الخمر

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 8 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 2426 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الإسلام يقف موقفاً صلباً أمام الخمر والخمارين لما يرى من خبثها وعبثها بعقل شاربها وأضرارها الجسيمة عليه فيصفها بأنها أم الخبائث على لسان المصطفى صلوات الله وسلامه عليه حينما قال "الخمر أم الخبائث"حسنه الألباني. وقال رب العزة "يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"المائدة:90. ويرى الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم أنها مفتاح كل شر فلذلك فهو يحذر من شربها فقال "اجتبنوا الخمر فإنها مفتاح كل شر"صححه السيوطي. وهذا الازدراء والبغض من الإسلام للخمر يتبعه عذاب شديد وعقاب أليم يتمثل في الآتى

أولاً: أن شارب الخمر ينزع منه الإيمان

ثانياً: أن شارب الخمر يحرم من ريح الجنة.

ثالثاً: أن مدمن الخمر لا يدخل الجنة ويسقى من نهر الغوطة وطينة الخبال

وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: إن على الله عهداً للمن شرب المسكر أن يسقيه الله من طينة الخبال قيل يا رسول الله وما طينة الخبال قال عرق أهل انار. رواه مسلم.

رابعاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة ولا يموت وفي مثانته منها شيء إلا حرمت بها عليه الجنة فإذا مات في أربعين ليلة مات ميتة جاهلية"صححه الالباني. هذه نظرة الإسلام لشارب الخمر ولكن ما نظرته لمن يبيعها ويصنعها ونحوهم وما نظرته لمن يجلس في مجلس تدار فيه موائد الخمر أما نظرته لبائعها وصانعها وساقيها فقد أدرجهم الرسول صلى الله عليه وسلم في اللعنة مع شارب الخمر فقال صلى الله عليه وسلم "لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه"رواه ابن حبان وصححه الالباني. وأما من يحضر المجالس التي تدار فيها موائد الخمر فقد حذره الرسول صلى الله عليه وسلم من الشك في إيمانه فقال "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة تدار عليها الخمر"رواه احمد وصححه الألباني. قال الله تعالى "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم"النساء:140. هذا موقف الإسلام من الخمر تهديد بالحرمان لمدمن الخمر ولعنة من الله لبائعها وساقيها وحاملها وكل من يساعد على شربها وشرط لكمال الإيمان الابتعاد عن مجالس الرجس التي تدار فيها موائد الخمور، فهل يجرؤ المسلم بعد هذا الموقف الصلب من الإسلام أن يشرب أو يساعد شارباً أو يجلس معه ولكن ماتت القلوب وغمرتها المعاصي حتى أصبحت لا تعتبر بالمواعظ ولا تهزها الآيات القرآنية ولا تردعها أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم فظهر بعض من أبناء المسلمين يتعاطون هذا الرجس سودوا وجوههم ووجوه آباءهم وإخوانهم بهذا الجرم الشنيع الذي سمعنا وعيد الإسلام لمقترفه

عباد الله: إن الواجب على الآباء أن يحرصوا على أبنائهم من البداية وأن يربوهم التربية السليمة حتى لا يقع فيما حذرنا منه

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى صحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.آل عمران:102. واعلموا أن دينكم دين الكمال والسمو ما ترك خيراً إلا أمر به وحث عليه ولا ترك شراً إلا حذر منه وسلبه المنفعة ومن تلك الشرور والمفاسد المخدرات والمسكرات بكافة أنواعها من خمور ومشروبات وحبوب

وسنبين أضرارها على شاربها وعلى المجتمع وهذه الأضرار تكمن في الآتى

أولاً: أنها فساد في الدين والأخلاق والعقل لأنها تضل العقل وإذا ضل العقل فلا دين ولا أخلاق وقد قال أحد الشعراء فيها

شربت الخمر حتى ضل عقلي *** كذاك الخمر تفعل بالعقول

وإذا ذهب العقل تحول المرء إلى حيوان شرير وصدر عنه من الشر والمفاسد ما لا حد له،فالقتل والعدوان والفحش وإفشاء الأسرار وخيانة الأوطان كل هذه المفاسد من آثارها، وهذا الشر يصل إلى نفس الإنسان وإلى أصدقائه وجيرانه

ثانياً: أنها فساد في الذرية وجناية على الشرف تورث الذل والمهانة

ثالثاً: أنها رجس من عمل الشيطان قال تعالى: يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون.المائدة:90-91.

رابعاً: أنها نجسة تنجس ما اتصلت به

خامساً: أن أَضرارها الاقتصادية ظاهرة واضحة ولو استغلت هذه الأموال التي تبذر فيها لسدت حاجات المعوزين ولاستفادت منها الأمة في شئون نافعة

سادساً: لها أضرار جسيمة على البدن يبينها الأطباء في النقاط الآتية

أ: أن الجهاز الهضمي يصاب بالنزلة المعوية الحادة فيحصل فساد في الهضم وخمود في المعدة والتهاب في الأمعاء واستمالة في منسوج الكبد وأخيراً تتفتت الكبد وتتلف

ب: أن الجهاز البولي والتناسلي يحصل فيه تنبه ينشأ عنه التهاب الكلى وفساد منسوجها وهذا ينشأ عنه فساد النسل

ج: يصاب المخ باضطراب يكون منه الجنون والخوف والخيالات المختلفة كرؤية الهيئات الشنيعة والارتعاش وفقد الاحساس والشلل المحدود الذي يؤل إلى شلل عمومي وقد تؤدي الخمر إلى الصرع والتشنج واستمالة المراكز العصبية المخية الشوكية وعلى العموم يحصل في البنية اضطراب تضعف أمامه عن مقاومة المؤثرات الخارجية

د: أنه يعتري القلب الضمور والاستمالة الشحمية فينشأ عن ذلك إبطاء في الدورة الدموية بالرئة تحدث عند النزلة الشعبية وموت الفجأة

هـ: أنها تعرقل هضم الطعام فينشأ عنه التخم والحموضة في المعدة والقيء

و: تضعف الخمور المناعة وتخدر الكرات الدموية البيضاء التي جعلها الله حارسة لجسم الإنسان فينشأ من ذلك مرض الإيدز

ز: التعرض لذهاب البصر فجأة

هذه بعض أضرار المخدرات على البدن الذي هو ملك لا يحق لأي أحد أن يجهله أو يؤذيه ويجلب له الأضرار فهل من العقل أن يستجيب الإنسان لهواه ويقدم على شرب المخدرات وتناول الحبوب التي انتشرت بين شبابنا حتى اصبحت تجارة رابحة لذوي الهمم الضعيفة والنفوس المريضة

سابعاً: ومن فساد الخمور والحبوب أنها أرهقت الأرواح الكثيرة فكم مرة سمعنا عن الحوادث التي ذهب ضحيتها العديد من الأنفس بسبب تناول وشرب المخدرات والمسكرات ، ولقد تنبهت لهذه الأضرار والمفاسد الدول الكافرة وحاولت أن تمنع شعوبها من تناول المخدرات والمسكرات وبذلت كل ما تستطيعه من قوى وطاقات لمنعها بعد أن استشرت في مجتمعاتهم واستبان ضررها فوضعت الغرامات المالية والعقوبات الشديدة لمتعاطيها ولكنها فشلت نتيجة لموت الضمائر وعدم وجود الوازع الديني الذي يردع الواحد منهم وفي المقابل فإنها تبذل كل ما تستطيع في سبيل نشر هذه المخدرات بين المسلمين

والإسلام الذي نزل من عند الخلاق العليم الذي يعلم السر وأخفى حرم المسكرات على معتنقيه فاستجابوا لندائه وبسرعة تحار أمامها العقول حيث أنهم كانوا يتعاطون الخمور ولا يسلون عنها ولما نزلت الآية التي تحرم الخمر والتي ختمت بقوله تعالى " فهل أنتم منتهون " المائدة 91 ، قالوا انتهينا انتهينا وأراقوا ما عندهم من الخمور حتى سالت بها شوارع المدينة، هؤلاء بعض أبناء المسلمين وأحفاد الصحابة في هذا الزمان وللأسف يعصون قول الله ويطيعون ابليس ويتعاقرون المخدرات بالحبوب وكافة أنواع الخمر ويعصون أوامر دولتهم ويقومون بتهريب هذه المخدرات مضحين بأنفسهم وبمجتمعهم ويسعون في خراب أمتهم وكأنهم لم يعرفوا تشديد الإسلام في تحريم هذا الرجس

نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يثبت مطيعهم وأن يكبت من أراد بهذا المجتمع المسلم سوء ويرد كيده في نحره إنه سميع مجيب

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً"الاحزاب:56. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

ملحوظة : ألقيت هذه الخطبة عام 1426هـ

1435-4-8هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي