الدرس 114 تأخر النكاح

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 20 ربيع الثاني 1441هـ | عدد الزيارات: 2254 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

حث الله تعالى على النكاح في عدة مواضع كقوله تعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " النساء 3 ، كما حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب على المبادرة إليه حيث قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. رواه البخاري ومسلم ، فكانت الوصية للشباب بالمبادرة إلى النكاح عند القدرة على مؤونته ومتطلباته لما في المبادرة إليه في هذا السن من المصالح والحكم العظيمة التي تعصم الشباب بإذن الله تعالى من الوقوع في المحرمات في وقت اكتمال الغريزة ونضجها وبناء على ذلك فإن التأخر عن الزواج مع القدرة عليه مخالفة للأمر النبوي كما أنه تعرُّض للانشغال بالنظر المحرم الذي يقود إلى ما لا تحمد عقباه من الأفعال الدنيئة والتصرفات المقيتة .

إنكار السلف على من ترك الزواج .

كان السلف رحمهم الله تعالى يشددون النكير على من ترك النكاح مع قدرته عليه كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي الزوائد " ما يمنعك عن النكاح إلا عجز أو فجور " أي أن الإنسان السويّ مفطور على الرغبة في النكاح في هذه المرحلة من عمره فلا ينصرف عنه أحد إلا إذا كان عاجزا عجزا حسِّيا أو معنويا إما لعدم رغبته في النساء وفقدان ذلك منه أو عدم قدرته على تكاليف الزواج ، أما إن كان قادرا على ذلك كله وامتنع فإنه يلام شرعا.

قال أبو بكر أحمد بن محمد المرُّوذي : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول " ليس العزوبة من أمر الإسلام في شيء ، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ثلاث عشرة امرأة ، ومات عن تسع ، ثم قال : لو كان بشر بن الحارث تزوج كان قد تم أمره كله ، لو ترك الناس النكاح لم يغزوا ولم يحجوا ولم يكن كذا ولم يكن كذا ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح وما عندهم شيء وكان يختار النكاح ويحث عليه وينهى عن التَّبتُّل ، فمن رغب عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو على غير الحق ويعقوب عليه السلام في حزنه قد تزوج ووُلد له ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال :" حُبِّبَ إلي منَ الدُّنيا ، النساءُ ، والطِّيبُ ، وجُعِلَ قرةُ عيني في الصلاةِ" صحيح النسائي للألباني.

قلت : فإن إبراهيم بن أدهم يُحكى عنه بأنه قال : لَرَوعة صاحب عيال ... فما قدرت أن أتم الحديث حتى صاح بي ، وقال : وقعنا في بُنيَّات الطريق ، انظر عافاك الله ما كان عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم قال : لبكاء الصبي بين يدي أبيه يطلب منه خبزا أفضل من كذا وكذا ، أنَّى يلحق المتعبدُ المتعزبُ المتزوجَ .

أسباب التأخر عن الزواج .

للتأخر عن الزواج أسباب عديدة منها ما هو سبب وجيه ومنها ما ليس كذلك ومنها ما يخص الشباب ومنها ما يخص الفتيات ومنها ما هو مشترك .

الموقف من التأخر عن الزواج .

لا شك أن التأخر عن الزواج بلا سبب وجيه ودون عذر شرعي مناف للنصوص المرغبة في النكاح والآمرة به والتي تبين آثاره الدينية والدنيوية ولذلك فإن على ولاة الأمر والعلماء والدعاة والمصلحين الحرص على تلافي انتشار تأخير الزواج وذلك بحث الشباب وآبائهم عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والخطب والمواعظ على المبادرة إلى الزواج وبيان مزايا الزواج المبكر والخطورة الشديدة في التأخر عن الزواج وبخاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن وتتابعت فيه المغريات التي قد لا يوجد عند الإنسان من قوة الإيمان ما يكبح به جماح نفسه .

وكذلك حث الأولياء على تسهيل تزويج مَوْلِيَّاتهم وعلى عدم التشدد في اشتراط الشروط في الخاطب المتقدم كغلاء المهر واشتراط دخل معين ووظيفة وجيهة ونحو ذلك وإنما الذي ينبغي الحرص عليه هو صلاح الزوج واستقامته وحسن دينه وخُلُقه ثم إن هذه الاشتراطات ليست في صالح المخطوبة وأهلها لأن الزوج عما قريب سيكون واحدا منهم .

وبالله التوفيق

1441-4-20هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 2 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي