ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 124: شروط البيع 5

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 3 رجب 1438هـ | عدد الزيارات: 1405 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الشرط السابع من شروط البيع وهو الأخير: أن يكون الثمن معلوماً للمتعاقدين لأنه أحد العوضين برؤية أو صفة أو عد أو وزن، وما أشبه ذلك، والفرق بين المبيع وبين الثمن، الثمن ما دخلت عليه الباء، فإذا قلت: بعت عليك ثوباً بدرهم فالثمن الدرهم، وإذا قال: بعت عليك درهماً بثوب فالثمن الثوب
فيشترط أن يكون الثمن معلوماً كما يشترط أن يكون المبيع معلوماً، والدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الغرر) أخرجه مسلم. ولأنه أحد العوضين، فاشترط فيه العلم كالعوض الآخر

قوله (فإن باعه برقمه) أي: بما كتب على السلعة من الثمن كما يفعل الناس في الأدوية مثلاً، فيصح البيع بالرقم إذا كان من قبل الدولة، فلو قال البائع عندما سأله المشتري: كم القيمة، قال: برقمها فنظر المشتري، وإذا هو مناسب فقال: قبلت صح البيع

قوله (أو بما ينقطع به السعر) قال: أبيعك بما يقف عليه في المساومة فإنه لا يصح، وهذا مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله، لأننا لا ندري هل يقف على ثمن كثير أو على ثمن قليل، وربما يأتي شخص يناجش فيرتفع الثمن، وربما يكون الحضور قليل فينقص الثمن، ولهذا لا يصح أن يبيعه بما ينقطع به السعر، وذلك لأن ما ينقطع به السعر مجهول، فالجهالة موجودة، ولهذا ينبغي ألا يباع بما ينقطع به السعر

قوله (أو بما باع به زيد وجهلاه أو أحدهما لم يصح) لأن بيع زيد مجهول، وهذا هو مذهب أحمد بن حنبل، لكن إذا كان زيد ممن يعتبر بتقديره الثمن فإن البيع بما يبيع به صحيح، فمثلاً: زيد مشهور في البلد معروف أنه هو الذي يعرف الأسعار، فقال البائع: أبيعك كما يبيع زيد، فهذا البيع صحيح، لأن هذا أوثق ما يكون، أي: اعتبار الناس بالرجل المشهور الذي قد نصب لبيع البضائع، أما إذا كان زيد من عامة الناس الذين لا يعرفون التجارة فلا يصح أن يقول: بعتك بما باع به زيد، لأن زيداً قد يغبن فيشتري بأقل أو بالعكس

قوله (وإن باع ثوباً أو صُبرة) والصبرة هي الكومة من الطعام، (أو قطيعاً) وهو الطائفة من الغنم، (كل ذراع) مراده يعود على الثوب، سواء كان الثوب مخيط أو غير مخيط مثل الإحرام قوله (أو قفيز) يعود على الصبرة، والقفيز نوع من المكاييل

قوله (أو شاة) يعود على القطيع

قوله (بدرهم صح) مثاله: إنسان عنده قطيع من الغنم، فقال: بعتك هذا القطيع كله، كل شاة بدرهم، صح، لأن المبيع معلوم، ومثل ذلك أيضاً إذا باع عليه الصبرة كلها كل قفيز أو صاع صح ذلك

قوله (وإن باع من الصبرة كل قفيز بدرهم صح ذلك) وهو نوع من المكاييل، ومن للتبعيض، أي أنه إذا باعه من القطيع كل شاة بدرهم أو من الثوب كل ذراع بدرهم أو من الصبرة كل قفيز بدرهم فإن البيع صحيح

قوله (أو بمئة درهم إلا دينار) لم يصح

قوله (وعكسه) بأن باعه بدينار إلا درهماً لم يصح، لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه، فإذا باعه بمائة درهم إلا درهماً، صح البيع، لأن المستثنى من جنس المستثنى منه، وبمئة درهم إلا دينار لا يصح، ولو قال: نقدر قيمة الدينار ونسقطه من الدراهم، فمثلاً بعدما يتم البيع نقول: كم يساوي الدينار؟ قال: يساوي عشرة دراهم فيكون البيع بتسعين لا يصح، لأننا نقدر قيمته فربما يكون أكثر أو أقل، لكن إذا كانت الدراهم والدنانير معلومة القيمة، لأنها مقررة من قبل الدولة، فالبيع صحيح لزوال الجهالة

الخلاصة: إذا استثنى أحد النقدين من الآخر فالبيع على المذهب غير صحيح، ونقيد ذلك بما إذا كانت القيمة قابلة للزيادة أو النقص، أما إذا كانت القيمة مقررة بحيث يكون كل عشرة دراهم بدينار فالاستثناء صحيح

قوله (أو باع معلوماً ومجهولاً يتعذر علمه ولم يقل كل منهما بكذا، لم يصح) فإن قال: كل منهما بكذا صح على قول المؤلف

مثاله: قال: بعتك هذه الناقة وما في بطن ناقة أخرى بألف درهم، فالثمن الآن معلوم، والمبيع بعضه معلوم وبعضه غير معلوم، يتعذر علمه الآن، لأنه حمل، فإن قال: كل منهما بكذا صح على قوله، بأن قال: بعتك هذه الناقة وما في بطن ناقة أخرى بألف درهم، فهذه الناقة بثمانمائة والحمل بمائتين يصح على قوله، لأن هذا ليس فيه جهالة، لكن الراجح أنه لا يصح، لأن الحمل لا يصح بيعه إلا تبعاً لأمه، فإذا قلت: هذه الناقة بثمانمئة والحمل بمئتين صار الآن مستقلاً فلا يصح بيعه، كما لا يصح بيع حمل الناقة الأخرى في المثال الأول وتبقى الأم بثمانمئة، وأيضا المجهول لا يمكن تقويمه، جعلنا للناقة ثمانمائة وللحمل بالأخرى مئتين فكيف نقيم مجهولاً إذ هو ما زال في بطن أمه
قوله (فإن لم يتعذر صح في المعلوم بقسطه) أي: إن لم يتعذر علم المجهول صح في المعلوم بقسطه، لأنه يمكن أن يقسط الثمن على المعلوم وعلى المجهول، ويعرف ثمن المعلوم

مثال ذلك: باع عليه السيارة الموجودة الآن هنا، وسيارة أخرى غائبة، فالسيارتان بخمسة عشرة ألف، فالسيارة الأخرى الغائبة مجهولة، فيصح في الحاضرة، والغائبة لا يصح فيها البيع، لأنها مجهولة، وكيف نقسط الثمن

نقدر كم قيمة الموجودة بين أيدينا، فإذا كانت: قيمتها عشرة، وقيمة الأخرى خمسة، نوزع الثمن أثلاثاً، ثلثاه للحاضرة، وثلثه للغائبة، ويؤخذ ثمن المعلوم الحاضر وذاك يسقط، لأنه لم يصح فيه البيع

قوله (ولو باع مشاعاً بينه وبين غيره) أي مشتركاً بينه وبين غيره

قوله (كعبد) وكسيارة، أو أرض، أو أي شيء يكون مشتركاً مشاعاً باعه جميعاً

فمثلاً هذه السيارة بيني وبين أخي فبعتها على إنسان كلها، فبيعي لملكي صحيح، وبيعي لملك أخي لا يصح، لأني لست وكيلاً، ولو قال المشتري: سأذهب بالسيارة إلى مكة، وقال الشريك الثاني: إذا سافرت عليها فيكون ذلك بنصف الأجرة، فللمشتري الخيار في هذه الحالة لأن تفريق الصفقة يضره

قوله (أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء) أي ليس مشاعاً كصاعين من بر، أحدهما لي، والثاني للآخر، خلطتهما ثم بعتهما، قال: صح في نصيبه بقسطه. أي: في الصاع الذي لي فقط

فإذا باع ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء بعضه له، وبعضه للآخر، صح البيع فيما هو له، ولم يصح البيع للآخر، لأن الآخر لا يملكه ولم يوكل فيه، وهذه المسألة الثانية من مسائل تفريق الصفقة

قوله (وإن باع عبده وعبد غيره بغير إذنه) فيصح في عبده، ولا يصح في عبد غيره، والفرق بين هذه وبين التي قبلها أن هذه ليس فيها اختلاط، وكذلك باع سيارته وسيارة غيره يصح في سيارته، ولا يصح في سيارة غيره

قوله (أو عبداً وحراً) الحر غير مملوك، فباع عبده وحراً بثمن واحد صفقة واحدة، يصح في عبده ولا يصح في الحر، لأن الحر لا يصح عقد البيع عليه

قوله (أو خلا وخمرا صفقة واحدة صح في خله) عنده الآن جرتان، إحداهما: خمر، والثانية: خل، فباعهما جميعاً، فيصح في الخل ولا يصح في الخمر، لأن الخمر ليس له قيمة شرعاً، فيقدر الخمر خلا، أي يقدر شراباً لم يتخمر، فلو كان خلا يساوي عشرة، والخل الذي معه يساوي خمسة، فنسقط من الثمن الثلثين

وكذا إذا باع عبده وحرا كيف نقوم الحر. قلنا يقدر أنه عبد مع عبده الذي باعه ولو كان الحر عبداً لكان يساوي ألفين وعبده يساوي ألفاً فنسقط من الثمن الثلثين

وبهذا انتهت شروط البيع، وتبين أن الشروط تدور على ثلاثة أشياء: الظلم، والربا، والغرر، فمن باع ما لا يملك فهذا من باب الظلم، ومن تعامل بالربا فهذا من باب الربا، ومن باع بالمجهول فهذا من باب الغرر

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

02-07-1438 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي