الدرس 203 الإجارة 7

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.

وبعد ؛

يقول المؤلف رحمه الله :" ويضمن المشتَرَكُ ماتلَفَ بفعله " ، المراد بـ(المشترك) يعني الأجير المشترك ، وهو الذي قدر نفعه بالعمل ويتقبل العمل من كل أحد كالغسال والخياط والسباك والكهربائي .

قوله :" ما تلف بفعله " ولو خطأ ؛ لأنه ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنهم ضمَّنوه مطلقا روي ذلك عن عمرَ بنِ الخطاب وعليِّ رضي الله عنهما ، ولأن العمل مضمون عليه لأنه قدر نفعه بالعمل فإذا أخطأ ولم يؤد العمل الذي هو مضمون عليه لزمه الضمان ، هذا على حد قول المؤلف ، والصحيح أنه لا ضمان مطلقا إذا لم يتعدَّ أو يفرط ، مثال ذلك: قال صاحب البيتِ للسباك اجعلْ مواسير الماء سعة متر حتى لا تتعرض للانسداد فجعلها نصف متر ليوفر له في المبلغ فيضمن لأنه فعل غيرَ ما أُذنَ له فيه وليس له أجرة الفعل وله أخذ المواسير وإعادة المبلغ.

قوله :" ولا يضمن ما تلف من حرزه أو بغير فعله ولا أجرة له " (ولا يضمن) أي الأجير المشترك ما تلف من حرزه مثال ذلك : رجل أعطى سيارته لصاحب الورشة لإصلاحها فأغلق عليها في ورشته وفي الليل جاء السراق فسرقوا جميع ما في الورشة ومن ضمن المسروق سيارته رغم الإغلاق التام للورشة فلا يضمن صاحبُ الورشة لأن التلف بغير فعله ولم يتعد ولم يفرّط فهو قد وضعها في حرزها ، ولو ترك السيارة خارج الورشة وفي الليل سرقت فيضمن لأن صاحبَ الورشة فرَّط ولم يدخلها داخل الورشة المغلقة ليلا .

قوله :" أو بغير فعله" لو احترقت الورشة ومن ضمنها سيارة فلان فلا يضمن لأنه لم يتعد ولم يفرّط.

قوله :" ولا أجرة له " المهندس في ورشة العمل استلم السيارة وأصلحها ثم احترقت الورشة بما فيها السيارة فيسقط حق الورشة في الاصلاح هذا على قول المؤلف ، والصحيح أن له الأجرة لأنه وفَّى بما استؤجر عليه من غير تعد ولا تفريط وقد قام بالعمل الذي عليه ، وإن ادَّعى صاحبُ السيارة أنه لم يصلحها حتى احترقت فالقولُ قولُهُ مع اليمين ؛لأن الأصل عدم الإصلاح .

قوله :" وتجب الأجرة بالعقد ": الأجرة هي العوض الذي اتفق عليه المتعاقدان وهو ما يصح عقد البيع عليه سواء كانت دراهم نقدا أو عينا أو منفعة ولهذا يجوز استئجار منفعة بمنفعة واستئجار عين بمنفعة أو استئجار عامل يعمل بمنفعة فتجب الأجرة بمجرد العقد للأجير فكما أن المستأجر ملك المنفعة بالعقد فالمؤجر يملك عوضها بالعقد.

قوله :" إن لم تؤجل" لأنها إذا أجلت فقد رضي كلا الطرفين ألا تجبَ إلا بعدَ تمام الأجل.

، مثل أن أقول : أجرتك مزرعتي هذه بخمسين ألف ريال تحل في شهر رمضان عام اثنين وأربعين ، فالأجرة الآن لم تجب لأن الطرفين اتفقا على أن تكون مؤجلة إلى شهر رمضان.

قوله :" وتستحق بتسليم العمل الذي في الذمة " أي وتستحق الأجرة سواء كانت معينة أو غير معينة بأمور منها: تسليم العمل الذي في الذمة فإذا استأجرت عاملا أن يبني لك جدارا فبناه فإنه يستحق الأجرة لأنه أدى ما عليه فاستحق ماله حالا .

الأمر الثاني : تسليم العين المؤجرة التي وقع عليها العقد إذا مضت المدة المحددة سواء انتفع بها المستأجر أم لا ، سواء كانت مزرعة أو دكان أو سيارة أجرة أو فرسا ليركبها .

قوله :" ومن تسلم عيناً بإجارة فاسدة وفرغت المدة لزمه أجرة المثل " لو عقد إنسان عقد إجارة فاسدة وتسلم العين ومضت المدة فإنه يلزمه أجرة المثل دون الأجرة التي وقع عليها العقد ؛ لأن الأجرة التي وقع عليها العقد أجرة فاسدة ؛ لعدم صحة العقد سواء كانت أجرةُ المثل أقلَّ مما وقع عليه العقد أو أكثرَ لأنه لما ارتفع العقد الفاسد ارتفعت جميع متعلقاته .

قوله :" بإجارة فاسدة " : تفسد الإجارة إما بفوات شرط أو وجود مانع مثال فوات الشرط : رجل استأجر من شخص حراً ليعمل عنده ومعلوم أن تأجير الحر لا يجوز كما جاء في الحديث :" رجل باع حرا فأكل ثمنه" رواه البخاري ، وكذلك لو أجره فأكل أجرته فهذا لا يحل فهذا العقد فيه كذب رجل محتاج لشخصٍ يعمل عنده في المزرعة فقال له شخص عندي لك غلامي هذا وهو حر ولا يعلم المستأجر بذلك بل يعتقد أنه مالك له أي عبد له فأجره بمائة ريال يوميا وبعد انتهاء العمل اكتشف أنه حر فعليه أجرة المثل ، أي يدفع له عن كل يوم مائتي ريال ، والصواب أن أجرة المثل على من غره إلا إذا كان دخل على بصيرة . فكل من تسلم عينا بإجارة فاسدة فإنه لا عبرة بما حصل عليه العقد ، تفسخ الإجارة ويرجع إلى أجرة المثل.

وبالله التوفيق .

1442/2/6 هـ