عطلة المدارس

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 19 شهر رمضان 1434هـ | عدد الزيارات: 1495 القسم: خطب الجمعة

إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلِّ اللهمَّ وسلِّم عليه وعلى آله وأصحابه.

" يَا أَيها الذين ءامَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَاته ولا تموتن إلا وأنتم مُسلمُون " (آل عمران:102)

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " (النساء:1)

" يَا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطع الله وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً " (الأحزاب:70 ، 71)

أما بعد

عباد الله

اشكروا الله على ما خولكم من الأموال والأولاد واعلموا أن هذه النعمة إما منحة يسعد بها الإنسان في دنياه وآخرته وإما محنة تكون سبباً لخسارته وشقوته فإنْ راعى الإنسانُ هذه النعمةَ وقام بما أوجب الله عليه فيها فهي منحةٌ وسعادةٌ وإن ضَيَّع واجبَ الله فيها وأهملها صارت محنةً وشقوةً.

عباد الله :

في هذه الأيام اختتم الشبابُ عامَهم الدراسي الذي أمضوا فيه جهداً كبيراً في النظر والعمل وسوف يعانون من مشكلة الفراغ التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ " رواه البخاري ، وهاتان النعمتان متوفرتان الآن لشبابنا فما أدري أيكون شبابنا من الكثير المغبون فيها أم سيكون من ذوي الحزم والقوة الذين يربحون أوقات صحتهم وفراغهم.

عباد الله

إن هذا الفراغ الذي سيحصل للشباب بعد انقضاء العام الدراسي الذي كانوا فيه مشتغلين مستغلين أوقاتهم وقواهم العقلية والفكرية والجسمية هذا الفراغ الذي سيحصل لا بد أن تنعكس آثاره على نفوسهم وتفكيرهم وسلوكهم فإما أن يستغلوه في خير وصلاح فيكون ربحاً وغنيمة للفرد والمجتمع يربح فيه النفس والوقت ويستغل قواه فيما يسعده ويسعد أمته وإما أن يستغلوه في شر وفساد فيكون خسارة وغبنا للفرد والمجتمع يخسر فيه نفسه ووقته ويستغل قواه فيما يشقى به وتشقى به الأمة ويمضوا أوقاتهم ويضيعوها سدى لا يعملون ولا يفيدون يتجولون في الأسواق والمجالس بأذهان خاوية وأفكار ميتة ينتظرون طلوع الشمس وغروبها ووجبات غذائهم فتتجمد أفكارُهم وتتبلد أذهانُهم ويصيرون عالةَ على المجتمع.

إنَّ الشابَ بعدَ الجهد الجهيد الذي أمضاه في عامه الدراسي إذا صارت العطلة فسيجد الفجوة الواسعة بين حالته اليوم وحالته بالأمس وسيحس بالفراغ النفسي والفكري سيقول ماذا أعمل بماذا أمضي هذه العطلة ولكن الشباب المتطلع إلى المجد والعلى يستطيع أن يستغل هذه العطلة بما يعود عليه وعلى أمته بالخير.

يمكن أن يستغل وقت العطلة بمذاكرة العلم ودراسته ، يتثقف بها ثقافة عامة فيقرأ في كتب التفسير القيّمة السالمة من الزيغ في تحريف معاني القرآن ويقرأ في كتب الحديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم ويقرأ في كتب التاريخ المعتمدة البعيدة عن الأهواء لا سيما تاريخ صدر الإسلام كسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين لأنها سيرة وسلوك تزيد القارئ علماً بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه ومحبة لهم وفقهاً في الدين وأسرار أحكامه وتشريعاته.

وليحذر الشباب من النظر أو القراءة فيما نخشى منه على عقيدتهم وأخلاقهم وسلوكهم سواء كانت كتباً مؤلفة أو صحفاً يومية أو مجلات أسبوعية فإن كثيراً من الناس ينظر في مثل هذا أو يقرؤه يظن أنه واثق من نفسه ثم لا يزال الشر يتجارى به فلا يستطيع الخلاص منه.

وإن الشباب إذا لم يمكنه استغلال العطلة بالقراءة والنظر فإنه يمكنه أن يستغلها بالعمل البدني يكون مع أبيه في دكانه أو فلاحته أو مصنعه أو أية مهنة مباحة يمارسها أو يشتغل في عمل شعبي ليكسب من ذلك ويفيد غيره ويسلم من خمول الذهن وتبلبل الفكر واضطراب المنهج والسلوك فإن ذلك ينتج عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع.

إن الشباب إذا لم يمكنه استغلال العطلة بالقراءة والنظر ولا بالعمل البدني فإنه يمكنه أن يقضي وقته في رحلة يكسب بها استطلاعاً على البلاد وتعريفاً على إخوانه بشرط أن يحافظ على دينه وخلقه فيصلي الصلاة بوقتها على الوجه المطلوب ويتجنب كل رذيلة وخلق سافل ويستصحب القرناء الصالحين الذين يذكرونه إذا نسي ويقومونه إذا اعوجَّ.

عباد الله :

كم من الساعات والأيام والسنين تضيع في حياة هذه الأمة في دروب اللهو وفنون الرخاوة والتهتك بل في النوم والكسل والفوضى والثرثرة داخل البيوت والمكاتب على حين يسهر أعداؤنا ويكدحون في كل دقيقة بل في كل ثانية من أجل تحصيل أسباب القوة ومن أجل فرض سيطرتهم على مصاير المسلمين

ونحن نضيع السنين ولا نحس بمرورها وهم يحاسبون أنفسهم على الثواني مخافة أن تمضي دون إنتاج لأن الزمن جزء من تقدمهم ونجاحهم كما هو جزء من ضياعنا وفشلنا إلا من عصم الله

هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور رحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد.

عباد الله: " اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " (آل عمران 102)

إننا نتحدث عن الشباب لأنهم جيل المستقبل ورجال الغد وأمانة في أعناق من فوقهم وفي أعناق أوليائهم بالذات، ولقد كان للمدرسة أثناء الدراسة دور كبير في حفظهم ورعايتهم أما الآن فقد أًصبح العبء الثقيل والمسؤولية على أولياء أمورهم من الآباء والأمهات والإخوة والأعمام فعلى هؤلاء مراعاة أولادهم وحمايتهم من ضياع الوقت وانحراف العمل والسلوك عليهم أن يتفقدوهم كل وقت وأن يمنعوهم من مصاحبة مَنْ يخشى عليهم منه الشر والفساد فإنهم عنهم مسئولون وعلى إهمالهم لرعايتهم وتأديبهم معاقبون " يا أيها الذين ءامنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم " (الأنفال 27 ، 28)

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (الأحزاب56) ، وقال عليه الصلاة والسلام " من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا " رواه مسلم ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وانصر المظلومين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعاد من عاداهم ووال من والاهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادهم بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم ، اللهم وفق ولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين.

عباد الله: اذكروا الله يذكركم وأشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون العنكبو:45

17 - 9 - 1434هـ

ملحوظة : ألقيت هذه الخطبة لأول مرة عام 1406هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي