الدرس الثالث والعشرون التورك

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "ثم يجلس في تشهده الأخير متوركا" التورك يكون في التشهد الأخير إذا كانت الصلاة ثلاثية وهي المغرب أو رباعية وهي الظهر أو العصر أو العشاء وذلك في التشهد الأخير.

والتورك له ثلاث صفات:

الصفة الأولى : وهي أن يخرج الرجل اليسرى من الجانب الأيمن مفروشة ويجلس على مقعدته على الأرض وتكون الرجل اليمنى منصوبة أخرجه البخاري عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه

الصفة الثانية : أن يفرش القدمين جميعاً ويخرجهما من الجانب الأيمن أخرجه أبو داود وصححه الألباني

الصفة الثالثة : أن يفرش اليمنى ويدخل اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى أخرجه مسلم عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.

قوله "والمرأة مثله" والأصل في النساء أنهن كالرجال في الأحكام كما أن الأصل في الرجال أنهم كالنساء في الأحكام.

قوله "لكن تضم نفسها و تسدل رجليها في جانب يمينها" أي تضم نفسها في الحال التي يشرع للرجل التجافي كما في حال الركوع يشرع للرجل مجافاة العضدين عن الجنبين وفي حال السجود كذلك مجافاة العضدين عن الجنبين والفخذين عن الساقين والمرأة لا تجافي بل تضم نفسها وإذا سجدت تجعل بطنها على فخذيها وفخذيها على ساقيها وإذا ركعت تضم يديها.

والقول الراجح أن المرأة تصنع كما يصنع الرجل في كل شيء فترفع يديها وتجافي وتمد الظهر في حال الركوع وترفع بطنها عن الفخذين والفخذين عن الساقين في حال السجود

قوله "وتسدل رجليها في جانب يمينها" وذلك في الجلوس بين السجدتين وفي التشهدين و لا دليل للمصنف على ذلك بل تفعل كما يفعل الرجل و يستثنى من ذلك أن المرأة تخالف الرجل في بعض الأحكام كمسألة سترة الثياب ومسألة أن الرجل يجهر في القراءة في الصلاة الجهرية والسنة في حقها أن تسر

ويقول المصلي بعد السلام من الصلاة استغفر الله ثلاث مرات لما رواه ثوبان قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا إنصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام" أخرجه مسلم وإنما شرع للمسلم سؤال المغفرة لأنها جديرة بالاعتناء والاهتمام وكثير من الناس يفرط فيها إما بالمشروعات الظاهرة أو بالمشروعات الباطنة ففي المشروعات الباطنة يفرط تفريطاً كثيراً وما أكثر الذين يصلون بظواهرهم لا ببواطنهم وفي المشروعات الظاهرة لا يخلو الإنسان تقصيراً أو تجاوز ربما يقصر في وضع اليدين أو في استواء الظهر مع الرأس في الركوع أو في التجافي وربما يكون فيه تجاوز بالحركات وهذا كله من الشيطان يذكر الإنسان بالشيء وإذا انتهى من الصلاة أنساه إياه حتى تأتي الصلاة الثانية ثم يذكره ولهذا يذكر أن رجلاً جاء إلى أبي حنيفة وقال إنه نسي كذا وكذا فقال له أذهب فصل فذهب الرجل وصلى فتذكر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الشيطان يقول للإنسان في حال صلاته اذكر كذا كذا الحديث في الصحيحين و مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التسبيح والتحميد والتكبير وقد ورد على وجهين:

الوجه الأول : أن يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين ويختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فتكون مائة . أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه

الوجه الثاني : أن يقول سبحان الله ثلاثاُ وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين والله أكبر أربع وثلاثين فيكون الجميع مائة أخرجه مسلم عن كعب بن عجرة رضي الله عنه.

وهذا الاختلاف من اختلاف التنوع وقد مر علينا أنه ينبغي للإنسان في العبادات الواردة على وجوه متنوعة أن يفعل هذا تارة وهذا تارة ليتحقق فعل السنة.

وينبغي أيضاً أن يقرأ آية الكرسي لحديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آيةَ الكُرسيِّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ لم يحُلْ بينه وبين دخولِ الجنَّةِ إلَّا الموتُ " السلسلة الصحيحة للألباني

ويقرأ قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس . لما رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "اقرَأُوا المُعَوِّذَاتِ في دُبُرِ كلِّ صَلاةٍ" السلسلة الصحيحة للألباني.

ولحديث المغيرة عن شعبة رضي لله عنه أنه "كتب إلى معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" أخرجه البخاري ومسلم

ومن ذلك حديث عبد الله بن الزبير أنه يقول في دبر كل صلاة حين يسلم "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون" أخرجه مسلم

وللمزيد : انظر كتاب الأذكار للنووي، وكتاب الوابل الصيب لابن القيم حيث ذكر فيه أكثر من مائة فائدة من فوائد الذكر.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين