ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 161: النكاح 10

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 1 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1944 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

السنة أن الرجل إذا تزوج زوجة مع وجود زوجة أخرى قبلها فإنه يقيم عند الزوجة الثانية ثلاثة أيام إن كانت ثيبا وسبعة أيام إن كانت بكرا ثم بعد ذلك يبدأ بالقسم ويعدل بينهما ومتى غاب عن إحداهما مدة قضى للأخرى مثلها إذا تيسر ذلك إلا أن تسمح صاحبة الحق عن حقها أو عن بعضه

وإذا أردت أن ترجح واحدة على الأخرى لأسباب صحية عند إحداهما مثلا فيجب أن تستميح الزوجة الأخرى

والله يقول "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" ولقول عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" فإذا كانتا غير راضيتين فالواجب عليك أن تبيت عند كل واحدة ليلة وإن لم يتيسر لك جماعها ولك أن تنفرد في ليلتين من كل أربع عنهما جميعا

قلت: السائل لديه زوجتين، مثال ذلك السبت عند الأولى والأحد عند الثانية والأثنين والثلاثاء ينام وحده إن رغب ذلك

لأن العدل في القسم في المبيت واجب أما الحب وما يترتب عليه من الجماع فليس في قدرة الإنسان بل ذلك إلى الله سبحانه

وإذا كان لديه زوجتين إحداهما لها راتب من الدولة فعليه أن يعطيها مثل ما يعطي الأخرى غير الموظفة لأن الراتب ليس من الزوج

وإذا كان لديك زوجتين إحداهما لا تبيت معك بل تبيت مع الأولاد وأبت المبيت معك فلا إثم عليك إذا بت مع الثانية على الدوام

وإذا وهبت الزوجة نصيبها من المبيت لضرتها أو زوجها جاز ذلك لأنه حق لها وقد ثبت أن أم المؤمنين سودة رضي الله عنها وهبت ليلتها لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولكن متى رجعت الواهبة وجب على الزوج أن يقسم لها مستقبلاً

إذا أساء والدك بعدم العدل بين زوجتيه وكذلك بترك العدل بين أولاده فلا يجوز لك أن تقابل سيئة أبيك بسيئة فبره ولا تقطعه ولا تشوه سمعته ولا تعقه بأي وجه من الوجوه وانصحه بالمعروف وأرشده إلى ما يجب عليه نحو زوجته وأولاده بالتي هي أحسن واطلب أنت وأمك والإخوة حقكم بالمعروف

س: قدمت لي كأسا من اللبن فأخذته منها وقدمته إلى أحد أولادي فسحبته من يده بقوة وهي لا تمكنني من نفسها وعندي زوجة ثانية أسعد بها ؟

ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فلا حرج عليك في ترك المبيت عندها والأكل والشرب معها محافظة على نفسك

يجب على الرجل إذا كان له أكثر من زوجة أن يعدل بين زوجاته في المبيت والنفقة والسكنى ولا يجوز له أن يخص إحداهن بعطاء دون بقيتهن من غير سبب شرعي وبذلك يعلم أن مكافأة الزوجة التي تعينه في أعماله بما يقابل خدمتها لا حرج فيه

أما السفر فعلى الزوج أن يقرع بين نسائه فمن خرجت لها القرعة سافر بها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ولا يقضي المبيت الذي حصل في أثناء السفر للباقيات

س: ما رأي الدين في من يتزوج بامرأتين وينفق على إحداهما فقط ؟

ج: النفقة حق للمرأة فإذا أسقطت حقها في النفقة جاز ذلك لها أما إذا لم تسقط حقها فيجب على الزوج العدل بين زوجاته في النفقة وغيرها حسب الطاقة وإلا تحمل إثما وجاء يوم القيامة وشقه مائل يفضحه الله على رؤوس الأشهاد كما جاء في ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وللمرأة المطالبة بحقها شرعا ويلزمه الشرع بذلك لقوله تعالى "لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ" وقال صلى الله عليه وسلم "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته" رواه مسلم

وقال صلى الله عليه وسلم "من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل" رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة

فيجب على الزوج العدل بين زوجاته في النفقة والكسوة والمسكن والقسم والهدايا وغير ذلك من الأمور الظاهرة ولا يجوز له أن يعطي واحدة ويمنع الأخرى إلا برضاها وعفوها عن حقها ولا يلزم الزوجة أن تعطي زوجها شيئا من مالها لكن لو بذلت له شيئا بطيب نفس منها إعانة لزوجها المحتاج على القيام بأعباء البيت والأولاد فهو أمر حسن وبه تحسن العشرة وتقوى المودة والزوجة مأجورة على ذلك مرتين أجر الصدقة وأجر الصلة

س: ما حكم عمل المرأة في بيت زوجها من أعمال التنظيف في البيت وهل للزوج أن يمنع زوجته من شراء الكماليات من مالها الخاص ؟

ج: الواجب من عمل المرأة في بيت زوجها من طبخ وغسل وملابس ونحو ذلك يختلف باختلاف طبقات الناس وما جرى به عرفهم وعاداتهم

وليس للزوج أن يمنع زوجته من شراء كماليات في الملابس والأطعمة من مالها الخاص إلا إذا أسرفت أو اشترت محرما فيمنعها من الإسراف وارتكاب ما حرم الله ويأخذ على يدها لتكف عن ذلك

وحق كل واحد من الزوجين على الآخر عظيم ويجب على كل منهما الوفاء به شرعا واذا حصل تقصير من أحدهما بغير إرادته فنرجو أن لا يكون فيه إثم وإلا فلا مع التوبة وطلب المغفرة من الله تعالى والإكثار من الدعاء للطرف الآخر

وليس للزوجة أن ترفض طاعة زوجها إذا أراد منها الفراش إلا لعذر مقبول شرعا كالحيض مثلا وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع" وفي لفظ للبخاري "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح" ولمسلم: كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها

وعليها طاعة زوجها بالمعروف فإن دعاها إلى سهر قد يفوت به أداء صلاة الفجر في وقتها أو مشاهدة ما هو منكر فلا تطيعيه

أما ما عدا ذلك فتجب طاعته ولو كان فيه فوات قيام الليل لأنه سنة وطاعة الزوج واجبة

وإذا ابتليت بزوج ابتلى بالشراب فلا تأثم في كرهه وتجنب فراشه وعدم طاعته ويجب عليها نصحه فإن تاب فالحمد لله وإن أبى طلبت الطلاق بعدا عن المنكر فإن أبى رفعت أمرها إلى المحكمة

ويجب على المرأة أن تطيع زوجها في المعروف وترك قص شعر رأسها هو الواجب عليها طاعة للزوج لأن ذلك من المعروف

والواجب على كل من الزوجين العشرة بالمعروف وإحسان كل واحد منهما إلى صاحبه فلا يحل للزوج أن يسيء إلى زوجته بلسانه ولا يحل للزوجة أن تخرج من بيته إلا بإذنه فعلى كل من الطرفين تقوى الله جل وعلا والتزام حدوده

والأصل في الشريعة المطهرة أن العشرة بين الزوجين تكون بالمعروف لقوله تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" وقوله سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ

ولا يجوز للمسلم لعن زوجته ولا غيرها من المسلمين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "لعن المؤمن كقتله" رواه البخاري وقال "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" وعليه التوبة إلى الله سبحانه من هذه المعصية الكبيرة وعليه أن يستسمح زوجته من لعنه لها لأن الله يقول "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" والواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها في المعروف وعدم إلجائه إلى سبها لسبب سوء تصرفها

ولعنه إياها ولعنها إياه من كبائر الذنوب فيجب عليهما أن يتوبا ويستغفرا الله مما حصل منهما ويستسمح كل من لعنه

والمشروع أن يتخاطب الزوجان بما يجلب المودة ويقوي الروابط الزوجية وأن يجتنب كل منهما رفع الصوت على صاحبه أو مخاطبته بما يكره لقوله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ

ولا يجوز لأحد الزوجين أن يوصل إلى الآخر أي أذى بغير حق لا رفع صوت ولا غيره

ولا يجب على الزوج علاج زوجته إذا مرضت بل لا يلزم بذلك وقيامه بذلك من مكارم الأخلاق ومن حسن العشرة قال ابن قدامة في المغني: ولا يجب على الزوج شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب لأنه يراد لإصلاح الجسم فلا يلزمه كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار وحفظ أصولها وكذلك أجرة الحجام والفاصد

فعلاج الرجل لزوجته هو من العشرة بالمعروف ومن الإحسان الذي أمر الله به في قوله: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-29 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر