الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
لقد تميز ديننا الإسلامي الحنيف بميزات كثيرة في شتى مناحي الحياة ، ومن ذلك الاهتمام بصحة الإنسان منذ أن يخرج من بطن أمه حيث أوجب له على والديه تغذيته بالغذاء الحسي والمعنوي .
الرَّضاع لغة : بفتح الراء وكسرها والاسم من الإرضاع : وهو مص اللبن من الثدي .
وشرعا : مص أو شرب مَنْ دون الحولين لبنا نتج عن حمل .
ولا يكون الرضاع ناشرا للحرمة حتى يتوفر فيه ما يلي
1- أن تكون الرضعات خمسا فأكثر ، والدليل حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : أُنزل في القرآن " عشر رضعات معلومات يُحَرِّمن " فنسخ من ذلك خمسٌ ، وصار إلى خمس رضعات معلومات يُحرِّمن ، فتُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك " رواه مسلم .
والمرجع في معرفة الرضعة إلى العرف ، فإذا ارتضع الصبي ثم ترك الثدي باختياره كان ذلك رضعة ، فإذا عاد كانت رضعة ثانية .
2- أن يكون اللبن بسبب حمل نتج من نكاح صحيح .
3- أن يكون الرضاع في الحولين ، قال تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " البقرة 233 ، فجعل تمام الرضاعة حولين ، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم " لا يُحرِّم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام " رواه الترمذي وصححه الألباني .
أحكام الرضاعة :
إذا توفر ما سبق في الرضاع عُدَّ تحريم هذا الرضاع كتحريم النسب ، فالذي يتعلق به من أحكام حكمان فقط :
1- تحريم المناكحة ، وتكون كتحريم النكاح بسبب القرابة والرحم ، وقد عطف الله تعالى بتحريم النكاح بسبب الرضاع على التحريم بسبب القرابة حيث قال تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " النساء 23 .
كما جاءت السنة متممة ومفصلة قاعدة التحريم وهي : أن كل من يحرم نكاحهن من النسب يحرم من الرضاعة ، يوضحه حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الرضاعة تُحَرِّم ما تُحرِّم الولادة " رواه مسلم ، وفي لفظ للبخاري " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " .
2- ثبوت المحرمية ، وذلك بإباحة النظر إلى المرأة والخلوة معها والسفر بها ونحو ذلك ، لما روت عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفلح - أخي أبي القُعَيس - هل يدخل عليها ؟ وكانت امرأة أبي القعيس قد أرضعتها فقال " لِيلج عليك ، فإنه عمك من الرضاعة " رواه البخاري ومسلم .
الشك في الرضاع :
يقع الشك في الرضاع على وجهين :
1- الشك في وجود الرضاع من عدمه ، فتقول المرأة : لا أدري هل أرضعت فلانا أو لم أُرضعه .
2- الشك في عدد الرضعات المحرمة ، وهي خمس رضعات ، فتقول المرأة : لا أدري أرضعته أربعا أو خمسا
ويكفي في ثبوت الرضاع إخبار امرأة واحدة موثوقة أنها أرضعت فلانا ، إذ النساء في هذه الأمور أضبط من الرجال ، فعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز ، فأتته امرأة فقالت : إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج ، فقال لها عقبة : ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني ، فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كيف وقد قيل ؟ " ففارقها عقبة ، ونكحت زوجا غيره " رواه البخاري .
وبالله التوفيق
20 - 6 - 1441 هـ