عيد الفطر 3

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 29 ذو القعدة 1434هـ | عدد الزيارات: 2902 القسم: خطب العيدين

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

الله أكبر ما نطق بذكره وتعظيمه ناطق، الله أكبر ما صدق في قصده وعمله صادق ، الله أكبر ما أقيمت شعائر الدين الله أكبر ما رفرفت بالنصر أعلام المؤمنين ، الله أكبر كلما صام صائم وأفطر ، وكلما لاح صباح عيد وأسفر، الله أكبر كلما لاح برق وأنور وكلما أرعد سحاب وأمطر، الله أكبر ما تعالت أصوات الناس بالتكبير، الله أكبر ما تفتحت أبواب السماء في هذا الصباح الكبير، الله أكبر ما تنزلت علينا رحمة الإله العلي الكبير، الله أكبر ما تقاربت قلوب المسلمين في هذا اليوم العظيم .

الله أكبر ما تعاونت الجهود وصدقت العهود وتعاطفت القلوب، الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا.

عباد الله: هذا يوم من أيام الله المباركة جمعكم في صباحه المبارك على طهارة وتقوى بعد أن أديتم فريضة الصيام خلال شهر مضى بحمد الله.

وأنتم في هذا الصباح تمارسون عبادتكم التي أنعم الله بها عليكم فهنيئاً لكم اليوم ما فرحتم بصومكم وفطركم وهنيئاً لكم إقبالكم في هذا الصباح على تكبير الله وشكره وإنه لأمر عظيم الحكمة أن يجعل سبحانه شعار العيد هذا التكبير الذي ترتفع به أصوات المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها الجميع هتافهم واحد ووجهتهم واحدة إحساسهم بالرضا واحد ودعواتهم إلى الله سبحانه حاملة أسمى معاني الخضوع لجبروته والإذعان لحكمه وتقديره .

عباد الله: إن الذي نلحظه في محاسن الإسلام من أعياد لهذه الأمة أنه ربط العيد بمناسبة عامة هي الفراغ من أداء عبادة شاقة وهذا الربط ذو مغزى عميق ليتصل بنظرة الإسلام العامة إلى العيد فليس العيد في نظر الدين تمجيداً لشخص مهما عظم ولا هو مرتبط بمناسبة دنيوية مهما كانت ولو كان من مبادئ الإسلام تمجيد الأشخاص لكان ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم عيداً للإنسانية يدعو إليه الإٍسلام ، ولكان يوم مبعثه عيداً ، ولكان يوم انتصاره على أعداء الدعوة في بدر أو فتح مكة عيداً وإن كانت هذه كلها مناسبات تاريخية عظيمة غير أن الإسلام برغم روعة معانيه لم يرد لهذه الأمة أن تدور أعيادها حولها.

فالأعياد التي تدور حول أشخاص قد تدوم في حياتهم أو في حياة أنصارهم ولكن لا يكتب لها الخلود. فقد يأتي الخلف لينقض ما سنَّه السلفُ وليس من شأن الدين أن يصرف عواطف المؤمنين إلى تقديس فرد بل هو يدعوهم إلى توحيد الله والله وحده هو الحقيق بالتعظيم والتمجيد والتقديس وينبغي أن تدور أفكار المؤمن وعواطفه وحياته وعبادته في هذا الفلك العظيم "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " (الأنعام 162، 163) ، فالمؤمن في الواقع في شغل شاغل عن معاني الدنيا بمعاني الآخرة بكل ما يقربه من الله سبحانه فهو إذا صام صام لله وإذا عبد عبد لله وإذا حج حج لله وإذا زكى زكى لله وإذا صلى صلى لله لا شريك له ، والله يرصد له حسناته جميعاً حتى الخطوة التي يخطوها في سبيله والكلمة التي يقولها أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر ، وصدق الله العظيم القائل: " ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (التوبة 120 ،121) والمؤمن في فكر دائم فيما يقربه من رضوان الله فإذا وفق في عبادته كان له أن يفرح بما آتاه الله من فضله شاكراً لأنعمه إذ ليس في حياته ما يفرح له سوى أن يحس بأنه أدى واجبه وامتثل أمر ربه ومن هنا كان العيد للمؤمن إجازة ربانية يستريح خلالها من مشقة الرحلة التعبدية من صيام أو حج إلى بيت الله الحرام من أجل هذا ينبغي على كل منا أن يكون احتفاله بالعيد موصولاً بمعاني الآخرة غير مقتصر على مظاهر التسلية المؤقتة ، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر، الله أكبر ، ولا إله إلا الله.

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى واعرفوا نعمته عليكم بهذا العيد السعيد فإنه اليوم الذي توج الله به شهر الصيام، وافتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام، وأجزل فيه للصائمين والقائمين جوائز البر والإكرام، عيد تمتلئ القلوب فيه فرحة وسروراً، وازدانت الأرض به بهجة ونوراً، لأنه اليوم الذي يخرج فيه المسلمون إلى مصلاهم لربهم حامدين معظمين وبنعمته بإتمام الصيام والقيام مغتبطين ولخيره وثوابه مؤملين راجين يسألون ربهم الجواد الكريم أن يتقبل عملهم وأن يتجاوز عن مسيئهم وأن يعيد عليهم مثل هذا اليوم وهم في خير وأمن وإيمان وإجتماع على الحق والعبادة وابتعاد عن الباطل والعصيان.

عيدنا معشر المسلمين ليس عيدَ مبتدعةٍ ولا مشركين ، فالأعياد الشرعية ثلاثة : عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة ، وعيد الفطر ، وعيد النحر ، وليس في الإسلام سواها عيدٌ.

هذا ، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله معيدِ الجُمعِ والأعيادِ ومبيدِ الأممِ والأجنادِ وجامعِ الناسَ ليومٍ لا ريبَ فيه إن اللهَ لا يخلفُ الميعادَ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ندَّ له ولا رادَّ لحكمه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضل على جميع العباد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد وسلم تسليماً.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

أيها الناس: اتّقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من إتمام الصيام والقيام فإن ذلك من أكبر النعم واسألوه أن يتقبل ذلك منكم ويتجاوز عما حصل من التفريط والإهمال فإنه تعالى أكرم الأكرمين، ومن كان عليه أيام من رمضان قد أفطرها لعذر أو لغير عذر فعليه المبادرة بالقضاء إبراءً للذمة ومسارعة للخروج من العهدة وإنجازاً لأداء الواجب عليه ولا يجوز تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان من السنة القادمة لغير عذر فإن فعل فعليه مع القضاء الكفارة وهي إطعام مسكين عن كل يوم كيلو ونصف من الأرز ومن أفطر في رمضان لعذر ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء فلا قضاء ولا كفارة عليه لأنه لم يصدر منه تفريط وإن تمكن ولم يقض فيسن لوليه أن يصوم عنه.

ويسن للمسلم أن يصوم ستة أيام من شوال ، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ." رواه مسلم .

عباد الله: جاهدوا أنفسكم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر فإنها تعدل صيام الشهر كاملاً وصيامِ يومِ عرفةَ ويومِ عاشوراء، وعلى الوتر قبل النوم وعلى قراءة جزء من القرآن كل يوم حتى تختم القرآن في كل شهر مرة وتكون على صلة بكتاب ربك مهما كانت القراءة قليلة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال " أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ." رواه البخاري .

فيا من ابتليت ببعض الذنوب إيّاكَ إيّاكَ بعد رمضان أن تعود، وشهر كامل وأنت تجاهد النفس وتصبرها تجمع الحسنات وتحسبها فهل بعد هذا تراك تنقضها، فالله عز وجل يقول "وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا "(النحل 92)

فيا من أعتقه مولاه من النار إياك أن تعود إلى الأوزار أيبعدك مولاك من النار وأنت تتقرب منها وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها

فاستمر أخي على الطاعات والتقرب لرب الأرض والسموات

عباد الله: إن من العبادات المشروعة في يوم العيد الزياراتِ التي تكون بين المسلمين واللقاءاتِ والذهابَ إلى الأقارب والجيران لأنها طاعة لله والتهنئة حيث لا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد تقبل الله منا ومنك وذلك لوروده عن السلف كأبي أمامة الباهلي وغيره، ونقل عن الإمام أحمد كان بعضهم يسلم على بعض ويلتقي بعضهم ببعض ويقول عيد مبارك أعاده الله علينا وعليكم بالمسرات والبركات كما أود أن أنبه إلى أن من فاتته صلاة العيد فإنه يقضيها على هيئتها يصلي ركعتين ولا تعاد جماعة كما ينبغي للمسلم أن يلتمس تطبيق السنة ويعود من طريق غير الطريق الذي جاء منه إلى المسجد ليحصل على ثواب تطبيق السنة كما أنه لا ينبغي للمسلمين الإٍسراف في المآكل أيام العيد علماً بأن عيد الفطر يوم واحد فقط بدليل أنه يجوز له أن يصوم اليوم الثاني كصيام الست من شوال في حين عيد الأضحى أربعة أيام.

عباد الله: أوصيكم أن تكونوا أعضاء فعاله في خدمة الإسلام مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حافظوا على الصلاة جماعة ومروا من تحت أيديكم بها .

احذروا من الكبائر كالزنا وشرب الخمر والسرقة وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وهتك أعراض العلماء وغيرهم والسفر إلى بلاد الكفر لغير حاجة ملحة .

اللهم إنَّا نرجو ثوابك، ونخاف عذابك ، فحقق لنا ما نرجو وأمِّنا مما نخاف، اللهم تقبل منا واغفر لنا وارحمنا، اللهم وفق ولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى، اللهم انصرنا على عدونا واجمع كلمتنا على الحق ويسرنا لليسرى وجنبنا العسرى واغفر لنا في الآخرة والأولى إنك جواد كريم اللهم تقبل صيامنا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

1434-11-27 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة