عيد الفطر 4

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 7 شوال 1437هـ | عدد الزيارات: 1911 القسم: خطب العيدين

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله الذي سهَّل لعباده طريق عبادته ، وأفاض عليهم من خزائن جوده وكرمه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسولُه، أفضل من صلى وصام وحج واعتمر، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه. الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أما بعد؛

اتقوا الله وعظموا أمره واجتنبوا نهيه، وأخلصوا له العبادة وحده . الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

في هذا اليوم العظيم يجتمع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وفي كل قطر وفي كل قرية، يجتمعون لصلاة العيد، وفي هذا الاجتماع تظهر الوحدة الإسلامية، تظهر في أبهى حُلَلِهَا وفي أروع صورِها، فيجتمع الغنيُّ مع الفقير، القويُّ مع الضعيف، العربيُّ مع الأعجمي، على اختلاف اللغات يجتمعون ، وكل منهم يشعر أن بجانبه أخاه يشاركه في آلامه وفي آماله، وهذه هي الوحدة في الحقيقة، يمد يده ويصافحُه يهنئه بالعيد ويباركُ له فيما عمله في شهر رمضان، فيتبادلان التحيات، يتبادل كلُّ واحد منهما مع الآخر كأنه أخوه، وهو لا يعرفه، ولربما كانت لغته تخالف لغته، وربما يمد يده بغير أن يتكلم لأنهما لا يعرفان لغة بعضهما، ولكنَّ الإسلامَ هو الذي جمع بينهما، يشعر كل واحد منهما أن بجانبه أخاه يشاركه في كل أموره وشؤونه، وهذه هي الوحدة التي تنبغي بين المسلمين، وهي التي ينبغي أن يحققها المسلمون؛ لأن هذه الوحدة هي التي فيها عزُّهم وشرفُهم فيها عزُّ الإسلام والمسلمين، فيها القوة التي يخشاها أعداءُ الإسلام؛ لأن أعداء الإسلام يدركون أن الإسلام يجمع ولا يفرق، يلُقي بين الناس المودة ولا يلقي بينهم البغضاء.

يدرك أعداءُ الإسلام أن الإيمان هو السلاحُ الوحيد الذي لا يمكن أن يُقاوم ، إنه سلاح العقيدة، والإيمان، والوحدة، والاجتماع، والائتلاف، هذا هو السلاح ، وقد حاولوا أن يجدوا سلاحًا يضاد إيمانكم ، فوجدوا بغيتهم في سلاح التفرقة، إذ لا يمكن مقاومة المسلمين إذا اجتمعوا إلا ببث الفرقة والعداء والخلاف فيما بينهم، فمتى كانوا كذلك تمكن أعداؤهم منهم، فعلى المسلمين أن يدركوا أن السلاح الذي يقاومهم به عدوهم هو سلاح التفرقة، وحينئذ يتبرؤون منها ويجتمعون وتأتلف قلوبهم على الإسلام، ومتى كانوا كذلك فإن عدوهم مهما أتى به من السلاح ومهما قابلهم من السلاح لا يغني عنهم شيئًا.

واعلموا أن أسلافكم حاربوا وقهروا عدوهم بالإيمان، إن مئات الألوف من الأعداء تقابلت الآلاف من المسلمين والمآلُ هو الانهزام لعدو الإسلام والمسلمين ؛ لأن السلاح العظيم الذي معهم هو سلاح فتاك في عدو الإسلام، إنه سلاح العقيدة والاجتماع وعدم الاختلاف.

هذا هو سلاحكم فكيف تفرطون فيه ، وتجعلون لعدوكم بابًا يدخل إليكم منه، إنه التفرق، كيف تعادون إخوانكم في الله وأنتم تعلمون أن لكم عدوًا يتربص بكم، أليس من المحزن أن يختلف المسلمون، وأن يتناحروا ويتباغضوا ويسب بعضهم بعضًا، ولربما يحمل بعضهم السلاح على البعض، أليس هذا من مصائب المسلمين.

راقبوا الله -عز وجل-، واعلموا أن الله معكم، متى كنتم مع الله، واعلموا أن الله سينصركم، حين تنصروا الله، فانصروه باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، والأخذ بما جاء في كتابه وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ،

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الصلاةَ الصلاةَ ؛ فإنها عمودُ الإسلام، وناهيةٌ عن الفحشاء والآثام، مَنْ حفظها فقد حفظ دينَه، ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله

وعليكم ببر الوالدين وصلة الأرحام، والصبر عند فجائع الليالي والأيام، فإن الصبر درع للمسلم، وعليكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإنهما من دعائم الإسلام، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما قام دين إلا بهما، ولا استقام إلا عليهما، وما من أمة ضيعت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا أخذها الله -عز وجل- بعظيم عقابه، وعلينا أن ننظر فيما وقع لبني إسرائيل؛ حيث وصفهم الله -عز وجل- بقوله: " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " (المائدة:78، 79)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " والَّذي نَفسي بيدِهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقابًا منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يَستجيبُ لَكُم " رواه الترمذي وحسنه الألباني.

واحذروا الشرك بالله -عز وجل-؛ فإنه من أعظم الآثام، وإن الجنة على صاحبه حرام: " إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً " (النساء:116)، وقال -سبحانه وتعالى- حكاية عن نبيه عيسى: " مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ " (المائدة:72)

راقبوا أنفسكم، وعليكم بحسن الصحبة مع إخوانكم، ومع الأقارب أولى، واحذروا المعاصي؛ فإنها من أعظم ما يكون، وأكبرها الشرك بالله -عز وجل-، واحذروا الزنا فإنه من أعظم المحرمات، قال الله -عز وجل-: " وَلاَ تَقْرَبُواْ الزّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً " ( الإسراء:32)

وإياكم وقذفَ المحصناتِ الغافلات؛ قال الله -عز وجل-: " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَـاتِ الْغَـافِلَـاتِ الْمُؤْمِنـاتِ لُعِنُواْ فِى الدُّنْيَا وَلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " (النور:23) ، وإياكم وشرب شيء من المسكرات؛ فإنه محرم بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله -عز وجل-: " يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ " (المائدة:90، 91)

وقال صلى الله عليه وسلم: " كلُّ مخمَّرٍ خمرٌ ، وكلُّ مسكرٍ حرامٌ ، ومن شرب مسكرًا بخستْ صلاتُه أربعين صباحًا ، فإن تاب تاب اللهُ عليه ، فإن عاد الرابعةَ كان حقًّا على اللهِ أن يَسْقِيَه من طينةِ الخَبالِ . قيل : وما طِينةُ الخَبالِ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : صديدُ أهلِ النارِ ، ومن سقاه صغيرًا لا يعرفُ حلالَه من حرامِه كان حقًّا على اللهِ أن يَسْقِيَه من طِينةِ الخَبالِ " رواه أبو داود وصححه الألباني .

فاتقوا الله واحذروا الآثام فإنها موبقات مهلكات.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

تذكروا بهذا الاجتماع ما أمامكم من الأهوال والأفزاع، تذكروا قبل الانصراف من هذا المصلى .

هذا ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشكره سبحانه على آلائه ونعمه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه.

أما بعد؛

اتقوا الله - تبارك وتعالى - ، واعلموا أن الذي يغيظ الشيطانَ عدوَّ اللهِ وعدوَّكُمْ ما قدمتموه في شهر رمضان المبارك ، مما يَسَّر اللهُ لكم وسهَّلَ لكم من فعل الخير والأعمال الصالحة، وهو حريص كل الحرص أن ينتقم منكم، فهو الآن سيضاعف جهده معكم، فالحذر الحذر من عدو الله فإنه يتربص بكم الدوائر، فينبغي لكم أن تحذروا منه؛ فإنه يحاول أن يفسد ما أصلحتموه في شهر رمضان المبارك، ولكن ردوه مدحورًا، وذلك بالاستمرار في طاعة الله -عز وجل- وعبادته والإكثار من الخير.

واحذروا المعاصيَ ؛ فإنها المهلكاتُ الموبقاتُ، وإنه ما نزل بلاءٌ في الأرض إلا بسبب معصية، ولا رُفع إلا بتوبة، فعليكم بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل.

هذا وصلوا على سيد الأولين والآخرين محمد -عليه أفضل الصلاة والتسليم-؛ فإن ربنا -تبارك وتعالى- أمرنا بذلك في كتابه المبين؛ فقال -جل من قائل-: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً " (الأحزاب 56) ، ويقول -عليه أفضل الصلاة والتسليم-: " مَنْ صلى عليَّ صلاةً صلى اللُه عليه بها عشرًا " رواه مسلم .

اللهم صلَّ وسلمْ وباركْ على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهمَّ عن الأربعة الخلفاءِ الأئمةِ الحنفاءِ أبي بكر وعمر وعثمانَ وعليٍّ وسائرِ الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمِّر أعداءَك أعداءَ الدين من الرافضة والنصيرية وغيرِهما، اللهم طهر الأقصى من دنس اليهود، واحفظ العراق وسوريا من براثن الرافضة المنافقين، اللهم عليك بالنصيرية المشركين في بلاد الشام، والحوثيين الرافضة في أرض اليمن، اللهم احفظ اخواننا المرابطين على الحدود، اللهم اجمع شمل المسلمين في كل مكان ، اللهم من أرادنا بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له، اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا، اللهم كما اعنتنا على صيام رمضان فأعنا على صيام الست من شوال، اللهم احفظ بلادنا من عبث العابثين وحسد الحاسدين ومكر الماكرين واحفظ لنا ولاة أمرنا واجعلهم مباركين أينما كانوا وثبتهم ووفقهم لطاعتك إنك على كل شيء قدير، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين.

وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد.

1437-10-7 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي