حلق اللحى

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 28 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 2542 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وزوجاته وسلم تسليماً.

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله تعالى واحذروا المعاصي فإنها تزيل النعم . ومن هذه المعاصي حلقُ اللحى، فقد كان الناس في الماضي ينكرون على الحليق، والحليقُ نفسُه يعرف في قرارة نفسه أنه على غير صواب أما اليوم، فقد كثر حليقو الوجه، ولكنَّ كثرة ذلك لا يدل على حِلِّه، ولا يمنع من الإنكار على من فعله، من باب النصح والإرشاد.

عباد الله، الواجب أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا لا ما يفعله الناس فهل كان الرسول صلى الله عليه و سلم أو أحدُ من الصحابة أو التابعون أو الأئمةُ يحلقون لِحاهم، فالجواب حاشَ لله أن يكون ذلك فكون الناس يقلد بعضهم بعضاً فهذا خطأ كبير فيجب أن يكون كل واحد منا له عقل مبني على تربية الإسلام فأي قضية تعرض لنا يجب أن نعرضها على الإسلام فما أقره الإسلام عملناه وما أنكره ابتعدنا عنه وإياكم والانهزامَ النفسيَّ ومحاولة تقليد الكفرة وهذا ما يعانيه الكثير من المسلمين مع الأسف الشديد فكأن المسلمين يستمدون تعاليمهم من الغرب الكافر لا من الشريعة الإسلامية، وإنني أقولها لكم صريحة من هذا المكان: لو أنَّ الكفارَ أرخوا لحاهم لأرخى المسلمون لحاهم.

عباد الله: يجدر بنا أن نتمسك بعقيدتنا بكل عزيمة إننا إذا ابتعدنا عن ديننا خسرنا الدنيا والآخرة فنعيش في الدنيا أذلاء صاغرين وفي الآخرة لجهنم داخلين، نعوذ بالله منها ومن لفحاتها، أليس الأولى بنا أن نقف ساعة نحاسب فيها أنفسنا.

عباد الله: أحب أن أنبه على أمرين:

الأمر الأول: إحفاء الشارب في قوله صلى الله عليه وسلم "أحفوا الشوارب واعفوا اللحى"رواه مسلم. المراد بإحفاء الشارب هو قصه لا حلقه والدليل على ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قصوا الشوارب وأرخوا اللحى" وفي صحيح مسلم عن أنس قال "وقَّت لنا النبي صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظفار أن لا نترك أكثر من أربعين يوماً".

الأمر الثاني: هو أنه درج الكثير من الناس على حلق خديه وهما العارضين وترك الذقن فقط وذلك إما جهلاً بالحكم ظناً أن المراد هو الذقن فقط دون العارضين أو متعمداً فكلاهما آثم بفعله فالجاهل لا يعذر بجهله لأن الواجب عليه أن يسأل أهل الذكر إن كان لا يعلم، أما المتعمد فذنبه أعظم والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابةَ ما كانوا يحلقون العارضين روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية " وعن أنس " كانت لحيته قد ملأت من ههنا إلى ههنا وأمرَّ يدَه على عارضيه "حسنه الألباني.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحيكم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب"رواه البخاري. وفي صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "أمرنا بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية" وله عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى" ومعنى جزوا قصوا وأرخوا أي أطيلوا وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أَعْفوا الِّلحَى، وجُزُّوا الشَّوارِبَ، و غيِّروا شَيْبَكم، ولا تَشَبِّهوا باليهودِ و النَّصارى " صحيح الجامع للألباني

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يحرم حلق اللحية ، وقال القرطبي: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قصها وحكى أبو محمد بن حزم: الاجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بحديث ابن عمر " خالفوا المشركين أحفوا الشوارب واعفوا اللحى " رواه البخاري ومسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"مخالفتهم أمر مقصود للشارع يريد اليهود والنصارى"، والمشابهة في الظاهر تورث مودةً ومحبةً وموالاة في الباطن كما أن المحبة تورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة قال:" ومشابهتهم فيما ليس من شرعنا يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر وقد يصير كفراً بحسب الأدلة الشرعية".

عباد الله: اللحية زينة الرجال، ومن تمام الخَلْق، وبها ميَّز الله الرجال من النساء، ومن علامات الكمال، وحلقها من المنكرات، وهناك فئة من الناس مع الأسف أمرهم الله بالتأسي برسوله صلى الله عليه وسلم فخالفوه وعصوه وتأسوا بالمجوس والكفرة وقد قال صلى الله عليه وسلم أعفوا اللحى فعصوه وعمدوا إلى لحاهم فحلقوها وأمرهم بقص الشوارب فأطالوها فعكسوا القضية وعصوا الله جهاراً بتشويه ما جمَّل اللهُ به أشرفَ شيء من بني آدم وأجملَهُ " أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ " (فاطر 8)

اللهم اهدنا إلى جادة الطريق ، والالتزام بنهج النبي صلى الله عليه وسلم ، اللهم اغفرلنا ما قدمنا وما أخرنا وما أنت به أعلم منَّا، اللهم وفِّقْ وليَّ أمرنا ووليَّ عهده لما تحب وترضى، واحفظنا وأهلنا وديارنا من كل سوء."ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ" (الحشر 10)

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1435-3-28هـ

ملحوظة : ألقيت هذه الخطبة لأول مرة عام 1401هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي