صلاة الجمعة

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 8 صفر 1439هـ | عدد الزيارات: 1555 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين، شرع لعباده الجُمَعَ والجماعاتِ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم .

أما بعد؛

أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واشكروه على ما خصكم به من نعمه العظيمة التي من أعظمها يوم الجمعة الذي خص الله به هذه الأمة، وقد شرع فيه أداء شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهي صلاة الجمعة، وهذه الصلاة لها أحكام منها:

أن الله سبحانه شرع الاجتماع لها بأكبر عدد ممكن، فلا يجوز تعدد أمكنة إقامتها في البلد إلا عند عدم التمكن من إقامتها أو دعت الحاجة إلى تعدد الجوامع، وهي فرض عين، فتلزم كل مسلم ذكر بالغ عاقل مقيم .

وقد ورد الوعيد الشديد على من يتخلف عن صلاة الجمعة بغير عذر ، فعن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما " أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره : لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ." رواه مسلم، ولا تجب الجمعة على مسافر سفر قصر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون في الحج وغيره، فلم يصل أحد منهم الجمعة في السفر مع اجتماع الخلق الكثير، وإذا حضر المسافر الجمعة، وصلاها مع المقيمين أجزأته، وإذا نوى المسافر الإقامة في بلد إقامة تزيد على أربعة أيام وجبت عليه صلاة الجمعة، مع أهل ذلك البلد.

ومن أحكام صلاة الجمعة: استحباب التهيؤ لها قبل حضورها بالاغتسال والتطيب، ولبس أحسن الثياب، وتجميل الهيئة .

فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ، وتَطَهَّرَ بما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أوْ مَسَّ مِن طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى ما كُتِبَ له، ثُمَّ إذَا خَرَجَ الإمَامُ أنْصَتَ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى." رواه البخاري

ومن أحكام صلاة الجمعة: استحباب التبكير بالحضور لها في المسجد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "(من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" رواه البخاري ومسلم

ففي هذا الحديث الترغيب في التبكير لحضور صلاة الجمعة، لما يترتب على التبكير من تحصيل مكان في الصف الأول، والحصول على فضيلة انتظار الصلاة، وحصول الاشتغال بذكر الله بصلاة النافلة، وتلاوة القرآن، والتسبيح، والتهليل، والتكبير، والدعاء، وهذه الفضائل تفوت كلها على المتأخر

ومن أحكام صلاة الجمعة يشترط لها تقدم خطبتين.

واعلموا رحمكم الله أنه يجب على الحاضرين الإنصاتُ والاستماعُ للخطبة، ويحرم الكلام وقت إلقائها، كما يحرم العبث حال الخطبة ؛ لأن ذلك يشغل عن الاستماع لها، لقوله صلى الله عليه وسلم (من مس الحصا فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له) رواه الترمذي وصححه الألباني ، ومعنى: مس الحصا، أي: سوى الأرض بيده؛ لأن هذا من العبث الذي يشغل عن استماع الخطبة، ويذهب الخشوع.

ومن دخل المسجد والإمام يخطب فيستحب له أن يصلي ركعتين خفيفتين،قبل أن يجلس فقد "جَاءَ رَجُلٌ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: أصَلَّيْتَ يا فُلَانُ؟ قالَ: لَا، قالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ." أخرجه البخاري.

ومن أحكام صلاة الجمعة: أن من أدرك ركعة مع الإمام أتمها جمعة، وإن أدرك أقل من ذلك، فإنه يتمها ظهرا، لقوله صلى الله عليه وسلم (من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة ) رواه ابن حبان وصححه الأرناؤوط.

ومن أحكام صلاة الجمعة: لا راتبة لها قبلها، وراتبة الجمعة بعدها لما في صحيح مسلم "إذا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الجُمُعَةِ فَصَلُّوا أرْبَعًا " .فإن صلى الراتبة في البيت فيصلي ركعتين فعن نافعٍ قال: "كان ابنُ عُمرَ يُطيل الصلاةَ قبل الجُمُعة، ويُصلِّي بعدَها ركعتينِ في بيتِه، ويُحدِّثُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَفعَلُ ذلك" صحيح أبي داود للألباني.

ومن أحكام صلاة الجمعة: أنه يحرم البيع والشراء، بعد دخول الخطيب ويجب السعي إليها على من تلزمه بعد النداء الثاني، لقوله تعالى "يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " (الجمعة: 9)

ويحرم السفر بعد الزوال من يومها على من تلزمه حتى يصليها.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما.

أما بعد، أيها الناس:

اتقوا الله تعالى، وأطيعوه، وحافظوا على الصلوات، وعلى الجمع والجماعات، تنالوا من الله الأجر والكرامات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم.

هذا وصلوا وسلموا على نبينا محمد، كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) الأحزاب: 56

اللهم صل وسلم على نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا إلى ما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، وارزقه البطانة الصالحة، يا حي يا قيوم، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بشريعتك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم

" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار " البقرة 201

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.النحل:90.

فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم"ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون"العنكبوت45

1439-2-8 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي