الدرس 326: الأذكار

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 25 محرم 1439هـ | عدد الزيارات: 1291 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يشرع دعاء الله سبحانه وسؤاله بأي لفظ ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، سواء كان بالألفاظ الإنشائية الطلبية كأن تقول: اللهم اغفر لفلان. أو بالألفاظ الخبرية التي يتصورها الداعي، مثل أن تقول: رحم الله فلاناً أو غفر الله لفلان

والجلوس بعد صلاة الصبح للاشتغال بأذكار الصباح وقراءة القرآن من السنن التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها، ومما يساعد على ذلك العزم الأكيد والنوم في أول الليل مبكراً بعد صلاة العشاء، فذلك من هدي النبي صلى الله عليه وسلم

وكلما كان الإنسان حال الذكر وقراءة القرآن حاضر القلب متدبرا لما يقول متفكراً في معانيه فإن ذلك أحسن وأعظم أجراً وأكثر بركة وأقرب للإجابة، وأشد تأثيرا على النفس، ومنعها من المعاصي والآثام

والدعاء بـ (اللهم يسر ولا تعسر) جائز، ولا حرج فيه، واليسر والعسر كله بتقدير الله سبحانه، قال تعالى (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا) سورة النساء: 78

وأذكار المساء تبتدئ من زوال الشمس إلى غروبها، وفي أول الليل، وأذكار الصباح تبتدئ من طلوع الفجر إلى زوال الشمس، قال تعالى (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) طه: 130، وقال سبحانه (واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدو والآصال) الأعراف :205

والآصال جمع أصيل، وهو: ما بين العصر والمغرب

وقال سبحانه (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون) الروم: 17-18

ولا حرج على الإنسان أن يدعو الله أن يرزقه ولد ذكر، وقد حصل مثل ذلك من زكريا عليه السلام فاستجاب الله دعاءه

والذي يطرد الشيطان عن المسلم، ويمنع عنه شر الحسد هو ذكر الله تعالى، والاستعاذة بالله، وتلاوة القرآن الكريم، والأدعية الشرعية

ويشرع ذكر الله بالتكبير وغيره عندما يشب الحريق، وذلك مما يعين على إطفائه ودفع ضرره

والله سبحانه أمر بالاستعاذة به جل وعلا من همزات الشياطين ومن حضورهم في مسكن أو عند مطعم أو شرب أو منكح، فقال تعالى (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) المؤمنون: 97-98، وثبت أن من نزل منزلا فقال (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) لم يضره شيء حتى يرتحل، وثبت أن من قرأ آية الكرسي عند نومه لم يقربه شيطان حتى يصبح، وثبت أن من قال في يوم مائة مرة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) كانت له حرزاً من الشيطان يومه كله، وفي سنن الترمذي وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قل (قل هو الله أحد) ، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء. رواه الترمذي من حديث عبد الله بن خبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال حسن صحيح

وعليك بدعاء الله جل وعلا أن ييسر لك وفاء دينك، إذا كان عليك دين، فقد قال الله تعالى (ادعوني أستجب لكم) غافر: 60

وليس هناك أدعية مشروعة عند الاغتسال أو الوضوء إلا قول (باسم الله) عند الابتداء، وقول (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) عند الانتهاء

الأدعية الموضوعة للمذاكرة والنجاح والمنوعة لكل حالة تعرض للطالب أثناء المذاكرة أدعية مبتدعة، لم يرد في تخصيصها دليل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويجب ترك العمل بها، وعدم اعتقاد صحتها فيما ذكر، والدعاء عبادة لله، فلا يصح إلا بتوقيف، وينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يدعو الله بأن ييسر له أموره كلها، وأن يزيده علماً وفقها في الدين، وأن يلهمه الصواب، ويذكره ما نسي، ويعلمه ما جهل، ويوفقه لكل خير، ويذلل له كل صعب، دون أن يجعل لكل حالة دعاء مبتدعا يواظب عليه، وذلك أسلم له في دينه وأحرى أن يستجيب الله لدعائه، ويوفقه لكل خير، فالله سبحانه وتعالى وعد من دعاه بالإجابة والتوفيق للهداية والرشاد، وشرط لذلك الاستجابة لما شرع الله والإيمان به سبحانه، والاستقامة على دينه كما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة: 186

وليس فيه أدعية خاصة من قبل الوالدين ليكون أولادهما مسلمين أو أذكياء في الدراسة، وإنما يدعو لهم بالتوفيق والهداية ونحو ذلك من الأدعية المشروعة، ويتحرى الأوقات التي تستجاب فيها الدعوة، ويلح على الله في ذلك، ويحرص على أن يكون كسبه حلالاً، ويطعم أولاده حلالاً، ويكسيهم من الحلال؛ حتى يستجيب الله لدعائه، وأن يكون قدوة حسنة لأولاده، حتى يقتدوا به، وإن دعا بمثل قول الله تعالى (وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين) الأحقاف: 15، وقوله تعالى (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعينٍ واجعلنا للمتقين إماماً) الفرقان: 74 فذلك خير وحسن

والمشروع أن يرقى المريض بالرقية الشرعية، فقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم الرقية ما لم تكن شركاً، فيرقى المريض بمثل تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة وآية الكرسي، ونحو ذلك على المريض، وقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وإقراره لأصحابه، وكذلك يرقى المريض بالأذكار والدعوات النبوية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم مثل (اللهم أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما) متفق عليه، ومثل (أعيذك بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة) وقد أخرج أبو داود والترمذي بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه سبحانه وتعالى من ذلك المرض) ونحو ذلك مما ورد عنه صلى الله عليه وسلم

بعض الناس إذا سقط أو تعثر أتى بماء عادي أو مقروء فيه، ورشه على مكان سقوطه، وهذا غير جائز، والمشروع لمن سقط أن يقول (بسم الله) ولا يضره ذلك بإذن الله

الدعاء الجماعي بعد الطعام، لا أصل له في الشرع المطهر، فالواجب تركه؛ لأنه بدعة، والاكتفاء بما جاءت به السنة من الدعاء لصاحب الطعام بالبركة ونحو ذلك، كل شخص يقوله بمفرده، ومما جاء في السنة قول (اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم) وقول (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة)

لا يجوز استيراد الأجهزة التي بها أذكار؛ لأن ذكر الله عبادة بدنية، مطلوب من المسلم أن يقوم بها بنفسه، ولا يكتفى بسماعها من الأشرطة، ولأن هذا العمل يبعث على العبث في العبادة، ويكسل عن الطاعة

والله سبحانه أمر بالدعاء وحض عليه، ووعد بالإجابة، ولكن قد يؤخر الله الإجابة لحكمة يريدها، ومصلحة لعبده، وقد يعطيه الله خيرا مما طلب لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تؤجل له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك، قالوا: يا رسول الله: إذا نكثر، قال: الله أكثر) رواه البخاري في الأدب المفرد

وقد يكون المانع من الإجابة من ذات الداعي نفسه من كونه أتى في دعائه بإثم أو قطيعة رحم أو اعتداء في السؤال أو أكل حرام أو نحو ذلك، فينبغي للداعي أن يخلص لله في دعائه ويبتعد عن الأسباب التي تحول بينه وبين الإجابة، وأن يتحرى أوقات الإجابة، كثلث الليل الأخير، وبين الأذان والإقامة، ويوم الجمعة، فقد ورد أن فيها ساعة لا يوافقها عبد يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله إياه، وفي حالة السجود في الصلاة لحديث (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب، ودعوة الصائم والمسافر والوالد على ولده ونحو ذلك

فيشرع للمسلم أن يدعو الله تعالى، ويكثر من دعائه ويتضرع ويلح فيه فإن الدعاء هو العبادة

ويشرع للداعي أن يحسن الظن بربه ويرجوه الإجابة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1439/1/25 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي