غزوة خيبر

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 27 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2286 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق فأظهره على الباطل وأيده الله بنصره وبالمؤمنين فكانوا متآلفين متحابين مجتمعين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.المائدة:54. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله تعالى واعلموا أنه لم يزل اليهود في عداء الإسلام متمردين يريدون القضاء عليه وعلى أهله حسدا وبغيا واعتداء والله لا يحب المعتدين فلقد كانت لهم مواقف عدائية مع النبي صلى الله عليه وسلم يعرفها من قرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخ حياته كانوا من أعظم الناس تهييجا للأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الدائرة ولله الحمد تكون عليهم في جميع مواقفهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وفي شهر الله المحرم من السنة السابعة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتجهز لغزوهم في خيبر وكانت خيبر ثمانية حصون أو خمسة تبعد عن المدينة نحو مئة ميل من الشمال الغربي وهي زراعية فحاصر النبي صلى الله عليه وسلم أول حصن من حصونهم فمكث عليه ستة أيام لم يصنع شيئا وفي الليلة السابعة ظفر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيهودي خارج من الحصن فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أدركه الرعب قال إن أمنتموني أدلكم على أمر فيه نجاحكم فقال إن أهل هذا الحصن أدركهم التعب والملل وهم يبعثون بأولادهم إلى الحصن الذي وراءه وسيخرجون لقتالكم غدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله علي يديه"رواه البخاري. فلما أصبح سأل عن علي بن أبي طالب فقيل إنه يشتكي عينيه فدعا به فبصق في عينيه فشفاها الله في الحال كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فحمل المسلمون على اليهود حتى فتح الحصن ومازال المسلمون يفتحونها حصنا حصنا حتى أتم الله فتحها ولله الحمد وأذل اليهود ونصر المسلمين عليهم وغنموا منهم مغانم كثيرة وملكوا أرضهم ولكنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقوا فيها يعمرونها ويزرعونها على النصف فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال نقركم ما شئنا فلما كان زمن عمر أجلاهم عمر رضي الله عنه عنها إلى تيما وأريحا وكان من أسباب إجلاء عمر إياهم أنه في عهده كثرت مؤامرات الاغتيال والتخريب من قبل اليهود في خيبر ومن ذلك أن مظهر بن رافع الحارثي استقدم عشرة من نصارى الشام يعملون بأرضه فأقبل حتى نزل بهم خيبر فأقام بها ثلاثة أيام فجاء رجل من اليهود وقال لهم أنتم نصارى ونحن يهود وهؤلاء قوم قد قهرونا بالسيف وأنتم عشرة رجال أقبل رجل واحد منهم يسوقكم من أرض الخمر والخير إلى الجهد والبؤس وتكونون في رق شديد فإذا خرجتم من قريتنا فاقتلوه قالوا ليس معنا سلاح فخرجوا وقد اعتزموا تنفيذ ما أوحى اليهود به إليهم

فلما وصلوا إلى ثبار في طريقهم إلى المدينة مع مظهر الحارثي قال مظهر لأحدهم ناولني كذا وكذا فاقبلوا إليه جميعهم قد شهروا سكاكينهم فخرج مظهر يعدوا إلى سيفه ولكنهم بعجوا بطنه قبل أن يخرج السيف من غماده وبعد أن قتلوه عادوا إلى خيبر فآواهم اليهود وأخفوهم ثم زودوهم وأعطوهم قوة فلحقوا بالشام.

ثم إن المسلمين استغنوا عن بقائهم بخيبر وكان الشرط الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم أنا نقرهم ما شئنا فلما حصل منهم العدوان واستغنى عنهم المسلمون أجلاهم عمر سنة عشرين من الهجرة إلى تيما وأريحا

فهذا تاريخ اليهود مع الإسلام وأهله قاتلهم الله وأذلهم وقلبهم على أعقابهم خائبين إنه جواد كريم قال الله تعالى "وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"البقرة:109.

هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمدا عبده وسوله ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد

عباد الله: قبل أن يحمل المسلم السلاح لقتال أعداء الله وأعداء الحرية عليه أن يجاهد أولاً نفسه التي بين جنبيه عليه أن يكون في جهاد دائم مع نوازع الهدى ودوافع الإثم حتى يقوى على مقاومة الشر في الحياة ومن قدر على الاستعلاء على هواه كان أقدر على الانتصار على الأعداء والإنسان في صراع شاق بين دوافع الروح التي تدعوا إلى الخير وبين وساوس الشيطان الموجهة إلى الشرور

وإذا انتصر الإنسان في جهاده مع نفسه استرخص الحياة وقدمها فداءاً لعقيدته وعاش حياته عزيزاً حراً يهابه الأعداء ويحترمه الأصدقاء

والمسلمون الأولون رضوان الله عليهم أجمعين صانوا عقيدتهم ونشروا مبادئهم وحفظوا مقدساتهم بقوة إيمانهم وبجهادهم أعدائهم ولقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يتعلقون بزينة الحياة الدنيا فقد روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة وعبد القطيفة إن أعطى رضى وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش"أخرجه البخاري.

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم طهر بلاد المسلمين من رجس اليهود اللهم كما أخرجتهم من المدينة النبوية وطهرتها من رجسهم فأخرجهم من بلاد المسلمين أذلاء صاغرين وصل اللهم على نبينا محمد .

1434-12-26هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 9 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي