الدرس 158: النكاح 7

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 28 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 1750 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

إذا تعرضت الفتاة لحادثة في الصغر فقد منها غشاء البكارة فلا مانع شرعا من الكتمان سواء كان عند الخطبة أو الدخول وإذا سألها بعد الدخول أخبرته بالحقيقة

ولا يجوز سؤال الزوج في الصباح بعد زفاف زوجته هل وجدت بكارة زوجتك ولا يجيب عنه بل يسد هذا الباب محافظة على ستر عورات المسلمين

ومن زفت إليه زوجته على أنها صغيرة بكراً فوجدها كبيرة ثيبا فالزواج صحيح لا يفسده ذلك وإن حصل بينكم نزاع على ذلك فالمرجع في ذلك المحكمة

ومن تزوج امرأة فولدت له مولود بعد ستة أشهر فإن المولود يكون ابناً له حتى وإن قال الأطباء غير ذلك لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر قال تعالى "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا" سورة الأحقاف آية 115

وقال تعالى "وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ" سورة لقمان آية 14

والعامان: أربعة وعشرون شهرا فيبقى من الثلاثين ستة أشهر وهي أقل مدة الحمل وعليه يكون المولود ابنا له

وإن قال الأطباء بأن المولود ستة أشهر يبقى في الحضانة شهر وهو لم يبق إلا ثلاثة أيام

ومن علم قبل الزواج أنه لا أمل له بالإنجاب وذلك بالكشف الطبي والتحليل فينبغي له أن يتزوج ما دام قادرا على المهر والنفقات وقضاء وطره من الزوجة عملا بالسنة وإعفافا لفرجه والتعاون على شؤون الحياة وتحقيقا للروابط بينه وبين من يصاهرهم إلى غير ذلك من حكم مشروعية النكاح وقد يكون ما بني على الكشف الطبي والتحليل من الحكم بعدم الإنجاب خطأ وعلى تقدير أنه صواب فقد تكون الموانع من الإنجاب لعلل تزول بالعلاج ونحوه من الأسباب الكونية وقد تزول بمحض القضاء والقدر وليس ذلك على الله بعزيز فقد أصلح الله تعالى زوجة زكريا فأنجبت له يحيى عليهما الصلاة والسلام استجابة لدعائه وإكراما له وقد أنجبت سارة إسحاق لإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام مع كبر سنهما وطول الأمد على امرأته عقيما

فعلى المسلم أن يأخذ بالأسباب الكونية المادية وبالأسباب المعنوية كالدعاء واللجوء إلى الله ولا ييأس من روح الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون وعليه أن يخبرهم بالواقع قبل العقد لأن ما ذكر عيب

أما من يرغب من الزواج بالمرأة العقيمة إذ لا يريد ذرية فالقول له: إن الدين الإسلامي حث على الزواج ورغب فيه وفي تكثير النسل وزيادة عدد الأمة الإسلامية ولما في ذلك من بقاء النوع الإنساني وتعقيب الذرية الصالحة التي بها استمرار عمل المرء المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة

ومن كان عقيماً ولم يخبر زوجته بذلك فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفره مما حصل منه من كتمانه العقم عن زوجته لأن ذلك غش لها ويستمحها ويطيب خاطرها عسى أن ترضى بالحياة الزوجية معه

ومن كان يحس أنه لا يستطيع مواقعة الزوجة فننصحه بالزواج ولعل الله يعينه ويقويه على المطلوب فإن نجح وإلا وجب عليه الطلاق إلا أن ترضى بالبقاء معه وإن كان يعلم أنه عاجز بالكلية فعليه أن يخبر المخطوبة بذلك فإن رضيت فالحمد لله وإلا فليس له أن يخدعها

وإذا كان لدى الفتاة أمراً عارضاً مما يحصله مثله للنساء ثم يزول فلا يلزم الإخبار به للخاطب وإن كانت المشكلة من الأمراض المؤثرة أو غير العارضة الخفيفة وحصلت الخطبة وهو ما زال معها لم تشف منه فإنه يلزم وليها إخبار الخاطب بذلك

فيجب أن يبين للخاطب ما في المخطوبة من مرض وعيب إذا لم يعلم ليكون على بينة من أمره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا

إذا أسلمت نصرانية وهي زوجة لنصراني انفسخ عقد الزواج وترد إليه ما أخذت منه من المهر لقوله تعالى "فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا" (الممتحنة 10)فلا يجوز البقاء معه ولو كانا كبيرين لا علاقة جنسية بينهما وتعتد عدة المطلقة احتياطا بثلاثة أشهر إذا كانت يائسة من المحيض قال تعالى "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ" (الطلاق 4)ويجوز له مراجعتها إذا أسلم قبل أن تتزوج بغيره بعقد جديد إذا كانت قد انتهت عدتها لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد بنته زينب على زوجها حينما أسلم وقد أسلمت قبله بسنوات ولم تكن تزوجت بعد إسلامها إلى حين إسلامه

وإذا أسلم الزوجان معا وكانا على نكاح لا يجوز في دين الإسلام فرق بينهما فوراً كمن أسلم هو وزوجته وهي ابنة أخته ففي مثل هذه الحالة يجبران على الفراق لأن المسلم لا يجوز له أن يتزوج ابنة أخته لقول سبحانه "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ" (النساء 23)إلى قوله "وَبَنَاتُ الْأُخْتِ" (النساء 23) وهكذا في نظائر ذلك كمن أسلم وتحته أختان يؤمر بمفارقة إحداهما لما روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال "أسلمت وعندي أختان فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما" ولفظ الترمذي: "اختر أيتهما شئت"

وإذا اسلمت نصرانية من زوج نصراني عليها أن تخبره بإسلامها وأنها قد حرمت عليه بالإسلام حتى يسلم فإن أسلم وهي في العدة فهي زوجته بدون إجراء عقد جديد ومتى أسلم بعد خروجها من العدة فله العود إليها بنكاح جديد إذا رغبت في ذلك بشروطه المعتبرة شرعا

فإذا أسلمت المرأة تحت رجل كافر فإنها تحرم عليه ويفرق بينهما ويراعى خروجها من العدة فإن خرجت من العدة قبل أن يسلم بانت منه بينونة صغرى لقول الله تعالى "فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" (الممتحنة 10)وإن أسلم قبل انتهاء عدتها ردت إليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد المهاجرات إلى أزواجهن لما أسلموا وهن في العدة وإن أسلم بعد انتهاء العدة فله تزوجها بعقد جديد.

وإذا أراد رجل نصراني الدخول في الإسلام فيجب أن يعلم الشهادتين ويفهم معناهما ويبين له أن عيسى عبد الله ورسوله وتشرح له أركان الإيمان الستة وبقية أركان الإسلام الخمسة كل في وقته على ما ثبت في حديث عمر رضي الله عنه في سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في بعث معاذ إلى اليمن

وإذا أسلم هو وزوجته فهما زوجان على ما سبق لهما من عقد النكاح وكذا إذا أسلمت بعده أو أسلم هو بعدها أقرا على ما كان بينهما من عقد سابق

وهكذا لو أسلم هو ولم تسلم هي فإنهما يقران على نكاحهما إذا كانت يهودية أو نصرانية محصنة لقول الله تعالى:" الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ " المائدة 5

ومن كان من أولادهما لم يبلغ الحلم حكم له بالإسلام ومن بلغ دعي إلى الإسلام عسى أن يستجيب

والختان من سنن الفطرة التي شرعها الله للمسلمين فيشرع له الختان إلا إذا خاف الضرر على نفسه فيتركه والأفضل ألا يكلم في ذلك إلا بعد أن تستقر قدمه في الإسلام

إذا اسلمت المرأة وخافت من زوجها وأهلها النصارى فعليها الالتجاء إلى الله في كشف ضرها وأن تعمل ما تستطيع من الأسباب للتخلص من زوجها وأهلها بالالتجاء إلى أحد المراكز الإسلامية ليقوم أحدهما بما يلزم من تخليصها من زوجها وأهلها وإبعادها عنهم والتفريق بينها وبين زوجها وعليها أن تحافظ على الصلاة ولو بالجمع بين صلاتي الظهر والعصر في وقت إحداهما وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما وأن تصوم رمضان سرا حتى يفرج الله كربتها

وإنفاق الابن على والدته الكافرة واجب فعليه أن يحسن صحبتها ويبرها ويصلها بما يقدر عليه قال تعالى "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا" (لقمان 15)ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء رضي الله عنها لما سألته عن أمها وقد قدمت وهي مشركة " أفأصلها فقال لها: صلي أمك"

والأولاد يتبعون خير الأبوين دينا فإذا أسلم أحد الزوجين حكم بإسلام جميع الأولاد القاصرين لأن الصغير يتبع خير الأبوين دينا

ولا نعلم دليلا من الكتاب ولا من السنة يدل على تحديد المهر والأدلة التي جاءت من القرآن منها ما فيه التنبيه على جواز دفع المهر الكثير ومنها ما هو عام يشمل القليل والكثير فمن الأول قوله تعالى: " وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا " النساء 20

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-28هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة