الدرس السابع والعشرون: آداب الأذان ومستحباته

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 23 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 4448 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

من آداب الأذان ومستحباته أن يترسل في الأذان ويحدر في الإقامة لما روى أبو عبيد بإسناده عن عمر رضي الله عنه أنه قال لمؤذن بيت المقدس إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحزم

قال الأصمعي وأصل الحزم في المشي إنما هو الإسراع لأن الأذان إعلام الغائبين والتثبيت فيه أبلغ في الإعلام

والإقامة إعلام الحاضرين فلا حاجة إلى التثبيت فيها

ويسن أن يقول في أذان الصبح الصلاة خير من النوم مرتين بعد قوله حي على الفلاح ويكره في غير الفجر، ولا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر

قال الترمذي وعلى هذا العمل جرى فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر قال أبو الشعثاء كنا قعوداً مع أبي هريرة في المسجد فأذن المؤذن فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح

وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجه وهو لا يريد الرجعة فهو منافق " رواه ابن ماجة

أما الخروج لعذر فمباح

ويستحب أن يفصل بين الأذان والإقامة بقدر الوضوء وصلاة ركعتين وفي المغرب يفصل بجلسة خفيفة وقال إسحاق بن منصور رأيت أحمد خرج عند المغرب فحين انتهى إلى موضع الصف أخذ المؤذن في الإقامة فجلس

وروى الخلال بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء وبلال في الإقامة فقعد

وقال أحمد يقعد الرجل مقدار ركعتين إذا أذن المغرب قيل من أين قال من حديث أنس وغيره كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن ابتدروا السواري وصلوا ركعتين

وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته . رواه أبو داود والترمذي

والمستحب أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والجنابة

ومن أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقت

ويكره الأذان قبل الفجر في شهر رمضان نص عليه أحمد لئلا يغتر الناس به فيتركوا سحورهم ولا يكره في حق من عرف عادته بالأذان في الليل

ويستحب أن يؤذن في أول الوقت ليعلم الناس فيأخذوا أهبتهم للصلاة

ولا يصح الأذان إلا من مسلم عاقل ذكر

والشروط المتعلقة بالمؤذن

أولاً: أن يكون مرتباً

ثانياً: أن يكون متوالياً

ثالثاً: أن يكون بعد الوقت

رابعاً: ألا يكون فيه لحنا يحيل المعنى سواء عاد هذا اللحن إلى علم النحو أو إلى علم التصريف

خامساً: أن يكون على العدد الذي جاءت به السنة وأن يكون المؤذن مسلماً عاقلاً ذكراً عدلاً مميزاً

وكما أسلفت الذكر الإقامة في حق المنفرد سنة وهو قول الجمهور

لما روي عن علقمة والأسود أنهما قالا دخلنا على عبد الله فصلى بلا أذان ولا إقامة. رواه الأثرم

وإذا سمع الأذان وهو في قراءة قطعها ليقول مثل ما يقول لأنه يفوت والقراءة لا تفوت

ويقول بعد فراغ الأذان وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته

لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة . أخرجه مسلم

والدعوة التامة هي الأذان ووصفها بالتامة لاشتمالها على تعظيم الله وتوحيده والشهادة بالرسالة والدعوة إلى الخير

والصلاة القائمة قال العلماء التي ستقام باعتبار ما سيكون

آت محمد الوسيلة والفضيلة

آت بمعنى إعط

والوسيلة بينها الرسول صلى الله عليه وسلم أنها درجة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله قال أرجو أن أكون أنا هو

وأما الفضيلة فهي المنقبة العالية التي لا يشاركه فيها أحد

وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته

وهذا المقام المحمود يشمل كل مواقف القيامة وأخص ذلك الشفاعة العظمى حينما يلحق الناس من الكرب والغم في ذلك اليوم العظيم فيأتون في النهاية إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه أن يشفع فيشفع لهم وهذا مقام محمود لأن الأنبياء والرسل كلهم يعتذرون عن الشفاعة إما بما يراه عذراً كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وإما لأنه يرى أن في المقام من هو أولى منه كعيسى

مسألة: إذا قال المؤذن في الفجر الصلاة خير من النوم ماذا نقول ؟

الصحيح أن يقال مثل ما يقول الصلاة خير من النوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول " قال شيخ الإسلام ويستحب إذا أخذ المؤذن في الأذان أن لا يقوم إذ في ذلك تشبه بالشيطان قال أحمد لا يقوم أول ما يبتدئ يصبر قليلاً

وسئل ابن تيمية رحمه الله عن الأذان والإقامة ؟

فقال الصحيح أن الأذان فرض على الكفاية فليس لأهل مدينة ولا قرية أن يدعوا الأذان والإقامة وهذا هو المشهور من مذهب أحمد وغيره

وقد أطلق طوائف من العلماء أنه سنة ثم من هؤلاء من يقول إنه إذا اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا وقال وأما من زعم أنه سنة لا إثم على تاركه ولا عقوبة فهذا القول خطأ ولعل ابن تيمية رحمه الله يريد ترك الأذان بصفة عامة من أهل البلد وإلا فإن الإقامة سنة فهي ليست من أركان الصلاة ولا من واجباتها ثم إن الأذان إذا أذن في أحد المساجد وترك في مسجد آخر لعدم حضور المؤذن فصلاة الجماعة صحيحة ولا أثم في ذلك

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -22

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر