الدرس 179: باب ما جاء في كثرة الحلف 5

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول النبي صلى الله عليه وسلم:"ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ، يَنْذِرُونَ ولا يَفُونَ"

النذرلغة: التزام الشيء، وشرعا: التزام طاعة لله لم تكن واجبةً بأصل الشرع، وإنَّما تجب عليه بالنذر، ويجبُ عليه الوفاءُ بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :"مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ." أخرجه البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فالمسلم إذا نذر نذرا لله من صدقة أو صيام أو حج أو عمرة ، أو أي عبادة فإنه يجبُ عليه الوفاءُ به، وإلَّا كان عاصيًا، وتاركًا لواجبٍ يعاقبُ عليه، فالذين ينذرون ولا يُوفون يدل على ضعف إيمانهم، والوفاء بالنذر من صفات المؤمنين، والنذر لا ينبغي قال صلى الله عليه وسلم:" لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ." أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.أما نذر المعصية فلا يجوز الوفاء به وعليه كفارة يمين.

قوله صلى الله عليه وسلم :"ويَخُونُونَ ولا يُؤْتَمَنُونَ، " يدل على أن الخيانة قد غلبت على كثير منهم ، فهم يخونون أماناتهم وعهودهم إذا ائتمنوا على شيء من الأشياء ؛ لأنهم لا يحفظون الأمانة، والخيانة في الأمانة من صفات المنافقين، قال صلى الله عليه وسلم :"آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. "أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ، سواء كانت هذه الأمانة مالًا أو سرًا من الأسرار، أو عملًا من الأعمال كموظف وكِّلَ إليه أن يقوم بعمل فخان فيه، أو مقاول تعهد بإقامة عمل فخان فيه.

قوله صلى الله عليه وسلم:"ويَشْهَدُونَ ولا يُسْتَشْهَدُونَ" أي يشهدون دون أن تطلب منهم الشهادة، وهذا لا ستخفافهم بها؛ لقلة أمانتهم ، وهذا نقص في التوحيد، والشاهد الحق لا يشهد إلا إذا طلبت منه الشهادة واحتيج إليها فحينئذ يشهد .

قوله صلى الله عليه وسلم:"ويَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ."أي سمن الأجسام بكثرة الغفلة والإغراق في النعيم والشهوات، ولا يلزم أن يكون كل سمين متوعدا وسيئًا، بل قد يكون منهم الصالحون

وبالله التوفيق

1435/6/1هـ