ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

اللحوم المستوردة

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 6 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 2651 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أما بعد؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران102]

عباد الله: إن مما يشغل بال الكثير من المسلمين سواء من يعيش منهم في الوطن الإسلامي الكبير أم من يعيش في غيره من بلاد العالم موضوع اللحوم المستوردة والمذبوحة في غير البلاد الإسلامية هذه القضية التبست على البعض من الناس وتعلل البعض بتعليلات إما جهلاً وإما تبريراً لأنفسهم منها قول الله تعالى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ[المائدة:5]. فنقول إن هذه الآية مخصوص عمومها بقوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ } [المائدة:3].

والتذكية إذا أطلقت تنصرف إلى قطع الحلقوم والمريء والودجين ومعنى ذكيتم أدركتم ذكاته على التمام، فالذكاة في الذبيحة تطهيراً لها وإباحة لأكلها والذكاة في الشرع عبارة عن انهار الدم وإنهار الدم لا يكون إلا بقطع الحلقوم والمريء والودجين فهنا اشترط في الذبيحة الذكاة فما يذبح أهل الكتاب على غير الطريقة الشرعية فهي داخلة في حكم المنخنقة والموقوذة فحينما نقرأ هذه الآية {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} [المائدة 5ٍ] ، اعلموا أنه ليس المراد منه إباحة ما قتله أهل الكتاب على أي صفة فعلوا بل لا بد في ذلك من قطع الحلقوم والمريء لقوله صلى الله عليه وسلم "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل"رواه البخاري. فإذا حرمت ذبيحة المسلم التي لم يقطع منها الحلقوم والمريء والودجين فلأن تحرم ذبيحة أهل الكتاب بطريق أولى.

قد يحتج بهذا الحديث روى البخاري عن عائشة أنها قالت يا رسول الله " إن قوماً حديثوا عهد بجاهلية يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا فقال : سموا الله أنتم وكلوا " فهذا الحديث يا عباد الله لا يدل على إباحة أكل الحيوان من دجاج وذبائح مما يجلب من بلاد الكفر كالملاحدة والوثنية لأن حديث عائشة في قوم مسلمين إلا أنهم حديثوا عهد بكفر وذبيحة المسلم الأصل فيها الحل وعائشة لم تسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الذابح ولا عن صفة الذبح لعلمها أنهم مسلمون إنما سئلت عن التسمية فقط لأنهم يمكن أن يجهلوا حكمها لقرب عهدهم بالإسلام فإذا ما جهل حال ذابحه وكيفية ذبحه يتلخص ذلك في الآتي:

أ: إن كان الذابح مسلماً فلا شك في إباحته لأن الأصل فيما يذبحه المسلمون الحل

ب: إذا علم أن الذابح له كتابي وقد ذبحه بالطريقة الشرعية فهذا حلال كذبيحة المسلم بنص الكتاب والسنة والإجماع لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله هذا ما قاله العلماء في ذلك

ج: إذا جهل الأمر فلا يدري هل الذي ذبحه ممن تباح ذبيحته أم لا كما هو الغالب فيما يجلب في أسواق المسلمين من بلاد الكفر فالقواعد الشرعية تقتضي التحريم فالقاعدة الشرعية تقول " إذا اشتبه مباح بمحرم حرم أحدهما بالأصالة والآخر بعارض التحريم " والقاعدة الآخرى " إذا اجتمع مبيح وحاظر قدم الحاظر لأنه أحوط وأبعد من الشبهة " والأدلة دلت على البعد عن مواضع الشبهة كما في الحديث " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعرفهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه " أخرجه البخاري ومسلم ، قال النووي : إذا حصل الشك في الذكاة المبيحة للحيوان لم يحل لأن الأصل تحريمه .

د : الكتابي إذا ذكر اسم غير الله كالمسيح وعزير وغيرهما على الذبيحة فمذهب جمهور العلماء أنه حرام لا يؤكل وهذا قول الإمام أبي حنيفة والشافعي وأحمد.

فعلى المسلم يا عباد الله الإذعان والانقياد لما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم سواء ظهرت له حكمة المنع أو لم تظهر إذ أن مقصود الشرع فيه الابتلاء بالعمل ليظهر العبد رقه وعبوديته بفعل ما لا يعقل له معنى لأن ما يعقل معناه قد يساعده الطبع عليه ويدعوه إليه.

هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفره إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانه إلى يوم الدين وسلم تسليماً .

أما بعد؛

عباد الله : مما سبق اتضح لنا أنه حرام أكل بعض اللحوم المستوردة من دجاج ومعلبات وخراف ونجمل الأدلة في النقاط الآتية

أولاً: أنه يوجد في الأسواق دجاج مثلج أحضر من بلاد الملاحدة وكتب عليه ذلك مثل بلغاريا وروسيا والصين وهذه بلاد ملحدة وذبائح الملاحدة حرام على المسلمين أكلها ولا أحد يشك في ذلك

ثانياً: يشترط في ذبائح أهل الكتاب التذكية أي أن تذبح على الطريقة الإسلامية وذلك بقطع الحلقوم والمريء والودجين والكل يعلم أن الذبح عند الكفار على الوجوه الآتية:

أ: الصعق الكهربائي حتى تموت.

ب: وضعها في ماء يغلي من الحرارة حتى يموت.

ج: الضرب بمطرقة من حديد حتى يموت وذلك يفعل بالأبقار والأغنام.

وقد أثبت ذلك شهود عيان ففي بريطانيا مثلاً لاحظ بعض من الزائرين أنه يباع هناك غير مذبوح حيث يقدم في المطاعم وفي الأسواق ورأسه غير مفصولة عن جسده أما عند تعبئته وإرساله إلى المسلمين فيقومون بفصل الرأس عن الجسد بعد موته وسألوهم عن السبب في ذلك فأجابوا أنه إذا ذبح خرج دمه وخف وزنه فقل ثمنه.

عباد الله: تعلمون أن بلاد العالم لا تخلوا من مسلمين فلو أن المسلمين تمسكوا بإسلامهم وامتنعوا عن شراء ذبائح الكفار لعلمهم أن ذلك حرام عليهم لضطر الكفار لوضع مجازر إسلامية ووضعوا فيها مسلمين يقومون بعملية الذبح الشرعي ولكن الله المستعان.

ونحمد الله أن البديل أصبح موجود بكثرة في الأسواق فقد كثرت مشاريع الدواجن الوطنية وغيرها وسدت احتياج الناس وأصبح لا يشترى المستورد إلا بعض أصحاب المطاعم لأن نظرتهم تجارية فلا يهمهم الحل والحرمة بقدر ما يهمهم المكسب المادي إلا من رحم الله .

اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك وبصرنا بأمور ديننا وعلمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا ، وانصرنا على القوم الكافرين ، واحفظ بلادنا وإمامنا ولي امرنا من كل سوء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 2 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي