أهمية عيد الأضحى

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 4 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2187 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.آل عمران:102.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً.النساء:1.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً.الأحزاب:70-71.

أما بعد

عباد الله: ما هي إلا أيام قلائل ويشرفنا يوم عظيم لنا فيه وقفة تأمل فاعلموا يا عباد الله أن الدين الذي شرع لنا العيد لم يجعل منه مناسبة يتحلل فيها المؤمن من قيود العبادة فالمؤمن عبد الله في جميع ظروفه وسائر أحواله والدين لا يريد للعبد أن يفقد الصلة بربه لحظة من ليل أو نهار وإنما تجري الأمور في تصور الدين على أن الحياة رحلة يضع المؤمن بعد كل مرحلة من مراحلها رحاله كيما يلتقط أنفاسه ويهدئ أعصابه المشدودة ثم هو يسـتأنف بعد راحته القصيرة مرحلة أخرى من مراحل الجهاد الروحي والحياة الخاشعة النقية من أجل هذا حفل العيد في نظر الدين بالكثير من الوصايا والشعائر والمناسك التي تجعل له رسالة اجتماعية إلى جانب أنه مناسبة إسعاد وبهجة لأبناء الأمة الإسلامية على اختلاف الأعمار والمستويات وقد ربط الدين العيد بقيمة من القيم الاجتماعية هي التضحية والتضحية في أبسط معانيها تنازل الفرد عما يملك مما لا يحتاج إليه لمن لا يملك شيئاً وهو في حاجة إليه ولكنها في ثوبها الإسلامي المنشود تعني أن يذبح القادر أضحية يوزع منها قدراً على الفقراء ويهدي قدراً لذوي الأرحام والأصدقاء ويوسع على عياله يطعمهم ويدخر إذا شاء فالعلاقات الاجتماعية في يوم العيد كما يريد لها الدين علاقات ود وعطاء وحب وصفاء علاقات سخاء نفسي ومادي يتمثل في توزيع قدر محدد من الأضحية على الأحباب من الفقراء والأقرباء وعلاقات رضا نفسي ومادي لدى أولئك الآخذين وتلك حالة من التواصل الاجتماعي المحمود تضفي على العيد معنى اجتماعياً وتمنحه طاقة من الحيوية مصدرها التضحية الكريمة في يوم شاء الله له أن يكون كريماً فالأضاحي شعيرة من شعائر الله بالنسبة إلى الحجيج في مكة وغير الحجيج في سائر البلاد يتقرب بها المضحون إلى الله متى قدروا عليها إلى جانب ما يصيبهم بفضلها من خير حين تتقارب قلوب الفقراء والأغنياء وحين تنتفي من المجتمع صورة العوز والفاقة فيشبع من لم يكن يشبع كما تختفي تبعاً لذلك صورة الحقد الاجتماعي الذي يتجلي في أبشع صوره عندما يحس المحتاج أن القادر لم يبال به ولم يلتفت إلى حاجته فشبع وتركه بائساً وتلك هي اللحمة التي عبر عنها الله سبحانه بقوله "لن ينال الله لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم"الحج:37. فاللحوم والدماء تنالكم أنتم وتتعاطونها فيما بينكم أما ما ينتج عن هذه التضحية فإن أعظم ما فيه صلة العبد بربه والتقوى التي تشع من تصرفه على نحو يرضي الله سبحانه فالعطاء من الجانب المادي دون مقابل ولكنه في ضوء الإيمان بالجزاء الأخروي تقابله سعادة النفس بالتعامل مع الله وأي سعادة تعدل إحساس المرء بالأمن يتخلل أعماق قلبه فينطلق لسانه مكبراً شاكراً لله أن هداه إلى معرفته وأفاض عليه نعمته وسخر له ما في البر والبحر جميعاً منه "كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين"الحج:37. والمسلم يحاول أن يدنوا بسلوكه من المستوى الذي تحقق للحجيج فإذا تذكر ما هم عليه من طهارة وعفاف وتنزه عن الاسفاف وتشاغل بذكر الله حاول أن يتأسى بحالهم وعمل على تنقية سلوكه من العادات والأحوال السيئة وربما كان أبسط أداب الحجيج ما فرضه الله سبحانه عليهم من أنه "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"البقرة:197. فالمسلم الحق يجد نفسه مندوباً إلى أن يلتزم بهذا الأدب الإلهي الذي يتقيد به الحجيج غير أن هنالك معنى آخر أشمل من ذلك وأكمل هو إحساس المؤمن بالصفاء الداخلي الذي يسقط الأحقاد ويتناسى ألوان التنازع والتخاصم على شئون الحياة وأنسب وقت لتصفية هذه التركة الدنيوية الثقيلة هو العيد فجدير بمن أقبل على الله ونفذ أمره في التضحية التي حتمت عليه من قبل أن يخاصم فلاناً أو أن يبغض فلاناً فالمال أهون ما يضحي به الإنسان غير أن التضحية بالأهواء وبالنوازع هي أعسر شيء يتكلفه المسلم في العيد ولكنه ليس عسيراً على من يسره الله عليه والمهم أن هذا الاستعداد للتضحية بالخصومات يجد في مناسبة العيد موسماً من مواسم التألف فالخصوم في العيد متحابون والأباعد متقاربون وعواطف الخير تقود الناس إلى حيث يكون اجتماعهم وتعاونهم على البر والتقوى حتى تكتمل في العيد تلك الصورة المثالية التي عبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما حدث به النعمان بن بشير "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"رواه مسلم.

أيها الناس إن واجبكم نحو أبنائكم هو واجبكم نحو أنفسكم وإهمالكم لهم إهمال لأنفسكم التي دعاكم الله ورسوله إلى العناية بها في قوله سبحانه "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"الشمس:7-10. فلا تتركوا أبنائكم في الشوارع كالسوائم الضالة ولكن إصحبوهم إلى المساجد ليرفعوا أصواتهم بالتكبير واصحبوهم في توزيع لحوم الأضاحي ليتدربوا على الإحسان العملي

هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأود أن أذكركم بأنه يشرع صيام يوم عرفة فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال "يكفر السنة الماضية والسنة القابلة" رواه مسلم، كما أوصيكم بصلة أرحامكم

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم اجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادنا أو أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيما إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

عباد الله: أذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1434-12-3 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي