ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الحث على الحج والترغيب فيه

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 22 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 6430 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي ندبنا إلى حج بيته الحرام، و شوّقنا إليه بالآيات القرآنية و أحاديث سيد الأنام، ثم جعله ركنا أساسيا من أركان الإسلام فهو على الغني المستطيع فريضة كفريضة الصلاة و الصيام، فمن أجاب داعي الله إليه فقد فاز بالأجر العظيم و مغفرة الآثام، و من أعرض فقد فاته الخير و الوقوف بين يدي الملك العلام، في أشرف مقام قال تعالى "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا و من كفر فإنّ الله غنيّ عن العالمين" آل عمران:97. نحمده تعالى وهو القائل "وأتمّوا الحج و العمرة لله"البقرة :196 ، ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وهو القائل "إنّ الصفا والمروة من شعائر الله"البقرة:158. و نشهد أنّ نبينا محمدا عبده و رسوله فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد بن عبد الله أفضل قانت و أواه و خير من تقرب إلى الله بالحج و العمرة و الصلاة و الإنفاق في سبيل الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان ما عظم الحاج ربه بالتكبير و لباه فقال تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلّقين رؤوسكم ومقصّرين .الفتح:27.

عباد الله: لقد فرض الله عليكم الحج و العمرة إذا إستطعتم الزاد و الراحلة، و دعاكم إلى ضيافته في البيت العتيق حيث تنزل رحماته الشاملة و تتتابع بركاته النازلة، و قال لإبراهيم عليه السلام بعد أن فرغ من بناء الكعبة التي يؤمها الناس للفريضة و النافلة: وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر يأتين من كل فج عميق.الحج:27، و كان العرب قبل الإسلام يعظّمون البيت و يحجّونه و يتقرّبون إلى الله عنده بأعمالهم الباطلة، فأرشدنا القرآن في مناسك الحج إلى الطريقة المستقيمة و حذّرنا من الطريقة المائلة، و من ذلك قوله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم و إن كنتم من قبله لمن الضالين.البقرة:198.

فبادروا أيها المسلمون إلى حج بيت الله قبل أن تعرض لكم العوارض وتمنعكم الموانع وجودوا بأموالكم في أداء هذه الفريضة ومهما تنفقوا من الخير فإنه لكم محفوظ وليس عند الله بضائع وكونوا من الذين قال فيهم الخليل عليه السلام: فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم.إبراهيم:37. وعساه يدفعكم إلى باب ربكم الكريم هذا الدافع وسيروا إلى الله عرجاً ومكاسير ولا تنتظروا الصحة فإن انتظار الصحة بطالة ونعم المسير إلى تلكم المرابع وكونوا من الطائفين والعاكفين والركع السجود

واعلموا أن الصلاة في حدود الحرم بمائة ألف صلاة لأنه حرم الله ومقر كل طائع ومهبط الوحي وحدود الحرم يشمل منى ومزدلفة والغسالة وجزء من العزيزية والشرائع " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله"البقرة:197. وبادروا بالحج في هذا العام واحذروا الرفث والفسوق والآثام ففي الحديث "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"رواه مسلم. وفيه أيضاً "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " رواه البخاري ومسلم . واعلموا أنه لا يمنع الزوج زوجته من حج فرض كملت شروطه كبقية الواجبات ويستحب لها استئذانه وإن كان غائباً كتبت له فإن أذن لها وإلا حجت بمحرم وإن لم تكمل الشروط فله منعها وإن أيست من المحرم استنابت من يفعل النسك عنها وإن حجت امرأة بدون محرم حرم وأجزأ وإن مات محرمها الذي سافرت معه بالطريق مضت في حجها ولم تصر محصره

ومن حج عن غيره وهو لم يحج فرضه وقع حجه لنفسه

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده رسوله

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله، واعلموا أن من عزم على الحج فعليه عدة أمور :

أولا: التوبة النصوح من كل المعاصي والمكروهات وأن يجتهد في الخروج من حقوق الخلق مالية أو أدبية فإن كانت مالية ردها إلى أصحابها أو رد بدلها إن تلفت فإن فقد المستحق وتعذر ذلك تصدق بها على الفقراء بنية الغرم إذا وجد صاحبها وإن كانت الحقوق أدبية كغيبة فكفارتها أن يتحلل منه ويطلب منه العفو وليجتهد في قضاء ما أمكنه من ديونه ويرد ما كان عنده من وديعة أو عارية وأداء حقوق الله من زكاة وكفارة ويكتب وصيته إن كانت ما كتبت أو يجددها إن تغير عن فكرته الأولى ويشهد عليها ويترك لأهله ومن تلزمه نفقته نفقتهم إلى حين رجوعه فلو كان عليه دين حال وهو موسر فلصاحب الدين منعه من الخروج وحبسه وإن كان معسراً لم يملك صاحب الدين مطالبته وله السفر

ثانيا: أن يجتهد في رضا والديه ومن يتوجب عليه بره وطاعته وينبغي أن يسترضي أقاربه إن كان بينه وبينهم شيء وإن منعه أحد الوالدين فإن كان منعه من حَجة الإسلام لم يلتفت إلى منعه وحج أما النفل في الحج فلهما ذلك كنفل الجهاد.

ثالثاً: أن يستكثر من النفقة والزاد ليواسي منه المحتاجين ويحرص أن يكون زاده طيباً حلالاً لا شبهة فيه

رابعاً: أن يحصل على كتاب مفيد يوضح أحكام المناسك ككتاب الإيضاح للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

خامساً: أن يجتهد في الحصول على الرفقاء الأتقياء الصالحين وليحذر من مصاحبة الجهال والسفهاء والكذابين والنمامين والمجاهرين بالمعاصي قولاً وفعلاً

ويستحب له أن يكون سفره يوم الخميس وأن يخرج مبكراً ويستحب إذا أراد الخروج من منزله أن يصلي ركعتين يقرأ فيهما بعد الفاتحة بقل يا أيها الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص ويستحب أن يقول بعد الركعتين : اللهم أنت الصاحبُ في السفر والخليفة في الأهل والمال ويدعوا بحضور قلب وإخلاص بما تيسر من أمور الدنيا والآخرة.

وينبغي أن يودع أهله وجيرانه وأن يودعوه ويقول كل منهما للآخر: استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت

ويستحب إذا أراد الخروج من بيته أن يقول: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا أراد الركوب أن يقول: باسم الله ، وإذا ركب قال: الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال اللهم إني أعود بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال.

هذا ، وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه :"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "(الأحزاب56) ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، ووفق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى، اللهم يسر لنا حج بيتك واصرف عنا الصوارف، "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "(البقرة201)، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

22 - 3 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي