تفسير سورة الماعون

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 6 ربيع الأول 1436هـ | عدد الزيارات: 2319 القسم: تفسير القرآن الكريم -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد

سورة الماعون مكية وآياتها 7

بسم الله الرحمن الرحيم

أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ(1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)

قوله : أرأيت الذي يكذب بالدين: استفهام أريد به تشويق السامع إلى معرفة من سيق له الكلام ، والخطابُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والعبرةُ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والرؤية بمعنى المعرفة والفاء في قوله تعالى "فذلك الذي يدع اليتيم" جواب شرط محذوف على أن ذلك مبتدأ والموصول خبره والمعنى هل عرفت الذي يكذب بالبعث والجزاء فإنه الذي لا يؤمن بما جاءت به الرسل ، ومن صفاته أنه يدفع اليتيم دفعا عنيفا ويزجره زجرا قبيحا ولا يرحمه ؛ لقساوة قلبه لأنه لا يرجوا ثواباً ولا يخاف عقاباً ووضع اسم الإشارة المتعرض لوصف المشار إليه موضعَ الضمير للإشعار بعلة الحكم والتنبيه بما فيه من معنى البعد على بعد منزلته في الشر والفساد.واليتيم من مات أبوه قبل أن يبلغ وهو محل شفقة ورحمة ؛ لأن فاقد أبيه قلبه منكسر يحتاج إلى جابر.
ولا يحض: أي أهله وغيرَهم من الموسرين على طعام المسكين وإذا كان حال من ترك حثَّ غيرِه على ما ذكر فمن باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين .

وقوله تعالى "فويل للمصلين" أي المقيمين للصلاة ولكنهم "عن صلاتهم ساهون" أي مضيعون لها تاركون لوقتها مخلون بأركانها وهذا لعدم إهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة التي هي أمُّ الطاعات ، والسهوُ عن الصلاة هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوم ولهذا قال ابن عباس "الحمد لله أن الله قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم" لأن السهو في الصلاة يقع من كل أحد حتى من النبي صلى الله عليه وسلم، أما الذين يسهون عن صلاتهم فقد وصفهم الله بالرياء والقسوة وعدم الرحمة ؛ لأن ما ذكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين من دلائل التكذيب بالدين وموجبات الذم والتوبيخ فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون غافلون غيرُ مبالين بها ؛ لأنهم يصلون نفاقا ودليل ذلك أن الله وصف صلاتهم رياءً قال تعالى "الذين هم يراءون" أي يرون الناس أعمالهم ليروهم الثناء عليها والصفة الثالث من صفاتهم أنهم يمنعون العارية قال تعالى "ويمنعون الماعون" أي يمنعون إعطاء الشيء الذي لا يضر إعطائه على وجه العارية أو الهبة كالإناء والدلو والفأس ونحو ذلك مما جرت العادة ببذله والسماح به فهؤلاء لشدة حرصهم يمنعون الماعون فكيف بما هو أكثر منه ففي هذه السورة الحث على إطعام اليتيم والمسكين ومراعاة الصلاة والمحافظة عليها وعلى الإخلاص فيها وفي سائر الأعمال والحث على فعل المعروف وبذل الأموال الخفيفة كعالية الإناء والدلو والكتاب ونحو ذلك لأن الله ذم من لم يفعل ذلك .

جعلني الله وإياكم من المتعاونين فيما بيننا لمصلحة الإسلام والمسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس أنفعهم للناس صححه الألباني .

تم تفسير سورة الماعون ، ولله الحمد والمنة .

2 - 3 - 1436هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر