الدرس 285 في وجوب احترام نعم الله

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1490 القسم: الفوائد الكتابية

أحبتي: بين أيديكم نعم كثيرة، أنتم محاسبون عليها ومسؤولون عن شكرها فأحسنوا التصرف فيها تكون عوناً لكم على طاعة الله، ولا تسيؤوا في استعمالها تكن استدراجاً لكم من حيث لا تعلمون فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخشى على أمته الفقر وإنما يخشى عليها من الغنى أن تبسط عليها الدنيا كما بسطت على من كان قبلها من الأمم فيحصل التنافس والهلاك ونخشى أن نكون اليوم قد وقعنا فيما تخوفه الرسول صلى الله عليه وسلم علينا فقد بسطت علينا نعم الله كثيرة وأساء الكثير منا استعمالها وتفاخروا في الإسراف فيها وإنفاقها في غير وجوهها

لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على احترام الطعام وتوقير النعمة وعدم إهدارها فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعيب طعاماً قط بل إن اشتهاه أكله وإلا تركه، وعن أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق فقال "لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها" متفق عليه

فقد بين صلى الله عليه وسلم أنه لو لا المانع لأكل هذه التمرة ولم يتركها تذهب وتفسد وهذا مما يدل على اهتمامه صلى الله عليه وسلم بشأن النعمة وحفظها من الإهدار

وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان" رواه مسلم

وأمر صلى الله عليه وسلم بلعق الأصابع والصحفة وقال: "إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة" رواه مسلم

كل هذا من حفظ النعمة وتوقيرها وتوفيرها عن الضياع وابتعاداً عن التكبر وإذا قارنت بين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وبين ما عليه غالب الناس اليوم من امتهان للنعمة وإسراف في عمل الأطعمة وإهدارها تبين لك الفرق العظيم، وخِفْت على الناس من العقوبة العاجلة، فترى كثيراً من الناس في حفلات الزواج وغيرها يضعون الولائم الكبيرة من الأطعمة واللحوم، ثم لا يؤكل منها إلا القليل، وأكثرها يهدر ويلقى في المزابل وينتج عن ذلك مفسدتان عظيمتان

الأولى: مفسدة الإسراف وإفساد المال وقد قال الله تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" وقال تعالى "وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً" (الإسراء 27)

والمفسدة الثانية: أن في هذه الولائم إهانة النعمة وإلقاءها مع القاذورات، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى رفع كسرة الخبز وأخذ التمرة من الطريق وأمر بأخذ اللقمة إذا سقطت وإزالة ما عليها من الأذى ثم أكلها، وأمر بلعق الأصابع ولعق الصحفة؛ لئلا يضيع شيء من نعم الله أو يمتهن فكيف بالذي يهدر الأكوام من الطعام واللحوم وقد يلقيها مع الزبالة إنها لجريمة عظيمة ومنكر ظاهر تخشى عواقبه الوخيمة ثم هذه الذبائح الكثيرة التي تذبح في هذه الولائم من أجل الأكل لأن ذابحها يعلم أنها لن تؤكل، وإنما يذبحها للرياء والسمعة والتفاخر وهي جريمة أخرى تذهب فيها الحيوانات هدراً، والحيوان المباح لا يجوز ذبحه إلا للحاجة لأكله؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً "ما من إنسان يقتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها قال يا رسول الله، وما حقها قال يذبحها ويأكلها ولا يقطع رأسها ويطرحها" وفي حديث آخر "من قتل عصفوراً عبثاً عج إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلاناً قتلني عبثاً ولم يقتلني منفعة" رواه الشافعي وأحمد والنسائي

جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون الله فيتبعون أحسنه

وبالله التوفيق

1435-5-3 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 7 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي