الدرس 117 العدل بين الأولاد

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 1 محرم 1443هـ | عدد الزيارات: 418 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

حديث " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " حديث صحيح رواه الشيخان عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أعطاه غلاماً فقالت أمه لا أرضى حتى يشهد رسول الله عليه الصلاة والسلام فذهب بشير بن سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما فعل فقال : أكل ولدك أعطيته مثل ما أعطيت النعمان ؟ فقال : لا ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " .(قلت: ورد الحديث في صحيح البخاري بهذا اللفظ "أَعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالَتْ عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ."وأخرجه مسلم باختلاف يسير)

فدل ذلك على أنه لا يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطايا أو تخصيص بعضهم بها فكلهم ولده وكلهم يرجى بره فلا يجوز أن يخص بعضهم بالعطية دون بعض ، واختلف العلماء رحمة الله عليهم هل يسوى بينهم ويكون الذكر كالأنثى أم يفضل الذكر على الأنثى كالميراث على قولين لأهل العلم ، والأرجح أن تكون العطية كالميراث وأن التسوية تكون بجعل الذكر كالأنثيين فإن هذا هو الذي جعله الله لهم في الميراث وهو سبحانه الحكم العدل ، فيكون المؤمن في عطيته لأولاده كذلك كما لو خلفه لهم بعد موته للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهكذا إذا أعطاهم في حال حياته يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين ، هذا هو العدل بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى أمهم وأبيهم .

* الأواني من الذهب والفضة محرمة بالنص والإجماع وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " متفق على صحته من حديث حذيفة رضي الله عنه ، (ورد الحديث بهذا اللفظ" ولا تَشْرَبوا في آنِيةِ الذَّهبِ والفِضَّة، ولا تأكلوا في صِحافِها؛ فإنَّها لهم في الدُّنيا، ولنا في الآخِرةِ"، رواه البخاري ومسلم واللفظ للأول)
فالذهب والفضة لا يجوز اتخاذهما أواني ، ولا الأكل ولا الشرب فيها ، وهكذا الوضوء والغسل ، هذا كله محرم بنص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، والواجب منع بيعها حتى لا يستعملها المسلم ، ولا يجوز أن يتخذ منها ملاعق ولا أكواب للقهوة أو الشاي كل هذا ممنوع لأنها نوع من الأواني . فالواجب على المؤمن أن يصرف المال في جهته الخيرية كمواساة الفقراء والمحاويج وفي تعمير المساجد والمدارس وفي إصلاح الطرقات وفي إصلاح القناطر وفي مساعدة المجاهدين والمهاجرين الفقراء وفي غير ذلك من وجوه الخير كقضاء دين المدينين العاجزين ، وتزويج من لا يستطيع الزواج كل هذه طرق خيرية يشرع الإنفاق فيها .

أما التلاعب بها في أواني الذهب والفضة أو ملاعق أو أكواب منها أو مواسير وأشباه ذلك كل هذا منكر يجب تركه والحذر منه ، ويجب على من له شأن في البلاد التي فيها هذا العمل من العلماء والأمراء إنكار ذلك وأن يحولوا بين المسرفين وبين هذا التلاعب .

* يجوز للرجل الذي تاب إلى الله عز وجل وعنده فيديو وأشرطة فيها أفلام خليعة أن يسجل فيها ما ينفعه ويمسح ما فيها من الباطل فيسجل فيها الطيب ويمحو الخبيث ، أما بيعها فلا يجوز وهي على حالتها الرديئة لأن ذلك يعتبر من التعاون على الإثم والعدوان.

* الاستوديو يصور الجائز والممنوع ، فإذا صوَّر فيه ما هو جائز من السيارات والطائرات والجبال وغيرها مما ليس فيه روح فلا بأس أن يبيع ذلك ويصور هذه الأشياء التي قد يحتاج إليها الناس وليس فيها روح ، أما تصوير ذوات الأرواح من بني الإنسان أو الدواب والطيور فلا يجوز إلا للضرورة كما لو صوَّر شيئاً مما يضطر إليه الناس كالتابعية التي يحتاجها الناس وتسمى حفيظة النفوس فلا بأس ، وهكذا جواز السفر والشهادة العلمية التي لا تحصل إلا بالصورة ، وهكذا تصوير المجرمين ليعرفوا ويتحرز من شرهم وهكذا أشباه ذلك مما تدعو إليه الضرورة لقول الله عز وجل في كتابه الكريم " وقد فصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه " الأنعام 119 ، والمقصود أنه لا يستعمل فيه إلا الشيء الجائز وإذا باعه على الناس فلا بأس ببيعه لأنه يستخدم في الطيب والخبيث ، مثل بيع الإنسان السيف والسكين وأشباههما مما يستعمل في الخير والشر ، والإثم على من استعملها في الشر لكن من علم أن المشتري للسكين أو السيف أو نحوهما يستعملها في الشر حَرُمَ بيعها عليه .

مَنْ تشارك مع رجل آخر في دكان لآلات التصوير وقد تاب ينهي الشراكة بالتقويم ويصطلح هو وإياه على القيمة التي يرضاها الشخصان جميعاً وما دخل عليه من ذلك فهو مباح له إلا إذا كان شيء من ذلك قيمة لتصوير ذوات الأرواح أو شيء من المحرمات الأخرى فلا يجوز له أكل ذلك بل عليه أن يتصدق به أو يصرفه في مشروع خيري .

* الرقى المنهي عنها هي الرقى التي فيها شرك ، أو توسل بغير الله ، أو ألفاظ مجهولة لا يُعرف معناها ، أما الرقى السليمة من ذلك فهي مشروعة ومن أعظم أسباب الشفاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً " (أخرجه مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي بهذا اللفظ" كُنَّا نَرْقِي في الجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَرَى في ذلكَ فَقالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ."وأخرجه أبو داود في سننه وسكت عنه بهذا اللفظ " اعرِضوا عليَّ رُقاكم، لا بأسَ بالرُّقى ما لم تكُنْ شِركًا").

أما تعليق الرقى على المرضى أو الأطفال فذلك لا يجوز ، وتسمى الرقى المعلقة (التمائم) وتسمى الحروز والجوامع ، والصواب فيها أنها محرمة ومن أنواع الشرك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلةَ شِركٌ " .(رواه أبو داود وصححه الألباني)
واختلف العلماء في التمائم إذا كانت من القرآن أو من الدعوات المباحة هل هي محرمة أم لا ؟ والصواب تحريمها لوجهين :
أحدهما : عموم الأحاديث المذكورة ، فإنها تعم التمائم من القرآن وغير القرآن .
والوجه الثاني : سد ذريعة الشرك فإنها إذا أبيحت التمائم من القرآن اختلطت بالتمائم الأخرى واشتبه الأمر وانفتح باب الشرك بتعليق التمائم كلها ومعلوم أن سد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي من أعظم القواعد الشرعية .

* إطالة الثوب حكمه التحريم في حق الرجال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار " رواه البخاري في صحيحه(رواه البخاري بلفظ " ... ففي النار") ، ولا يجوز أن يظن أن المنع من الإسبال مقيد بقصد الخيلاء لأن الرسول لم يقيد ذلك و ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه لما رأى شاباً يمس ثوبه الأرض قال له : " ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك " .(ورد الحديث في صحيح البخاري بهذا اللفظ" قال ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك.")، أما قوله لأبي بكر الصديق رضي الله عنه لما قال : " يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده ، فقال له صلى الله عليه وسلم:إنك لست ممن يفعله خيلاء"(صححه الألباني في صحيح أبي داود بهذا اللفظ "قالَ أبو بكرٍ: إنَّ أحدَ جانبَي إزاري يستَرخي ، إلَّا إنِّي لأتعاهدُ ذلِكَ منهُ ، قالَ: لستَ ممَّن يفعلُهُ خُيلاءَ") ، فمراده صلى الله عليه وسلم أن من يتعاهد ملابسه إذا استرخت حتى يرفعها لا يعد ممن يجر ثيابه خيلاء لكونه لم يسبلها ، وإنما قد تسترخي عليه فيرفعها ويتعاهدها ولا شك أن هذا معذور ، أما من يتعمد إرخاءها سواء كانت بشتاً أو سراويل أو إزاراً أو قميصاً فهو داخل في الوعيد وليس معذوراً في إسباله ملابسه ، فالواجب على كل مسلم أن يحذر الإسبال وأن يتقي الله في ذلك ، وألا تنزل ملابسه عن كعبه عملاً بهذا الحديث الصحيح ، وحذراً من غضب الله وعقابه ، والسنة أن يكون القميص ونحوه ما بين نصف الساق إلى الكعب عملاً بالأحاديث كلها .

والله ولي التوفيق

1 - 1 - 1443هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر