ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

عيد الفطر 8

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 2 شعبان 1439هـ | عدد الزيارات: 1538 القسم: خطب العيدين

الحمد لله رب العالمين هدى من شاء من عباده للإيمان، واختصهم بشعائر الإسلام، وشرع لهم الصيام والقيام، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين ، ونسأله من فضله العظيم ، فكم من نعمة أنزلها ، نواصينا بيده ، وأرزاقنا عنده ، وآجالنا إليه ، لا رب لنا سواه ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، كان يصوم حتى يقول القائل لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل لا يصوم، وكان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه من طول القيام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون اتقوا الله واشكروه على نعمه وآلائه؛ فإن شكر النعم يزيدها، وكفرها يمحقها ويزيلها.

اشكروا الله تعالى إذ هداكم للإسلام، وحبب إليكم الإيمان، وبلغكم رمضان، وأعانكم على الصيام والقيام، ووفقكم للخير والإحسان؛ فلولا الله تعالى ما آمنتم ولا عملتم صالحا (وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) (البقرة : 198) .

اشكروه عز وجل إذ هداكم للعيدين الكبيرين، وما شرع لكم فيهما من الشعائر والمناسك، التي تزيدكم قربا من ربكم، وتمسكا بدينكم، مع السرور والفرح بهما ، فالحمد لله على ما هدانا وأعطانا.

ومن شكر الله تعالى على نعمة العيدين الشرعيين الاقتصار عليهما ، وعدم مزاحمتهما ومضاهاتهما بالأعياد البدعية المحدثة ( فعن أنسٍ قالَ : قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ ) رواه أبو داود وصححه الألباني .

كما أن من شكر الله تعالى على نعمة الأعياد الشرعية تعظيم شعائرها ، واجتناب المنكرات فيها ، من المعازف والغناء ، واختلاط النساء بالرجال ، وتضييع الجماعات ، والتقصير في الواجبات .

أيها الصائمون القائمون : في الليالي الماضية وعلى مدى شهر كامل أضاءت مساجد المسلمين بالتراويح والقيام، وعجت المآذن بآيات القرآن تتلى، ورفعت الأيدي إلى الكريم الجواد بالثناء والدعاء.. يقنتون ويركعون ويسجدون لخالقهم جل في علاه..ما سيقوا إلى المساجد مكرهين، ولا يرجون فيها شيئا من أمور الدنيا، بل سابقوا إليها مختارين راغبين؛ طاعة لله تعالى، يرجون ثوابه، ويحذرون عقابه، فكم لهم من الأجور عند الجواد الكريم " مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ " (الأنعام160) .

الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

في هذا الزمن يواجه الموحدون لله تعالى، الملتزمون بدينهم حملات ضارية، وحربا ضروسا من الغرب .

حملات شملت جميع الميادين، وحروب ما أبقت مجالا فيه نشر للإسلام أو نفع للمسلمين إلا أتت عليه، يريدون تبديل كلام الله تعالى، وتحريف شريعته، وصرف الناس عن دينه، وإخراجهم منه إلى ما أحدثوه من أفكار ضالة، ومبادئ منحرفة، ويسوق لهذا الضلال المبين وكلاؤهم في بلاد المسلمين من أهل الحقد والضغينة والحمق والغفلة ممن يصنفون بالكتاب والمفكرين والمثقفين.

ومن وسائلهم في التدمير إحياء النعرات العرقية والطائفية، وإشعال الحروب الأهلية تحت إشرافهم، وبمعونتهم وإمدادهم؛ حتى يُفني الناس بعضهم بعضا.

لقد عظمت حربهم على الإسلام، وتواصوا بها بينهم؛ فدنسوا القرآن، ومزقوه وأهانوه، وكتبوا مصحفا جديدا سموه فرقان الحق وضعوا فيه خلاصة أفكارهم؛ ليجعلوه بديلا عن القرآن الذي تنزل من عند الله تعالى.

وسخروا من النبي عليه الصلاة والسلام في رسوماتهم وكتاباتهم، من الدنمارك إلى السويد، إلى غيرهما، واعتدوا على شريعة الله تعالى فسخروا منها، وطعنوا في أحكامها، ووضعوها على طاولة المناقشة والتجريح والتسفيه، وأسسوا قنوات فضائية وإذاعية عربية لهذه الغاية، وأعانوا بالمال والنفوذ القنوات العربية التي تسوق لمشاريعهم، وتتكلم بلسانهم، وليس لها من عربيتها إلا لسانها.

لقد تمالئوا في مؤتمراتهم على الجمعيات الخيرية، التي تطعم الجوعى، وتكفل الأيتام، وتقيم المشاريع التنموية في البلدان الفقيرة، كما تمالأ كفار مكة على بني هاشم فحاصروهم في الشَعب.

إنهم يحاربون الجمعيات الخيرية الإسلامية ؛ ليفسحوا المجال لمنظماتهم التنصيرية لتعمل عملها في تنصير فقراء المسلمين، ونقلهم من الإيمان إلى الكفر بعد أن عجزوا عن إقناع الناس بما هم عليه من ضلال، فاستغلوا حاجتهم لفرض ضلالهم عليهم.

ولم يسلم من حربهم امرأة مسلمة تغطي وجهها، فحاربوها من أجله في أوربا المتحضرة التي تحفظ حقوق الإنسان، وتؤمن بالحريات كما يقولون!

لقد آذوا المسلمين في ربهم جل جلاله، وفي نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام، وفي قرآنهم، وفي دينهم، وفي بلدانهم، وفي أنفسهم، ولا زالوا، عجل الله تعالى كبتهم، وكفى المؤمنين شرهم، وحفظ بلاد المسلمين من مكرهم.

إنه تحالف نجس نكد يقوده طواغيت أهل الكتاب وملاحدة الغرب.

إن دين الله تعالى منصور رغم أنوف الكافرين ، وإن أهل الحق غالبون بإذن الله تعالى، والتمكين لا يكون إلا بعد البلاء، والشدة يعقبها الفرج "فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا" (الشرح 5، 6) ، " وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ " (الصَّفات173) ، " إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ " ( آل عمران160 ).

وبوادر النصر والظفر والتمكين لهذا الدين العظيم تلوح في الأفق، ويراها المستبصرون؛ ولكنها تحتاج منا إلى صبر وتقوى..

إننا يا عباد الله في هذا الزمن العصيب، نحتاج إلى صبر على أذى الكفار والمنافقين، وصبر على التمسك بالدين؛ وإن عظم البلاء، وتوالت المحن، واشتد الكرب.

نحتاج إلى صبر في الدعوة إلى الله تعالى، والدفاع عن دينه وحرماته، ومجاهدة المفسدين في الأرض من الكفار والمنافقين.

ونحتاج إلى تقوى تمنعنا من التنازل عن شيء من ديننا؛ إرضاء للمفسدين، وتحول بيننا وبين تسويغ الفساد والإفساد، أو الرضا بالمنكرات، أو السكوت عنها..

نحتاج إلى تقوى تدفعنا إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله تعالى، والتواصي بالحق، والنصح لكل مسلم.

وفي غزوة أحد حين غدر المنافقون بالمؤمنين، وانتصر المشركون، وقتل سبعون من الصحابة رضي الله عنهم، وجرح النبي عليه الصلاة والسلام، واشتدت المحنة بالمؤمنين، تنزلت الآيات القرآنية التي تتناول هذه الغزوة العظيمة؛ لتبين أن كيد المنافقين والكافرين لن يضر المؤمنين شيئا متى ما صبروا واتقوا "وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" (آل عمران120) .

وما أحوج المصلحين إلى عون الله تعالى وتوفيقه ومدده وجنده في مقارعة الباطل وأهله، ورد باطلهم، ودحض حججهم، وكشف زيفهم، ولن ينال المصلحون عون الله تعالى ومدده وتوفيقه إلا بالصبر والتقوى " بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ " (آل عمران125).

بل جاء في القرآن العظيم الأمر الصريح بلزوم الصبر والتقوى عندما يعظم البلاء، و تشتد المحن، ويتسلط الكافرون على المؤمنين " لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ " (آل عمران186) .

وليس من الصبر ولا من التقوى موافقة المفسدين فيما يريدونه من تشريع الفساد، أو إذابة أحكام الشريعة الغراء لتوافق أهواءهم، أو لَيِّ النصوص المحكمة مسايرة للناس، وموافقة لضغوط الواقع، بل الصبر والتقوى في الاستمساك بدين الله تعالى مهما زاغ الزائغون، وانحرف المنحرفون، وارتد المرتدون، ومهما عظمت الضغوط على أهل الحق " فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " (الزُّخرف43) ، فاستمسكوا يا أهل الحق بدينكم، ولا تتنازلوا عنه فتهلكوا.

إن أهل الحق أقوياء بما يتبعون من حق، وإن أهل الباطل ضعفاء بباطلهم ولو كانوا أكثر جمعا وقوة "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" ( البقرة249) ، "بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ " (الأنبياء18) ، " قُلْ جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ " (سبأ49) .

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أيها المسلمون: افرحوا بعيدكم بعد تمام صيامكم، واشكروا الله تعالى إذ هداكم.. بَرُوا والديكم، وصلوا أرحامكم، وأحسنوا إلى جيرانكم، وطهروا قلوبكم على إخوانكم، وأقيموا على عهدكم، وأطيعوا ربكم، ولا تهجروا مساجدكم ومصاحفكم؛ فإن الله تعالى رب رمضان وغير رمضان " وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً " (النحل92).

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيتها المرأة المسلمة، أيتها الصائمة القائمة: إن الجزء الأكبر من حملات المفسدين يتناول جوانب المرأة؛ لعلمهم أنها بوابة الصلاح والإصلاح متى ما تمسكت بحجابها، وجانبت الرجال، ودعت أخواتها إلى الله تعالى، وأنها قنطرة الفساد والإفساد متى ما نبذت حجابها، وخالطت الرجال، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال: "ما ترَكتُ بعدي في النَّاسِ فتنةً أضرَّ على الرِّجالِ منَ النِّساءِ" رواه الترمذي وصححه الألباني من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه. وفي حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ….فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فإن أَوَّلَ فِتْنَةِ بني إِسْرَائِيلَ كانت في النِّسَاءِ " رواه مسلم .

فإياك - أختي المسلمة - أن تنجرفي لتياراتهم ، أو تصغي لدعواتهم ، فإنهم دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم قذفوه فيها .

كيف تجيبينهم إلى ما يريدون من معصية الله تعالى، وقد امتلأ قلبك بالإيمان، وبمحبة الله تعالى، والتزام دينه؟!

كيف تطيعينهم في معصية الله تعالى وأنت تصلين وتصومين وتعبدين الله تعالى ؟ فكوني نصيرة للحق وجنده، واحذري أن تكوني عونا للباطل وأهله.

ادرئي عن حجابك وعفافك عدوان الأعادي من شياطين الإنس؛ فإنهم الأضعف متى ما جوبهوا بقوة الحق "فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" (النساء:769)

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" (الأحزاب 56) .

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

اللهم أعد هذا العيد علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل منا صالح الأعمال اللهم احفظ بلادنا وولي أمرنا من كيد الرافضة أعداء الإسلام اللهم طهر بلاد المسلمين من دنسهم وانصر جنودنا في الحد الجنوبي عليهم " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " (البقرة 201) ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

1439-8-1 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة