الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالداعي لكتابة هذه الكلمة أنه ظهر شخص يدعى رشاد خليفة مصري الأصل أمريكي الجنسية، يقوم بالدعوة على أساس بعيد عن الإسلام وينكر السنة وينتقص من منزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويحرف كلام الله بما يناسب مذهبه الباطل.
ولا يخفى على كل مسلم أن سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - هي المصدر الثاني للتشريع، وقد أجمع على ذلك سلف الأمة وعلماؤها، وقد حفظ الله سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما حفظ كتابه فقيض لها رجالا مخلصين وعلماء عاملين وهبوا نفوسهم وكرسوا حياتهم لخدمتها وتمحيصها وتدقيقها ونقلها بأمانة وإخلاص، كما نطق بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تغيير لا في المعنى ولا في اللفظ، ولم يزل أهل العلم من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم يؤمنون بهذا الأصل العظيم ويحتجون به ويعلمونه الأمة ويفسرون به كتاب الله، وقد ألفوا فيه المؤلفات وأوضحوا ذلك في كتب الأصول والفقه، وقد جاء في كتاب الله تعالى الأمر باتباع الرسول وطاعته حتى تقوم الساعة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - هو المفسر لكتاب الله والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره، ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات وما أوجب الله فيها من حدود وعقوبات.
ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (آل عمران 133) وقوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء 59) .
فهذه الآيات وغيرها جعلت طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - طاعة لله ومتممة لها، وأناطت الهدى والرشاد والرحمة باتباع سنته وهديه - صلى الله عليه وسلم -، ولا يكون ذلك مع عدم العمل بها وإنكارها والقول بعدم صحتها.
وإن ما تفوه به رشاد خليفة من إنكار السنة والقول بعدم الحاجة إليها كفر وردة عن الإسلام؛ لأن من أنكر السنة فقد أنكر الكتاب، ومن أنكرهما أو أحدهما فهو كافر بالإجماع، ولا يجوز التعامل معه وأمثاله، بل يجب هجره والتحذير من فتنته وبيان كفره وضلاله في كل مناسبة حتى يتوب إلى الله من ذلك توبة معلنة في الصحف السيارة، لقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة 159)
وقد ذكر الإمام السيوطي - رحمه الله - كفر من جحد السنة في كتابه المسمى (مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة) فقال: (اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديثُ النبي - صلى الله عليه وسلم - قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجةً كَفَرَ وخرجَ عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة) انتهى المقصود.
هذا ما أردت إيضاحه والتنبيه عليه من أمر هذا الرجل براءة للذمة ونصحا للأمة، وأسأل الله أن يهدينا وإياه صراطه المستقيم وأن يعصمنا وجميع إخواننا المسلمين من الضلال بعد الهدى ومن الكفر بعد الإيمان، كما أسأله تعالى أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويكبت أعداء شرعه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.