الدرس 162: باب الحقوق الزوجية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 4 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 2330 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه من أجل حقه عليها

وليس في الشرع ما يدل على إلزام الزوجة أن تساعد أم الزوج إلا في حدود المعروف وقدر الطاقة إحسانا لعشرة زوجها وبرا بما يجب عليه بره وإ ذا لم تسافر زوجتك إلى أمك خوفاً مما قد يصيبها من الأحداث والأخطار في بلد أمك فهي معذورة ولا إثم عليك في عدم سفرها>

وحسن المعاملة مطلوب من المسلمة مع والدي زوجها ومع غيرهما ولكنها مع والدي زوجها آكد لما في ذلك من حسن العشرة وإعانة الزوج على بر والديه

ويجب على كل واحد من الزوجين أن يتقي الله جل وعلا وأن يؤدي ما عليه من واجبات تجاه الآخر وأن يعاشر كل واحد الثاني بالمعروف والإحسان وأن يكرم كل من الزوجين قرابة زوجه حتى يتم لهم حسن العشرة ويلتئم شمل الأسرة قال تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" وقوله "قانتات" قال ابن عباس وغيره: المطيعات لأزواجهن وقوله في صدر الآية "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" ذكر ابن كثير رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يعني أمراء عليهن أي تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ومن طاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله. تفسير ابن كثير 1/491

وإذا عقد للرجل على زوجته وقد استوفى العقد أركانه وشروطه وانتفت موانعه جاز لزوجها أن يجتمع بها وأن يخلو بها ولو كان ذلك قبل إعلان النكاح حسب العرف المتبع في البلد ولا يجوز لزوجة الرجل أن تكشف وجهها لعم زوجها بناء على تكشفها لوالد زوجها لأن عم الزوج داخل في عموم أدلة نهي المرأة عن كشف وجهها لهم

ويشرع للخاطب أن يرى مخطوبته دون خلوة بها لحديث "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" ويجوز للرجل أن يتكلم مع من تم له عقد الزواج عليها وأن يراها ويجلس معها قبل الدخول بها غير أنه ينبغي أن يراعي في ذلك العادات التي جرت عليها الأسرة خشية الدعاوى الكاذبة

وليس في جماع الزوج زوجته بعد العقد وقبل الزفاف بأس من الناحية الشرعية لكن إذا كان يخشى من ترتب آثار سيئة على ذلك فإنه يمتنع عن ذلك لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح

وإذا كان الوطء لها قبل العقد فذلك حرام وفاعله مرتكب كبيرة عظمى تلزمه تجاهها التوبة النصوح والولد الناشئ عن هذا الوطء ولد زنا ينسب لأمه ولا ينسب لأبيه

ووطء الحائض في الفرج حرام لقوله "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ" ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وإجمعت الأمة على تحريمه وعلى من فعل ذلك التوبة والاستغفار وأن يتصدق بدينار أو نصف دينار كفارة لما حصل منه لما رواه أحمد وأهل السنن بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض "يتصدق بدينار أو نصف دينار" أيهما أخرجت أجزأك ومقدار الدينار أربعة أسهم من سبعة أسهم من الجنيه السعودي فإذا كان صرف الجنيه السعودي مثلا سبعين ريالا فعليك أن تخرج عشرين أو أربعين تتصدق بها على بعض الفقراء

إذ يحرم على الزوج جماع زوجته الحائض وله أن يستمتع بما شاء من جسدها سوى الجماع بعد أن تلبس إزارا فإن جامعها في فرجها فعليه أن يتصدق بنصف دينار كفارة لذلك وعليها أيضا نصف دينار إن طاوعته وإلا فلا شيء عليها

ولا يجوز للرجل أن يجامع زوجته إذا كان محرماً بحج أو عمرة حتى يتحلل من حجه برمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة وسعيه بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير ويتحلل من عمرته بعد طوافه وسعيه والحلق أو التقصير وكذا الحكم إذا كانت هي محرمة بحج أو عمرة ولو كان هو غير محرم

ويحرم جماع الرجل زوجته في قبلها وهي حائض ومن فعل ذلك فقد أثم وعليه كفارة عن هذا الجماع وإذا تكرر ذلك منه تكرر الإثم وتكررت الكفارة بعدد المرات ولو كان في حيضة واحدة وكفارة ذلك: دينار أو نصف دينار ومقدار الدينار: مثقال واحد وهو: أربعة أسباع الجنيه السعودي وعليه التوبة والندم والاستغفار على ما فعل والعزم على ألا يعود عسى الله أن يغفر له

ولا تجزئ الكفارة أن يعطيها أطفاله الفقراء إذا كان فقيراً بل يؤجلها حتى يقدره الله تعالى على إخراجها في غير أهله من الفقراء

وإذا انقطع عنها الحيض وظهرت علامة الطهر أي القصة وجامعها زوجها ولما فرغ من الجماع جاءها الدم أعتبر هذا الجماع جماعاً في طهر ولا حرج عليه فيه

فالحائض والنفساء لا يجوز جماعهما إلا بعد انقطاع الحيض أو النفاس واغتسالهما لقوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ

ويجوز للزوج أن يستمتع بزوجته الحائض فيما عدا الجماع في الفرج لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" رواه مسلم

ومعنى قوله "إلا النكاح" يعني: الجماع

والنفساء في معنى الحائض لكن لو انقطع دمها قبل تمام الأربعين ثم تطهرت بالماء أو تيممت لعذر جاز وطؤها، وكفارة وطء النفساء كفارة وطء الحائض

ويحرم على الرجل أن يطأ زوجته في دبرها ومن حصل منه ذلك وهو لا يعلم لأمر ما فهو معذور معفو عنه إذا كف حينما تبين له والدليل على تحريم وطء الزوجة في دبرها ما رواه أحمد والبخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله "أن يهود كانت تقول إذا أتيت المرأة من دبرها في قبلها ثم حملت كان ولدها أحول قال فنزلت "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ" وزاد مسلم "إن شاء مجببة وإن شاء غير مجببة غير أن ذلك في صمام واحد" فكذب الله اليهود في قولهم "إن الرجل إذا أتى زوجته في قبلها من جهة دبرها وهي مجببة أي مكبة على وجهها جاء الولد أحول" وروى أحمد والترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها " نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ" يعني: صماما واحدا" وقال حديث حسن هذا وقد وردت أحاديث كثيرة في النهي عن وطء الرجل زوجته في الدبر منها ما رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ملعون من أتى امرأة في دبرها" وفي لفظ "لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأة في دبرها" رواه أحمد وابن ماجه ومنها ما رواه أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تأتوا النساء في أعجازهن "أو قال "في أدبارهن" ومنها ما رواه أحمد والترمذي عن علي بن طلق قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول "لا تأتوا النساء في استاههن فإن الله لا يستحي من الحق" ومن فعل ذلك فقد ارتكب منكرا وعليه أن يتوب إلى الله ويستغفره من ذلك ويعزم على ألا يعود إليه ويندم على ما فرط منه وعلى المرأة مثل ذلك

وليس وجود الحيض والنفاس عذرا له في وطئها في الدبر ومع أن فعل ذلك منكر إلا أنها لا تطلق منه.

ومن كان غير قادر على الصبر فننصحه بصيام أيام نفلا ليساعده ذلك على تخفيف الشهوة في فترة حيض زوجته أو نفاسها

ومن وقع في هذه المخالفة فهو مرتكب لكبيرة من الكبائر وفاعل ذلك عاص

إذا تزوج إخوان اثنان بأختين في ليلة واحدة وفي الصباح تبين لهما أن كلا منهما دخل بغير من عقد عليها العقد الشرعي بطريق الخطأ

أولا: يجب أن يفرق بين كل منهما وبين موطوءته فورا حينما يتبين أنها غير زوجته وأن تستبرئ بحيضة

ثانيا: الأصل أن تعود كل منهما إلى من عقد له عليها بعد الاستبراء ومن تبين حملها لحق الولد بالواطئ لأنه وطء شبهة يعتقد حله لا وطء زنا

ثالثا: إذا رضي كل من الأخوين بموطوءته ورضيت به طلق كل منهما زوجته وتزوجها الآخر دون عدة ولا استبراء لأن الماء ماؤه ولو حملت فالولد لاحق به على كل حال

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وفقهنا في أمور ديننا

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-3-4هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 120 الجزء الثالث ‌‌حكم الإسلام في إحياء الآثار - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر