الدرس الثامن والعشرون: مسائل في الأذان والإقامة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 24 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 1984 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

سئل مفتي المملكة الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم الأذان والإقامة للمنفرد ؟

الجواب: السنة أن تؤذن وتقيم أما الوجوب ففيه خلاف بين أهل العلم ولكن الأولى بك والأحوط لك أن تؤذن وتقيم لعموم الأدلة

وسئل : عن الأذان في أول الوقت ؟

الجواب: إذا لم يؤذن في أول الوقت لم يشرع له أن يؤذن بعد ذلك إذا كان في المكان مؤذنون سواه قد حصل بهم المطلوب وإذا كان التأخير يسيراً فلا بأس بتأذينه

أما إذا لم يكن في البلد سواه فإنه يلزمه التأذين ولو تأخر بعض الوقت لأن الأذان في هذه الحال فرض كفاية ولم يقم به غيره فوجب عليه لكونه المسئول عن ذلك ولأن الناس ينتظرونه في الغالب

أما المسافر فيشرع له الأذان وإن كان وحده لما ثبت في الصحيح عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال لرجل " إذا كنت في غنمك وباديتك فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة

ورفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ولعموم الأحاديث الأخرى في شرعية الأذان والإقامة والله ولي التوفيق

وسئل: عن الأذان في آخر الوقت ؟

الجواب: إذا كنتم في بلد فالواجب عليكم الصلاة مع المسلمين في المساجد إلا من عذر كالمرض ومن صلى في البيت للعذر الشرعي كفاه أذان أهل البلد وشرع أن يقيم الصلاة

أما أذا كنتم في الصحراء فالواجب عليكم أن تؤذنوا وتقيموا لأن الأذان والإقامة فرض كفاية في أصح قولي العلماء لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم " وفي لفظ قال له ولصاحبه: إذا حضرت الصلاة فإذنا وأقيما

ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر بلال بالأذان في المدينة وأمر أبا محذورة بالأذان في مكة

وأمرهما جميعاً بالإقامة ولم يزل صلى الله عليه وسلم يؤدي الصلوات الخمس في المدينة بأذان وإقامة فدل ذلك على فرضيتها ولقوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي

أما التأذين في أول الوقت إذا كنتم في الصحراء أو في آخره فالأمر في ذلك واسع إن شاء الله والأفضل البدار بالأذان والصلاة في أول الوقت وإن أخرتم الأذان والصلاة وجمعتم الظهر إلى العصر والمغرب إلى العشاء فلا بأس في حال السفر لأن المسافر له أن يجمع في السفر جمع تأخير وجمع تقديم حسب الأرفق به

وإن كان على ظهر سير فالأفضل له أن يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل الزوال والمغرب إلى العشاء إذا ارتحل قبل الغروب

أما إذا ارتحل بعد الزوال فالأفضل تقديم العصر مع الظهر وهكذا إذا ارتحل بعد الغروب فإن الأفضل تقديم العشاء مع المغرب لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك

وقد قال الله عز وجل "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" وقد قال صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" والله ولي التوفيق

وسئل: عن وقت الأذان لمن أراد تأخير الصلاة ؟

الجواب: يؤذنون في الوقت الأفضل الذي يريدون أن يصلوا فيه

وسئل: عن حكم من يقول في الأذان أشهد أن علياً ولي الله وحي على خير العمل ؟

الجواب: روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه وعن أبيه أنهما كان يقولان في الأذان حي على خير العمل فهذا في صحته عنهما نظر وإن صححه بعض أهل العلم عنهما

لكن ما قد علم من علمهما وفقههما في الدين يوجب التوقف عن القول بصحة ذلك عنهما لأن مثلهما لا يخفى عليه أذان بلال ولا أذان أبي محذورة وابن عمر رضي الله عنهما قد سمع ذلك وحضره وعلي بن الحسين رحمه الله من أفقه الناس فلا ينبغي أن يظن بهما أن يخالفا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلومة المستفيضة في الأذان

ولو فرضنا صحة ذلك عنهما فهو موقوف عليهما ولا يجوز أن تعارض السنة الصحيحة بأقوالهما ولا أقوال غيرهما

وسئل: عن الأذان للصلاة في مقر العمل ؟

الجواب: الواجب عليكم الصلاة في المسجد مع الجماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " فإن منع مانع قهري من ذلك شرع لكم الأذان والإقامة في محلكم لعموم الأدلة الشرعية في ذلك

وسئل: هل يشرع للنساء أذان وإقامة ؟

الجواب: لا يشرع

وسئل: هل الأفضل إجابة المؤذن أم لا وذلك يوم الجمعة ؟

الجواب: إجابة المؤذن سنة مؤكدة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول" متفق على صحته من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

وتحية المسجد بركعتين سنة مؤكدة أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " متفق عليه

وقوله صلى الله عليه وسلم " إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليصلي ركعتين وليتجوز فيهما" خرجه مسلم في صحيحه

وبهذا يتضح للسائل أن الأفضل أن يجيب المؤذن وهو قائم ثم يصلي ركعتين حتى يجمع بين سنتين فإذا صلى ركعتين ولم يجب المؤذن فلا حرج ولكنه خلاف الأفضل لأنه يفوته بذلك فضل إجابة المؤذن

وسائل يسأل: هل أتابع المؤذن أم أقرأ القرآن ؟

الجواب: السنة إذا كان يقرأ وسمع الأذان أن يجيب المؤذن امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم"إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة" رواه مسلم في صحيحه

وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول " وفي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة " رواه البيهقي بإسناد حسن وزاد إنك لا تخلف الميعاد

لأن إجابة المؤذن سنة تفوت إذا استمر في القراءة والقراءة لا تفوت ووقتها واسع

وسئل: عن الكلام بعد إقامة الصلاة ؟

الجواب: الكلام بعد إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام إن كان يتعلق بالصلاة مثل تسوية الصفوف ونحو ذلك فهذا مشروع وإن كان لا يتعلق بالصلاة فالأولى تركه استعداداً للدخول في الصلاة وتعظيماً لها

وسئل: عن حكم استلام المؤذن راتباً باسم غيره ؟

الجواب: هذا منكر وزور ولا يجوز وعليك رد المال إلى الأوقاف فإن لم يتيسر ذلك فتصدق به على الفقراء ونحوهم لأنه مال أخذ بغير حق وإن لم يتيسر صرفه إلى أهله فوجب صرفه في جهة بر كالفقراء وإصلاح دورات المياه ونحو ذلك

وسئلت اللجنة الدائمة: هل يشرع الدعاء بعد الإقامة ؟

الجواب: السنة أن المستمع للإقامة يقول كما يقول المقيم لأنها أذان ثانٍ فتجاب كما يجاب الأذان

وسئلت اللجنة: هل تؤذن المرأة وهل يعتبر صوتها عورة ؟

الجواب: ليس على المرأة أن تؤذن على الصحيح من أقوال العلماء لأن ذلك لم يعهد إسناده إليها ولا توليها إياه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

ثانياً ليس صوت المرأة عورة بإطلاق فإن النساء كن يشتكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه عن شئون الإسلام ويفعلن ذلك مع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وولاة الأمور بعدهم ويسلمن على الأجانب ويرددن السلام ولم ينكر ذلك عليهن أحد من أئمة الإسلام ولكن لا يجوز لها أن تتكسر في الكلام ولا تخضع في القول فإن ذلك يغري بها الرجال وتكون فتنة لهم قال تعالى: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا

وسئلت اللجنة: عن حكم قول المؤذن صلوا هداكم الله بعد الأذان في مكبر الصوت ؟

الجواب: مختصراً ينبغي الاقتصار في الأذان على ما ثبت شرعاً في صفة الأذان وأن الزيادة على ذلك من قبيل الابتداع والله أعلم

وسئل الشيخ ابن جبرين هل يلزم المؤذن الإلتفات في الحيعلتين ؟

الجواب: إذا كان الأذان في المكبر فأرى أنه لا حاجة إلى الإلتفات فإن لاقطة المكبر تكون للمؤذن فإذا قابلها قوي صوته فإذا انصرف عنها ضعف صوته وقال السنة إذا كان الأذان فوق المنارة أ.هـ

قلت: وإن طبق السنة بالإلتفات يميناً وشمالاً فهذا أفضل حيث أن الإلتفات لا يؤثر على الصوت مع المكبر

وسئل أيضاً عن حكم الإقامة فقال سنة لأنها ليست من أركان الصلاة ولا من واجباتها

قلت: هذا هو الصواب لأن أحد الصحابة صلى بدون إقامة

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -23

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر