا عشرة فقال الوكيل أنت قلت لي اشتر بما شئت وأنا شئت أن اشتريها بأربعين يقول المؤلف لا يصح لكن نحن نعلم علم اليقين أن الموكل لما قال للوكيل بما شئت فإنما وكله إلى أمانته وليس من الأمانة أن يشتري ما يساوي عشرة بأربعين .

والضابط في ذلك أن كل ما دل عليه العرف أو القرينة مما يحتمله كلام الموكل وليس فيه محظور شرعي فإنه صحيح لأن الأصل في المعاملات الحل.

وبالله التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1440-8-29هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي