الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف "عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّه فقلت له: إنا لسنا نعبدهم. قال: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟". فقلت: بلى. قال: فتلك عبادتهم." رواه أحمد والترمذي وحسنه ".
لم أعثر على الحديث بهذه الرواية في سنن الترمذي، والرواية الموجودة في سنن الترمذي بهذا اللفظ : حدثنا الحسين بن يزيد الكوفي حدثنا عبد السلام بن حرب عن غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم قال:"أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ. فقالَ :يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةَ " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ" قالَ : أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه"
رواه الترمذي ، والطبراني ، والبيهقي قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث عبدالسلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث، وقال الذهبي في(المهذب): فيه غطيف ضعفه الدارقطني، وحسَّنه ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) ، والألباني في (صحيح سنن الترمذي) رقم الحديث (3095).
قوله:"عن عدي بن حاتم" ،هو عَدِيُّ بنُ حَاتِم بن عبد الله بن سعد بن الحَشْرَج بن امرئ القيس بن عَدِيّ بن أَخْزَم بن أَبي أَخْزَم بن رَبِيعَة بن جَرْوَل بن ثُعَل بن عمرو بن الغَوْث بن طيء. يُكنّى بـ أبي طَريف وأبي وَهب.
كان أبوه من أجود وأكرم العرب. تولى عدي رئاسة قومه قبيلة طيّء بعد وفاة أبيه في أرض الجبلين أجا وسلمى وهي منطقة حائل حالياً، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، في شعبان سنة تسع من الهجرة فأسلم، مات سنة ثمان وستين وله مائة وعشرون سنة.
قوله " اتَّخَذُوا": الضمير يعود لليهود والنصارى جميعا، ويختص النصارى باتخاذ المسيح ابن مريم
قوله: أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ. الأحبار: جمع حبر، وحبر بفتح الحاء وكسرها وهو العالم الواسع العلم، والرهبان: جمع راهب، وهو العابد الزاهد
قوله: أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: مشاركين لله عز وجل في التشريع لأنهم يحلون ما حرم الله فيحله هؤلاء الأتباع، ويحرمون ما أحل الله فيحرمه الأتباع.
قول المصنف: فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النور،وهي قوله تعالى:"فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "(63)
الثانية : تفسير آية براءة وهي قوله تعالى :"اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّه"(التوبة 31)
"الثالثة: التنبيه على معنى العبادة التي أنكرها عدي"، لأن البعادة هي التعبد لهم بالطاعة .
" الرابعة: تمثيل ابن عباس بأبي بكر وعمر، وتمثيل أحمد بسفيان"أي إذا كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما لا يمكن أن يعارض قول النبي بقولهما، فما بالك بمن عارض قول النبي بقول من دونهما ، إنه أشد وأقبح، وكذلك مثَّل الإمامُ أحمدُ بسفيان الثوري.
"الخامسة: تغير الأحوال إلى هذه الغاية حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال وتسمى الولاية ، وعبادة الأحبار هي العلم والفقه ثم تغيرت الأحوال إلى أن عبد من دون الله من ليس من الصالحين وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين.
وبالله التوفيق.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1434/4/20 هـ