الدرس 118 دفع الرشوة للموظفين

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 2 محرم 1443هـ | عدد الزيارات: 417 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد

لا يجوز دفع الرشوة لأحد من المسئولين سواء كانوا قضاة أو أمراء أو لجانا تفصل بين الناس ، ولا شك أن ذلك حرام وأنه من كبائر الذنوب للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لعن الله الراشي والمرتشي والرائش " (ورد الحديث بروايات مختلفة ، فجاء بلفظ "لعنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الرَّاشي والمُرتَشي " عن عبد الله بن عمرو، وقد صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ، وجاء بلفظ " لعَنَ اللهُ الرَّاشِي والمرْتَشِي في الحُكْمِ" ، وقد ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب ، وجاء بلفظ " لعنَ اللهُ الآكِلَ والمُطْعِمَ يعني المرتشي والرائِشَ" وهذا أيضا ضعفه الألباني في إرواء الغليل).

* اعتقاد بعض الناس بوجود رجل شديد البياض والثياب ، ولا يرى عليه أثر السفر، يدعى الرجل الأخضر وأن هذا الرجل إذا أعطاك شيئاً تزيد بركة مالك ، وإذا نزل في متجر زاد ربحه ، هذا القول قول باطل لا أساس له وهذا الرجل لا وجود له ، ويدعي بعض الناس أن الخضر هو المقصود بهذا الرجل وهذا شيء لا صحة له ، فالخضر قد مات قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم بمدة على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهذه الخرافة التي ذكرتها كلها من وضع الشيطان لا أساس لها ، فينبغي أن تعلم ذلك ولا تغتر بأقوال هؤلاء المشعوذين .
* إذا ذبح وقصد أضحية في يوم العيد وأيام النحر عن أبيه أو جده أو غيرهما فلا بأس ، أو ذبح وقصد الصدقة عنهما على الفقراء في أي وقت فلا بأس ، لأن الصدقة تنفع الميت والحي باللحوم وغير اللحوم من النقود والطعام وغير ذلك ، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يتصدق لأمه بعد وفاتها أفلها أجر فقال : نعم ، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " .(جاء الحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة بهذا اللفظ "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له.")

لكن ليس له أن يخص يوماً معيناً أو شهراً معيناً بالذبح غير أيام النحر إلا إذا تحرى الأوقات الفاضلة كرمضان وتسع ذي الحجة ، فلا بأس وله أجر وللميت أجر على حسب إخلاصه لله وكسبه الطيب .

أما إذا أراد التقرب إليه كما يتقرب الذين يذبحون لأصحاب القبور أو الشمس أو القمر أو الجن فهذا شرك أكبر ، لأنه لا يجوز لأحد أن يتقرب إلى أحد بذبح أو نذر أو غيرهما من العبادات سوى الله سبحانه وتعالى لقول الله عز وجل " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " الأنعام 162 ، 163 ، ولقوله سبحانه وتعالى " إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر " الكوثر 1 ، 2 ، ولقوله عليه الصلاة والسلام " لَعَنَ اللَّهُ مَن ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ " رواه مسلم ، فالذبح للجن أو لأصحاب القبور أو غيرهما من المخلوقات كالأصنام والكواكب ونحوها يرجو الذابح شفاعتهم ، أو أنهم ينفعوا به أو يدفعون عنه مرضاً أو غيره منكر وشرك ، وهكذا من ذبح لجده أو لأبيه يعتقد فيه أنه ينفعه أو يشفي مريضه أو يقربه إلى الله بهذا الذبح فهو مثل من يذبح للشمس أو للقمر والنجوم كل ذلك شرك نسأل الله السلامة .

* لا ينبغي للمرء أن يدعو على أولاده بل ينبغي له أن يحذر ذلك لأنه قد يوافق ساعة الإجابة فينبغي له ألا يدعو عليهم ، وإذا كانوا صالحين كان الأمر أشد في تحريم الدعاء عليهم ، أما إذا كانوا مقصرين فينبغي أيضاً ألا يدعو عليهم ، بل يدعو لهم بالهداية والصلاح والتوفيق ، وجاءت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم تحذر المسلم من الدعاء على ولده أو على أهله أو على ماله لئلا يصادف ساعة الإجابة فيضر نفسه أو يضر أهله أو يضر ولده .
* سب الدين من أعظم الكبائر ومن أعظم المنكرات وهكذا سب الرب عز وجل ، وهذان الأمران من أعظم نواقض الإسلام ، ومن أسباب الردة عن الإسلام ، فإذا كان من سب الرب سبحانه أو سب الدين ينتسب للإسلام فإنه يكون مرتداً بذلك عن الإسلام ويكون كافراً يستتاب فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي أمر البلد بواسطة المحكمة الشرعية ، وقال بعض أهل العلم إنه لا يستتاب بل يقتل لأن جريمته عظيمة ، ولكن الأرجح أنه يستتاب لعل الله يمن عليه بالهداية فيلزم الحق ، ولكن ينبغي أن يعزر بالجلد والسجن حتى لا يعود لمثل هذه الجريمة العظيمة ، وهكذا لو سب القرآن أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وهكذا الاستهزاء بالله أو برسوله أو بالجنة أو بالنار أو بأوامر الله كالصلاة والزكاة ، فالاستهزاء بشيء من هذه الأمور من نواقض الإسلام ، قال الله سبحانه " قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " التوبة 65 ، 66 .
* لعب الورق (البلوت) والفائز يحصل على جائزة مائتي ريال مثلاً ، هذه اللعبة على الوجه المذكور حرام ، ومن القمار ، والقمار هو الميسر المذكور في قوله سبحانه " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " المائدة 90 ، 91 ، فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله ويحذر هذه اللعبة وغيرها من أنواع القمار ليفوز بالفلاح وحسن العاقبة ، والسلامة مما يترتب على هذه اللعبة من الشرور الكثيرة المذكورة في الآيتين .
* لا حرج في سماع ما يذاع من الراديو من القرآن الكريم ، أو الأحاديث المفيدة ، أو الأخبار المهمة ، وهكذا لا حرج فيما يسجل من القرآن الكريم ، أو الأحاديث المفيدة والنصائح ونحو ذلك ، وأنصح بالعناية بسماع إذاعة القرآن لما في ذلك من الفوائد العظيمة ، ولا حرج في استماع البرامج المفيدة كأقوال الصحف ونحوها التي تتخللها الموسيقا والاستفادة منها مع قفل المذياع عند بدء الموسيقا حتى تنتهي ، لأن الموسيقا من جملة آلات اللهو.
* سماع الأغاني والملاهي حرام في الإسلام كما قال الله عز وجل " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم " لقمان 6 ، ولهو الحديث قال أكثر العلماء : إنه الغناء ، ويضاف إليه أيضاً أصوات الملاهي كالطنبور والعود والكمان وشبه ذلك ، فهذه كلها تصد عن سبيل الله وتقسي القلوب وتنفرها من سماع القرآن الكريم ، وقد أخبرنا الرب عز وجل أن ذلك من أسباب الضلال والإضلال ومن أسباب الاستكبار والبعد عن سماع كتاب الله ، فالقلب إذا اعتاد سماع الأغاني ومشاهدة المغنين فإنه يقسو بذلك وتصده عن الحق إلا من رحم الله ، كما أنها تشغله عن طاعة الله ورسوله وعن سماع القرآن والمواعظ حتى قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ" رواه البخاري في صحيحه معلقاً مجزوماً به ، فأخبر أنه يكون في آخر الزمان قوم يستحلون المعازف وهي محرمة ، والمعازف: الأغاني وآلات اللهو .
* خمر الآخرة طيب ليس فيه إسكار ولا مضرة ولا أذى ، أما خمر الدنيا ففيه المضرة والإسكار والأذى ، أي أن خمر الآخرة ليس فيه غول ولا ينزف صاحبه وليس فيه ما يغتال العقول ولا ما يضر الأبدان ، أما خمر الدنيا فيضر العقول والأبدان جميعاً ، فكل الأضرار التي في خمر الدنيا منتفية عن خمر الآخرة .
* التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق وصدق فلا بأس به ولا سيما مع عدم الإكثار من ذلك ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً صلى الله عليه وسلم ، أما ما كان بالكذب فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له " أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد .(صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي عن معاوية بن حيدة القشيري بهذا اللفظ "ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ به القومَ فيكذبُ ويلٌ له ويلٌ له .")

* التفضيل بالقرابة والإسلام والجوار ثلاثة أنواع : جار له ثلاثة حقوق وهو الجار المسلم ذو الرحم ، فله حق الإسلام وحق الجوار وحق القرابة .
وجار له حقان وهو الجار المسلم ، أو القريب وليس مسلماً ، فله حق الإسلام وحق الجوار ، أو حق الجوار والقرابة إن كان غير مسلم .
وجار له حق واحد وهو الجار الكافر فله حق الجوار فقط .
والله ولي التوفيق

2 - 1 - 1443هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر