الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وبعد:
المسلمون عليهم واجبات تتعلق بدينهم وبالاستقامة عليه، كما شرع الله، وكما أمرهم الله، فإن الله خلقهم ليعبدوه، وأرسل الرسل بذلك، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات 56) وهذه هي العبادة التي أمرهم الله بها في قوله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 21) وفي قوله سبحانه وبحمده: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (النساء 36) .
والله بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم كما بعث الرسل قبله بالدعوة إلى هذه العبادة، والدعوة إلى هذا الدين، بعثه إلى الثقلين الجن والإنس رحمة للعالمين، كما قال سبحانه وبحمده: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 25) بعثه معلما ومرشدا وهاديا إلى طريق النجاة، معلما لهم كل ما فيه صلاحهم ونجاتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وجعله خاتم الأنبياء ليس بعده نبي ولا رسول، ومن ادعى النبوة بعده فهو كاذب كافر بإجماع أهل العلم والإيمان.
هذا أصل هذه العبادة، فأصلها توحيد الله وتخصيصه بالعبادة ، وبهذا أنزلت الكتب جميعها من الله سبحانه وتعالى لبيان هذه العبادة، كما قال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (هود:1)
هذا واجب الجميع نحو دينهم، يجب عليهم أن يعبدوا الله ويطيعوا أوامره ويتركوا نواهيه، فالعبادة هي: طاعة الأوامر إخلاصا لله ومحبة له وتعظيما له، من صلاة وزكاة وحج وبر بالوالدين وصلة للرحم، وجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، وصدق في الحديث، وغير هذا، مع ترك كل ما حرم الله من الشرك بالله؛ وهو أعظم الذنوب، فالشرك الذي هو: صرف العبادة أو بعضها لغير الله أعظم الذنوب، وهو الشرك الأكبر: كدعاء الملائكة أو الأنبياء أو الجن أو أصحاب القبور فيستغيث بهم أو ينذر لهم أو يذبح لهم، وهذا ينافي قول لا إله إلا الله، فإن قول لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله، وهي كلمة التوحيد، وهي أصل الدين وأساس الملة، فدعاء الأموات والأصنام وغيرهم، والاستغاثة بهم، والنذر لهم ينقض هذه الكلمة وينافيها، وهو الشرك الأكبر.
ولا بد أيضا مع توحيد الله والإخلاص له، والحذر من الكفر به، لا بد من الشهادة بأن محمدا رسول الله. هاتان الشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة، فعلى كل مكلف أن يؤمن بأن محمدا رسول الله هو عبده ورسوله إلى الثقلين الإنس والجن، وهو محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني، أرسله الله حقا إلى جميع الثقلين. يجب الإيمان به بالقلب واللسان والعمل، فيؤمن المكلف بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي هو رسول الله حقا إلى جميع الناس، وهو خاتم الأنبياء إيمانا صادقا لا نفاق فيه. ويحققه بالعمل بطاعة الأوامر وترك النواهي، بطاعة أوامر الله: من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وغير ذلك. وترك محارم الله: من الشرك بالله، والزنا، والسرقة، وشرب المسكرات، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، إلى غير ذلك مما حرم الله.
وبالله التوفيق