عيد الفطر 6

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 15 ذو الحجة 1438هـ | عدد الزيارات: 1439 القسم: خطب العيدين

إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره، ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " آل عمران: 102

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " النساء 1

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " الأحزاب: 70 ، 71

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أُمَّةَ الإسلامِ ؛ إنكم في يومٍ تبسَّمت لكم فيه الدنيا، أرضُها وسماؤها، شمسُها وضياؤها، صمتم لله ، وقمتم لله، ثم جئتم اليوم إلى مصلاكم تكبرون الله ربكم على ما هداكم إليه من دين قويم وصراط مستقيم وصيام وقيام وشريعة ونظام، وقد خرجتم إلى صلاة العيد وقلوبكم قد امتلأت به فرحا وسرورا، تسألون الله الرضا والقبول، وتحمدونه على الإنعام بالتمام والتوفيق للصيام والقيام، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

أيها الأحبة ؛

اعلموا رحمكم الله أن السعادة في العيد لا تكمن في المظاهر والشكليات، وإنما تتجسد في المعنويات وعمل الصالحات، فاذكروا نعمة الله عليكم بما تنعمون به من حلول العيد المبارك في أمن وأمان وصحة وخير وسلام وإيمان، فعندما يقبِل العيدُ تشرِق الأرضُ في أبهى صوره، ويبدو الكونُ في أزهى حللِه، كلّ هذه المظاهر الرائعةِ تعبيرٌ عن فرحةِ المسلمين بالعيد، وهل أفرحُ للقلب من فرحةٍ نال بها رضا ربّ العالمين لِما قدّمه من طاعةٍ وعمل وإحسان إنَّها فرحةٌ تشمَل الغنيَّ والفقير، ومساواةٌ بين أفرادِ المجتمع كبيرِهم وصغيرِهم، فالموسرون يبسطون أيديَهم بالجود والسخاء، وتتحرَّك نفوسهم بالشفقة والرحمة، وتسري في قلوبهم روحُ المحبّة والتآخي، فتذهب عنهم الضغائن وتسودُهم المحبّة والمودة.

في العيد تتصافى القلوب، وتتصافَح الأيدي، ويتبادَل الجميعُ التهانيَ وإذا كان في القلوب رواسب خصام أو أحقاد فإنها في العيد تُسَلُّ فتزول، وإن كان في الوجوه العُبوس فإنَّ العيدَ يُدخل البهجةَ إلى الأرواح والبسمةَ إلى الوجوه والشِّفاه، كأنَّما العيد فرصةٌ لكل مسلمٍ ليتطهَّر من درن الأخطاء، فلا يبقى في قلبِه إلا بياضُ الألفة ونور الإيمان، لتشرق الدنيا من حوله في اقترابٍ من إخوانه ومحبيه ومعارفِه وأقاربِه وجيرانه إذَا التقى المسلمان في يوم العيد وقد باعدت بينهما الخلافاتُ أو قعدت بهما الحزازات فأعظمُهما أجراً البادئ أخاه بالسلام في هذا اليوم ينبغي أن ينسلخَ كلّ إنسان عن كبريائه، وينسلخَ عن تفاخرِه وتباهيه، بحيث لا يفكّر بأنّه أغنى أو أثرى أو أفضل من الآخرين، وبحيث لا يتخيّل الغنيّ مهما كثُر مالُه أنّه أفضلُ من الفقير.

أيها الأحبة الكرام ؛

العيد مناسبة طيبة لتصفية القلوب وإزالة الشوائب عن النفوس وتنقية الخواطر مما علق بها من بغضاء أو شحناء، فلتُغتنم هذه الفرصة، ولتُجدد المحبة وتِحل المسامحة والعفو محلّ العتب والهجران مع جميع الناس، من الأقارب والأصدقاء والجيران، وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ، إلَّا عِزًّا) رواه مسلم، وقوله (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ، يَلْتَقِيانِ: فَيَصُدُّ هذا ويَصُدُّ هذا، وخَيْرُهُما الذي يَبْدَأُ بالسَّلامِ ) رواه البخاري ، وفي رواية عند أبي داود (فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار) صححه الألباني وفي الحديث (من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) رواه أبو داود وصححه الألباني.

ألا فاتقوا الله، وسارعوا إلى إصلاح ذات بينكم، وكونوا عونًا لأنفسكم وإخوانكم على الشيطان، ولا تكونوا عونًا للشيطان على أنفسكم وإخوانكم

عباد الله ،

إن من أعظم التشاحن والتدابر أن يعقّ الولد والديه أو أحدَهما، فذلك ذنب عظيم لعن الله فاعله في القرآن " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ " محمد: 22، 23، وأي رحم أقرب من الوالدين؟

واعلموا أن رضى الله في رضى الوالدين، قرن طاعتهما بعبادته، فالحذر الحذر من العقوق، وإن من العقوق رفع الصوت عليهما وإحداد النظر اليهما والتأخر عن قضاء حوائجهما حتى يتضجرا فيا من عق والديه، سارع الآن باسترضائهما، واطلب التحلل منهما، وقبِّل رأسيهما صباح مساء، وأكثر من الدعاء لهما، وسترى من الله ما تقر به عينيك وينشرح به صدرك

ولا تنسوا فقراءكم فهم إخوانكم، أدخلوا البهجة والسرور عليهم، وآتوهم من مال الله الذي آتاكم، فإدخال السرور عليهم قربة من القربات، ادعوهم إلى ولائمكم، فخير طعام الولائم وليمة يدعى إليها الفقراء، وشرها ما يمنع منها الفقراء، أعينوهم بما أنعَم الله عليكم، بعض من الكماليات عندنا هي من الضروريات عندهم، فكم من فقير يكتم حاجته بسبب جلباب الحياء والعفة، وكم من فقير غلبت فاقته صمته فأظهرها من طرف خفي، فمعونة الفقراء من أسباب الرزق والنصر

يا أهل العيد والقلوب الطيبة

لا تنسوا مرضاكم، أشركوهم في عيدكم، واجعلوا لهم حظًا من زياراتكم، ففرحة العيد ليست موقوفة على الأصحاء، بل للمرضى فيها نصيب، زوروهم واتصلوا بهم، وهنئوهم بالعيد وأوصوهم بالاحتساب والصبر، فهم بحاجة ماسّة إلى ذلك، واحمدوا الله الذي عافاكم مما ابتلاهم به، ولله في خلقه شئون

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصلاً

إخواني ؛

نحن اليوم بأمسِّ الحاجة إلى اجتماع الصف ووحدة الكلمة والوقوف مع قيادتنا ضد من يهدد ديننا وأمْنَنا، نحن بأمسِّ الحاجة إلى التحامٍ قوي واتفاقِ الكلمة والتعاونِ المطلوب في حماية الدين وأمن هذا البلد، هذا البلد الذي يعيش أمنا واستقرارا يحسده الأعداء على نعمته، ولن يجدوا لذلك سبيلاً بتوفيق من الله إن نحن تمسكنا واجتمعت كلمتنا

يا شباب الإسلام ؛

تمسكوا بدينكم، وإياكم والاغترارَ بعمر الزهور واكتمال القوى، أنتم أمل الأمة المشرق، وعدة المستقبل الوضاء، ورجال الغد المتلألئ، عليكم بالقيام برسالتكم، قوموا بواجبكم، واعرفوا مكانتكم، وتمسكوا بدينكم، وتلاحموا مع علمائكم، واسلكوا المنهج الوسط، فلا غلوّ ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط، حذار الاسترسالَ في الغفلة والانخداع بالشبهات، واحذروا وسائل الشر فالمتربصون بكم كثير، احذروا أن تقعوا فيما نصبوه من الفخاخ لكم فهم لا يرضون إلا بإفسادكم، بل إنهم ينفقون الأموال من أجل إفساد الأخلاق لدى الشباب والشابات، والمصيبة أنهم دخلوا كل بيت من بيوت المسلمين عبر الإنترنت والقنوات الفضائية والأغنية الماجنة

أيها الموحدون

الصلاة الصلاة، حافظوا عليها، وأدوها في وقتها في المسجد، وأدوا زكاة أموالكم، وصوموا رمضان، واحذروا السحرة والمشعوذين

أيها الآباء والأمهات

اتقوا الله في أولادكم، كونوا قدوة لهم في الخير، أبعدوهم عن قرناء السوء، تابعوهم في جلواتهم وخلواتهم، كونوا الرقابة المكثفة المقرونةَ بمشاعر المحبة والحنان والشفقة، حذار أن تتسلل إلى الأسر ألوان من الغزو الفكري، فتهدم ما بنيتموه، وتنقضَ ما شيدتموه، نشّئوهم على الخير والفضيلة والهدى والبعد عن الرذيلة والشر والردى

هذا وأستغفر الله ولي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله اكبر، ولله الحمد

الحمد لله معيد الجمع والأعياد، ومبيد الأمم والأجناد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا مضاد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المفضل على جميع العباد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وسلم تسليمًا

أيها الأحبة

اعلموا أن من سنن العيد ما يلي:

أولاً: الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال وجميل الثياب فقد أخرج مالك في موطئه عن نافع (أنَّ ابن عُمَرَ كانَ يَغتَسِلُ يَومَ الفِطرِ، قَبلَ أنْ يَغدوَ إلى المُصَلَّى) رواه أحمد في مسنده ، وصححه شعيب الأرناؤوط ، وثبت عنه أيضاً لبس أحسن الثياب للعيدين قال ابن حجر (روى ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين) صحح إسناده ابنُ رجب في فتح الباري: 2/51 ، وبهذين الأثرين وغيرهما أخذ كثير من أهل العلم استحباب الاغتسال والتجمل للعيدين

ثانياً: يُسَنُّ قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطرأن يأكل تمرات وتراً ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك، لحديث أنس قال (كان النبي لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً) أخرجه البخاري .

ثالثاً: يسن التكبير والجهرُ به - ويُسِرُّ به النساءُ - يوم العيد من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (كان - أي الرسل صلى الله عليه وسلم ، يُكبِّرُ يومَ الفطرِ من حين يخرجُ من بيتِه حتى يأتيَ المصَلَّى) صححه الألباني في صحيح الجامع .

وأما التكبير الجماعي بصوت واحد بدعة لم يثبت عن النبي ولا عن أصحابه، والصواب أن يكبر كل واحد بصوت منفرد

رابعاً: يسن أن يخرج إلى الصلاة ماشيا، لحديث علي قال (من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا) أخرجه الترمذي وحسنه الألباني.

خامسا : إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة، فمن صلّى العيد لم تجب عليه صلاة الجمعة.

لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله قال (قدِ اجتمعَ في يومِكم هذا عيدانِ فمن شاءَ أجزأَهُ منَ الجمعةِ وإنَّا مجمِّعونَ ) رواه أبو داود ، وصححه الألباني .

سابعا : إذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال صلوها جميعاً من الغد ، يقولُ أبو عُميرِ بنُ أنسِ بنِ مالكٍ: حَدَّثني عُمومتي مِن الأنصارِ من أصحابِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالوا: : (أُغْميَ علَينا هلالُ شوَّالٍ، فأصبَحنا صيامًا، فجاءَ رَكْبٌ من آخرِ النَّهارِ، فشَهِدوا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أنَّهم رأوا الهلالَ بالأمسِ، فأمرَهُم رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أن يُفطِروا، وأن يخرُجوا إلى عيدِهِم منَ الغَدِ) أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني .

ثامناً: لا بأس بالمعايدة وأن يقول الناس (تقبل الله منا ومنكم)

هذا وصلوا على نبيكم.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، صاحب اللواء المعقود والحوض المورود والمقام المحمود، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم بمنك وفضلك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا ما ينفعنا، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، واجعلنا من عبادك الفائزين، اللهم أعد علينا رمضان ومن َّعلينا بالصيام والقيام، اللهم اجعل هذا العيد عيد عز ونصر وتمكين للإسلام والمسلمين.

والحمد لله رب العالمين.

1438-12-15 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة